بصيص أمل

2.3K 80 18
                                    

كلما سقطتُ في حلمي أجده يحملني بين يديه نمشي في حقل للزهور عطره الزاخر يملئ ارجائي ،صوته الذي يطرق على قلبي الأبواب ويقرع في رأسي الاسئله
كان وقوفه امامي أشبه بمعجزه كونيه أتأمل تفاصيل وجهه ما زلتُ اذكر ميلان قميصه اذكر شعره المبعثر وارتجاف عينيه اذكر الدفء في راحه كفيه أذكر عطره وابتسامته الباهتة
صوته الذي ترنح على قلبي فأسقطني من بين يدي الوعي فقدت الوعي نعم تفاصيله تقتلني والاسوأ من ذلك اني لا اموت استيقظ والدموع تنهمر من عيوني اشتاق اليه اكاد افقد نفسي اكثر وأكثر زمام الأمور تفلت من يدي على غير عاده وكل الأشياء حولي تبدو ضبابية الرؤيه يغشوها الرماد ويدمسها السواد .
بقيت في المشفى فكره الموت بقت في بالي لم يقبل الطبيب ان اخرج حتى لا أؤذي نفسي وكان جسدي في حاله يرثى لها لأَنِّي لا أكل فقدت اي أمل بالبقاء الوحدة صعبه ومؤلمه على الرغم من ان انجي لم تتركني الا ان حيّز الوحدة بداخلي شاسع كنت اشعر بالندم لأَنِّي لم اصارح هارو عن مشاعري الا قبل موته أظن بأني كنت خائفة ان انطق هذه الكلمه مره اخرى التجربة الأولى جعلت قلبي مليء بالشك كنت أنانيه لا اعلم كيف سوف أسامح نفسي انا السبب في جعله يموت ،ما اصعب تأنيب الضمير سم يتغلغل في أحشائي
دكتور فرانك كان يقوم بجلسات للمعالجة شخص حالتي بالكآبة الحاده يكتفي بطمأنتي والإنصات لي رغم قله كلامي
كان يوم مشمس وجالسه في الحديقه نادتني الممرضه : لديكِ زائر
استدرت فوجدت خالتي تفاجأت جداً تقدمت نحوي كانت تحمل معها سله فواكه وضعتها على الارض ثم حضنتني بقوه : آه يا عزيزتي انا أسفه
نورا: لا يوجد داعي للأسف ما الذي جعلكِ تأتين لرؤيتي
الخاله: لقد مررت على المطعم وعلمت ما جرى من العمال وأخبروني ان مستر ديفيد بالسجن الان حين علمت بعنوان المستشفى جئت مسرعه قلقت عَلَيْكِ
نورا: لستُ بحاجة لقلقكِ لقد مرت اكثر من سنه منذ ان طردني زوجك
الخاله: لقد كنّت اعرف اخبارك من السيدة ساندرا كنت مطمئنة من حقكِ ان تعامليني بهذه ألطريقه لكن لتعلمي اني احبكِ
نورا: حسناً ها قد رأيتني اذهبي الان لست بحاجة الى اي احد اتركوني وشأني ( بدأت بالصراخ والبكاءً)
ذهبت خالتي وتركت السله ومعها رساله تقول فيها انها سترحل الى الريف ودونت العنوان وتركت لي البعض من المال لمتُ نفسي قليلاً على تصرفي الفظ معها ،قررت ان اعتذر اليها لاحقاً
دخل دكتور فرانك الى غرفتي كان شاب في الثلاثينيات يلبس نظاره طبيه عيونه واسعه بنيه اللون طويل ومتوسط البنيه شخص لطيف ويحبه معظم المرضى لا يكف عن المزاح والضحك عندما تراه لا يسعك سوى ان تتفائل
د.فرانك: يا لها من سله فواكه جميله
نورا: ما رأيك ان تأخذها
د.فرانك: لا ما رأيك ان نأكل البعض انا وانتِ
نورا: لا اريد ان اكل
د. فرانك: لا يمكنكِ الرفض هيا نورا القليل من الفاكهة لن تؤذي
نورا: حسناً القليل فقط
( لا أعلم لما لا أستطيع قول لا لَهُ في عينيه تأثير قوي بالأقناع لطالما كنت انظر للعيون أولاً في كل شخص فهي المرأه التي تعكس كل شئ مع الأيام توطدت علاقتي مع د.فرانك كان يجبرني على الاكل صحتي تحسنت تدريجياً كنت أكلمه عن ما يجول في خاطري فأحس ان عبئاً ثقيلاً قد انزاح عني
د. فرانك: أنتِ شابه رائعه نورا رغم مقدار الألم الذي عشتيهِ الا ان الابتسامه ما زالت مرسومه على وجهكِ احيي هذه الشجاعه
نورا: لك الفضل في رسم هذه الابتسامه
د. فرانك:أتمنى حين تخرجين من هنا ان تعودي للدراسه بهذا سوف تشغلين وقتكِ اكثر
نورا: أتمنى ذلك
د.فرانك:سوف أكلم دكتور هامبتون بخصوص عملكِ هنا في المشفى تستطيعين العمل والمبيت هنا والدراسه خلال النهار
نورا: أتمنى ذلك حتى اني قد أخبرت انجي وفرحت لأجلي لطالما حلمت بمساعده الآخرين عملي هنا سوف يساعدني على الاستمرار متأكده من ذلك
د.فرانك: نعم وبهذا سوف تكونين دائماً امام عيني
(شعرت بخجل حين تكلم فرانك بهذه ألطريقه ان يُبدي اهتمامه المفاجئ بي شئ غريب لكني أظن انه فقط يشعر بالشفقة تجاهي وقبل كل شئ انا مريضه عنده لذا من الطبيعي ان يعاملني هكذا)
د.فرانك: حسناً سوف اذهب الان سأمر على غرفتك بعد موعد العشاء
نورا: حسناً الى اللقاء
اتصلت بي انجي كانت مشغولة لانها استأجرت مكان جديد بالمدينه وأخبرتني بأنها وجدت عمل جديد في صالون للتجميل كنت سعيده لأجلها كنت متلهفه لسماع الموافقه على عملي بالمشفى صحيح إنني لن أكون ممرضه او شئ من هذا القبيل لكن سوف اضمن وجود مكان للعيش فيه بدون أجر ، بعد العشاء جاء د. فرانك : أهلاً نورا كيف تشعرين الان
نورا : بخير على ما أظن
د.فرانك: لدي اخبار ساره لقد وافقوا على عملكِ هنا سوف يعطوكِ غرفه أيضاً سأتكفلكِ بكل شئ
نورا: حقاً شكراً جزيلاً لَكَ ( بدون أدنى فكره حضنتهُ لا اعلم لما اتصرف دائماً هكذا حين أكون سعيده اركض لحضن اي شخص بجانبي عاده غبيه حضنت دكتور فرانك وقد حضنني هو أيضاً تركت يدي ولكنه بقى متمسك بي عَم الصمت في الإرجاء ثم ناديته : د فرانك هلا تركتني
د.فرانك: نعم أسف
( احسست بشعور غريب كان يبدو عليه الخجل والتردد من تصرفه هذا )
نورا: لا داعي للأسف انا متهورة لقد اخجلتكَ أسفه
د.فرانك: بالحقيقه أردت فعل ذلك منذ زمن لكني كنت أتردد شعرت بسعادة حين رأيتك سعيده أحب ان اراك هكذا دائماً
نورا: لا أعلم ماذا أقول الان
د.فرانك: لا تقولي شيئاً ابتسامتكِ تكفيني ، سأذهب الان بالمناسبه غداً لديكِ موعد في الثانوية القريبة من هنا احدى قريباتي مُدرسه هناك سوف تساعدكِ في كل الإجراءات
نورا: حقاً انا عاجزه عن التكلم ( بدأت بالبكاء) د.فرانك: لما تلوثين جمال عينيك بهذه الدموع لم افعل شيئاً يُذكر إنتي تستحقين اكثر من هذه الأمور تستحقين السعاده
نورا: لقد فعلت الكثير لأجلي كنت على وشك الموت وجئتني كملاك حملتني من يأسي وجعلت الغيوم السوداء تتبدد من امامي لا اعلم كيف أشكرك لكن سوف أرد الجميل يوماً ما
د.فرانك: اخبرتكِ لا اريد شئ سوى سعادتكِ
(لم أكن أتصور ان يكون هناك بصيص أمل بعد فتره الحزن التي انغمست فيها ذاتياً ونفسياً وجسدياً استيقظت من غيبوبتي وعدت لرشدي بفضل د. فرانك الذي زرع الأمل من جديد في حياتي صحيح بأنني لن أنسى ما حصل لكني سأتعايش مع ما حصل .
في اليوم التالي كنت انتظر مجئ انجي حتى تذهب معي الثانوية ثم ذهبنا سويه سأضطر لاعاده بعض الصفوف لأَنِّي متأخره لكني سعيده بذلك
انجي: كم انا سعيده لأجلكِ ستتمكنين بعد سنتان من دخول الجامعة
نورا: أتمنى ذلك انجي انا متحمسة جداً
انجي: هيا سأخذكِ الى مكان عملي تحتاجين صبغ شعركِ
نورا: فكره جيده منذ زمن لم نتسكع معاً اشتقت لذلك
ذهبنا الى الصالون صبغت شعري بلونه الطبيعي البني الغامق خالجني شعور بأني قد عدت كما كنت قبل أصابتي بتلك الندوب والجروح التي لن يمحيها الزمن مع هذا لا يسعني شئ سوى الاستمرار عجله الحياه تدور وتدور كنت وما زلت شامخه اتحدى عواصف اليأس والاحباط بالرغم من إنني قد عثرت وسقطت في فوهه عميقه الا اني سعيده ان حبل قد امتد لي وجعلني ارى نور الشمس خلف السحب السوداء،،
بدأت بالذهاب الى المدرسه اول ايام كانت صعبه من ناحية التأقلم والدراسه ثم تعرفت على جينا وميري وأصبح الوضع جيد لدى عودتي كنت اعمل حتى التاسعه ليلاً وأكمل واجباتي الى ال١٢ ليلاً ثم انام
كنت التقي بدكتور فرانك كل يوم اخبره عن يومي حتى انه اخبرني بانه سوف يساعدني في دراستي كنت اشعر بأطمئنان حين أكلمه وجوده يجعلني لا اشعر بالوحده من الصعب ان أترجم إحساسي بقربه
في يوم ما ومع عودتي من المدرسه كان هناك شاب يمشي ورائي رأيته مراراً في المدرسه كنت اتسآل ماذا يريد مني كنت امشي بسرعه أردت الوصول بسرعه الى المشفى وحين كنت على وشك الوصول أمسك الشاب بحقيبتي : انتظري لا تركضي
نورا: ماذا تريد مني
الشاب: أسف اذا اخفتكِ ارغب فقط بالحديث معكِ
ومن حيث لا ادري ظهر دكتور فرانك : ما الذي يجري نورا أتعرفين هذا الشخص
نورا: لا لا أظن ذلك كنت في صدد معرفته ومعرفه ما يريد مني
الشاب: ومن أنتَ؟
د. فرانك: انا صديقها هل ستقول ما تريد ؟ ام تذهب من هنا
نورا: اريد ان اسمع منه
الشاب: انا في نفس مدرستكِ اسمي داتسن رأيتك عده مرات بصراحه انا معجب بكِ أردت فقط ان اخبركِ شعوري
د.فرانك: نورا لديها صديق لذا لا يمكنها قبول مشاعرك
( جرني دكتورفرانك من يدي بقوه ولم يسمح لي حتى بالرد على داتسن كان يشعر بالغضب أصابني اضطراب بسبب تصرفه لما قال بأنه لدي صديق؛
نورا: انتظر لحظه توقف ارجوك لما أخبرت داتسن بأني لدي صديق
د. فرانك: حسناً ربما تسرعت بالاجابه انه كطفل لم يعجبني لا اتصوركِ تخرجين معه
نورا: ومن متى يُحِق لَكَ التدخل بشؤوني
د.فرانك: لأَنِّي اعرف بمصلحتكِ كلا لا يمكنكِ ان تكوني اي علاقه لأن لأن
نورا: لأن ماذا اخبرني ؟
د.فرانك: لأن لدي مشاعر تجاهكِ ربما قد أكون تجاوزت الحدود الا انكِ المريضه الوحيدة التي شعرت بهذه المشاعر تجاهها لا أستطيع التفسير حدث هذا الامر رغماً عني حين تكونين بجانبي تستيقظ كل عاطفتي لا ارى من الأشياء الا صورتكِ لا اسمع الا صوتكِ لم أعد أقوى على السكوت
نورا: مهلاً مهلاً ما امر هذا الاعتراف المفاجئ ؟!لست مستعده لذلك الان انا أسفه يجب ان اذهب .
