1. وداع

33 9 12
                                    

الفصل الأول
وداع

"فِراق"

على تلٍ أخضر واسع، تَهب نَسمات الهواء اللطيفة مداعبةً الحشائش الموجودة في فناء بيتهاٍ الريفيٍ الخشبيٍ الصغير، ذلك البيت الذي جمعني مع أحب الناس إلى قلبي، كما اعتدنا قضاء وقت الغسق في الفناء نتسامر معًا تحت سماء الغروب الحمراء، ها هي الشمس قد شارفت على الوداع، وقد صبغت السماء بلونها الأحمر الآخاذ، وكأنها ترسل وداعها للجميع، آملةً في لقاء يوم جديد.

أقف أمامها والكلامات تعجز عن الخروج من قلبي قبل فمي، لا أدري أجمالها سبب عجزي أم أن شوقي وحزني هما السبب، لطالما كانت تبعث بذلك الشعور القوي في تشتيت ذهني وأفكاري.

يرفرف شعرها الأحمر المموج أمامي، وكأنه يتوسل إليَّ كي لا أترك زوجتي وأول مولود لي، عينها تلك التي تأسرني في جمالها، لطالما امتلكت عينها الحمراوتان كلمات خاب فمها عن نطقها، أرى الحزن يُخيم عليها ويخفي لمعتها البراقة، إلا أنها مازلت تحتفظ بهالتها الفريدة التي أعجز عن وصفها، فتارة تكون هادئة وكأن السماء خلقت؛ لتكون لها ثوبًا من الصفاء والنقاء، وتارة تحمل عبئًا لا يستطيع حمله أحد، وكأن البحر بعمقه وظلامه لا يساوي شيئا في عمق الألم والحزن في عينها، لا أدري أحقًا الحب أعمى؟ لا توجد لدي إجابة.

لا أدري ماذا أقول، أقف أمامها ولساني عاجز عن الكلام، أرجو أن تكون عيني قد تكفلت بما يدور في قلبي.

- ... : "هل سيطول سفرك هذه المرة؟ ألكس؟

قاطعت شرودي كعادتها، لكن كلماتها وكأنها سكاكين تُقطع في فؤادي.

- ألكس: "بالتأكيد لا يا عزيزتي ماري. "
ها أنا أحاول تلطيف الأجواء بيننا، لكن هيهات أن تحلو أوقات الفراق، خاصة بين المحبين، فخيرًا لهم أن تقتلهم على أن تفرق بينهم.

- ماري: "أنت حقًا لا تُصَدق، أنت لم تَمكث هنا ثلاثة أشهر كاملة."

- ألكس: "لكنني كنت موجودًا بجانبك إلى أن استقر وضعك."

عقدت "مارى" حاجبيها، وأرسلت نظرها إلى طفلي الذي كانت تحمله في دفء وحنان، كانت تضعه في غطاء بني، مما جعل بشرته البيضاء تبرز بشكل جميل، وشفتاه الصغيرتان، كم كانت تتلائم مع وجنتاه الزهريتان بشكل بديه، بالإضافة إلى انعكاس ضوء الشمس الأحمر على وجه فجعله وكأنه حزين على فراقي.

- ماري: "يا لك من أبٍ سيئ، هل ستتركنا هكذا ؟"

- ألكس: "لا تقلقي لن أغيب عنكم كثيرًا، فأنا أريد لطفلي أن يكبر أمام عيني."
احتضنت زوجتي بهدوء محاولة مني تهدئة قلبها الذي يرتجف من الآلم، وضعت يدي على رأسها لأربت على شعرها، وما لبثت حتى شعرت بدقات قلبها المتسارعة، وشعرت بأنفاسها تكافح عبراتها من الخروج من مقلتيها.

- ماري : "ألم تَمل من رؤية البحر؟"

ابتسمت ابتسامة هادئة وحزينة.
- ألكس: "أنا لا أسافر لأني أحب رؤية البحر، وأنت تعلمين ذلك."

Blood Revenge - انتقام الدماءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن