غضب و قلق

18 7 12
                                    

اجتمع الجميع حول مائدة العشاء بعد أن استيقظت أثيل. اتخذ كل واحد منهم مكانه المعتاد. كان سبستيان يجلس في رأس الطاولة، بينما جلست ماريانا على يمين الطاولة. مقابل ماريانا كانت تجلس سيلا، وقام ديفيد بالجلوس بجانب سيلا. أما أثيل فقد جلست مقابل ديفيد بعد أن طلبت منها ماريانا أن تتواجد بجانبها. إلى جانب أثيل، جلس لؤي، وبدأ سبستيان بالتحدث أثناء تقديم الطعام. 

سبستيان: لقد قمت بطلب من الطاهي تحضير وليمة من الأطباق العربية خصيصاً من أجلكم، وأتمنى أن تنال هذه الأطعمة إعجابكم وتروق لكم.

لؤي: أود أن أعبر عن امتناني لك، سيدي سبستيان، على كرم ضيافتك وتوفير هذه الأطباق الشهية. 

بعد ذلك، بدأ الجميع بتناول الطعام. وفي أثناء تناول أثيل لوجبتها، شعرت بعيون تتربص بها. وعندما نظرت إلى الأمام، وجدت ديفيد يراقبها بنظرات غريبة ومريبة. هذا الأمر أثار حفيظتها، مما جعلها تعبر عن مشاعرها بغير مبالاة باللغة العربية، قائلة: ما بال هذا الوغد المنحرف ينظر إليّ؟ 

ما إن استمع لؤي إلى حديثها حتى سقطت معلقته من يده، وأدار نظره باتجاهها، وكأن عينيه كانت تسألانها: ما هذا الكلام السخيف الذي تقولينه هنا؟ 

تأمل ديفيد في التبادل النظري بين الأخوين، ومن الواضح أنه استنتج أن هذه النظرات تحمل في طياتها إهانات موجهة له. وقد جعله ذلك يشعر بشيء من التسلية، حيث ابتسم ابتسامة تعكس شعوره بالرضا. بدا له أنه في حاجة إلى تجربة لعبة جديدة، ويبدو أن الفرصة باتت متاحة أمامه الآن. 

بعد انتهاء وجبة العشاء، طلبت ماريانا من الجميع الجلوس في الصالة لتعزيز التعارف بينهم ولجعلهما أكثر راحة في التعامل مع بعضهم البعض. لكن ديفيد، بشكل غير متوقع، رفض الفكرة وغادر المنزل. على النقيض من ذلك، رحبت سيلا بالفكرة، حيث بدت مهتمة بالشاب العربي الذي أطلقت عليه لقب المثير. ومع ذلك، كان لؤي منشغلاً بأخته بشكل كامل، ولم يظهر أي اهتمام بسيلا؛ إذ لم يتحدث إليها أو حتى ينظر في اتجاهها، مما جعلها تشعر بالإحباط والغضب. كيف يمكنه أن يتجاهلها وهي التي تملك سحراً يجعل جميع الرجال يقفون في ذهول لدى رؤيتها؟ 

نظرت سيلا إلى لؤي، الذي كان يجلس بجانب والدها، واحتبست أنفاسها حينما أحست بشعور غريب يتسلل إلى معدتها عند رؤيتها له وهو يبتسم ويضحك مع والدها. لكن هذا الشعور لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما رأت الخاتم الذي كان يزين إصبعه. عندها أدركت في نفسها أنه لابد أنه مرتبط بفتاة يحبها، وهي الآن في انتظار عودته إليها.

تزايد شعور الضيق في صدر سيلا، مما جعلها تشعر بحاجة ماسة للابتعاد قليلاً، فقررت الذهاب إلى غرفتها. بمجرد أن دخلت سيلا إلى غرفتها، ألقت بنفسها على السرير، واحتاجت للحظة تستجمع فيها أفكارها. ثم أطلقت تنهدة عميقة كانت مسموعة، وفي قلبها كلمات تتوق للخروج، فقالت:  

اختلاف القمر/Variazione della lunaحيث تعيش القصص. اكتشف الآن