( ركضتُ مسرعه دخلت الغرفه وأغلقتها قلبي كان يدق بسرعه كنت ارتجف يا الهي لما حدث هذا لم أتوقع ان يقع في حبي بعد هارو اغلقت قلبي لم يعد هناك متسع لأحد ما زلت لم استيقظ من حلمي معه ،
بعد اعترافه لي بدأت بتجاهله قدر الإمكان لأَنِّي كنت متوترة كيف سيكون ردي لا اريد ان أكون قاسيه بعد ما فعل لأجلي الرفض المباشر سيكون مؤلماً كنت في حيره أخبرت انجي بما حصل وكانت موافقه قالت انه شخص جيد ويهتم لأمري ويبدو انه سيجعلني سعيده فعلاً
لا أعلم لستُ مستعده لخوض تجربه اخرى في جعبتي الكثير من الألم .
حين كنت نائمه احد ما طرق باب غرفتي ظننتها احدى الممرضات لكني تفاجأت بدكتور فرانك : هل لي بالدخول ؟
نورا: نعم تفضل
د.فرانك: أسف لقد كنتِ نائمه لكني كنت قلق بشأنكِ كنتِ تتجاهليني معظم الوقت خفت ان تكرهيني
نورا: أسفه لذلك لكني لستُ مستعده للخوض في علاقه يجب ان تتفهم ذلك
د.فرانك:انا اتفهم وبشده مشاعركِ ما أرجوه هو ان تفهمي مشاعري
(فجأه انطفأت الاضواء في الغرفه اصبح الظلام دامس عثرت ووقعت على دكتور فرانك أمسك بي كنت خائفة من الظلام
نورا: ماذا يحصل ؟
د.فرانك: يبدو ان هناك عطل بسيط في هذا الطابق لا تقلقي ،أرأيت لقد رجع التيار
( كنت بين احضانه نظر لي ثم قبلني لم يكن في وسعي سوى تخيل هارو كانت قبلته دافئه مثلما يقبلني هارو استمر بتقبيلي لم ادفعه لم ارفضه ربما كُنت محتاجه لبعض الدفء ربما كان حضني يشعر بالوحده دكتور فرانك كان رقيق معي لمساته مليئه بالحنان أغمضت عيني وانجرفت في تياره نسيتُ جسدي بكل تفاصيله بين يديه حلقتُ في سمائه قضينا الليل معاً احسست ان الليل طويل حقاً يبدو ان عقارب الساعه قد خاصمتني بتلك الليله حين أشرقت الشمس كنّا ممدين على السرير كان نائماً على صدري ويلعب بشعري : اليوم اسعد يوم في حياتي أتعلمين يا نورا تبدين اجمل بشعرك البني رغم ان الأحمر يجعلك جاده اكثر
نورا: ههههههه لم افهم شئ لا بأس يبدو إِنَّكَ مضطرب لا داعي للكلام
( نعم لا يهمني الكلام بقدر الفعل أقمت علاقه مع دكتور فرانك ولا أعلم ماذا سيكون الآتي لم أكن متوقعه ان تسير الأحداث بعلاقتنا بهذه السرعة لكن المشاعر لا تحتاج لأذن حتى تدخل في حياتنا كنت وما زلت أحب كل شئ غير مألوف )
نورا: اعتقد بأنه حان وقت ذهابك سوف اتهيأ للذهاب الى المدرسه
د.فرانك: لا اريد مغادره وسادتي الحريرية
نورا: هيا أيها المشاغب
د.فرانك: احبكِ حقاً احبكِ
( لم استطع الرد على هذه الكلمه لم استطع النطق ولو بحرف كل ما فعلته اني دخلت مسرعه الى الحمام والدموع تتدفق كشلال من عيوني خاجلتني كل انواع المشاعر لا أعلم الى متى سيبقى شعور الخوف بداخلي ؟
كنت أقول في نفسي على الإنسان أن يتعود .
يجب أن يتعود على كل شيء
البرد ،الوحدة، الضجر، وتراءت لي كلمة هزيمة
كدت أقولها لكن غصة أقرب إلى يد ثقيلة حزت رقبتي.

جدران خرساءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن