part 03

50 8 0
                                    


مر نصف يوما بالفعل و تايهونغ اخيرا يصل إلى مملكته و قصره ، استقبله امه بابتسامة حنونة و اتجهت كلاهما الى طاولة العشاء حيت الجميع بنظره
جلس تايهونغ على رأس الطاولة، ملامحه متجمدة كالثلج، عينيه تغطيهما غمامة من التفكير العميق. استغرب أفراد عائلته والحضور من بروده غير المعتاد، فهو دائمًا ما كان يعج بالحيوية والحديث. لكن هذه المرة، ظل صامتًا، يقطع طعامه ببطء، وكأن عقله في مكان آخر، بعيد كل البعد عن هذا العشاء العائلي.

والدته، التي كانت تجلس على يمينه، لاحظت هذا التغيير بوضوح. حاولت أن تفتح معه حديثًا برفق، نطقت بابتسامة حنونة: "تايهونغ، بني... هل كل شيء على ما يرام؟ تبدو شاردًا."

رفع رأسه ببطء نحوها، وابتسم ابتسامة خفيفة، لكنها كانت فارغة من أي مشاعر حقيقية. "أنا بخير، أمّي." كان صوته هادئًا، لكنه يحمل ثقلاً لا تستطيع الكلمات وصفه.

أحس الجميع بأن هناك شيئًا مختلفًا في تايهونغ، لكنهم لم يجرؤوا على سؤاله المزيد. استمر الحديث في الطاولة بين باقي الحضور، لكن تايهونغ ظل غارقًا في صمته، وكلما مر الوقت، ازداد شعور الغضب والانزعاج الذي يعصف بداخله.

كان تفكيره لا يزال عالقًا في جيني، وفي تلك الكلمات الجارحة التي ألقاها في وجهه. لم يكن معتادًا على أن يشعر بهذا القدر من الهزيمة العاطفية. كلماته الأخيرة لها ما زالت تتردد في عقله، وطريقة تحديها له أشعلت فيه شيئًا لم يعهده من قبل.

أنهى طعامه ببطء، ووضع الشوكة جانبًا قبل أن يستأذن والدته بهدوء: "أمي، أعذريني، لكنني بحاجة لبعض الوقت وحدي."

ابتسمت له بتفهم، رغم القلق الذي تخلل ملامحها، وقالت: "خذ وقتك، بني."

نهض تايهونغ من الطاولة بهدوء، وغادر القاعة، تاركًا وراءه أصوات الحديث التي لم تعد تعني له شيئًا. كانت هذه الليلة مختلفة؛ كانت الليلة التي بدأ فيها إدراك أن علاقته بجيني لن تكون مجرد زواج سياسي... بل معركة داخلية تتحدى كل ما كان يعتقده عن نفسه.
مرت الأيام بسرعة، وكأن الزمن يسابق جيني وتايهونغ نحو مصيرهما المترابط. كانت تحضيرات الزفاف الضخم جارية على قدم وساق، الخدم يعملون بلا توقف، والديكورات الملكية الفاخرة تملأ القصور، الزهور البيضاء والذهبية تزين كل ركن استعدادًا لهذا الحدث الكبير. بالنسبة للجميع، كان الزفاف ليس مجرد احتفال، بل اتفاق سياسي ضخم يوحد المملكتين المتناحرتين.

جيني، من جهتها، كانت تعيش في صمت بارد، غير مبالية بكل هذه الاستعدادات. كانت تحاول أن تعزل نفسها عن كل شيء، تملأ أيامها بروتين هادئ، تقضي وقتها في الحديقة أو مكتبها، تحاول ألا تفكر في حقيقة ما سيحدث قريبًا. كانت تعلم أن هذا الزواج ضرورة سياسية، لكنه بالنسبة لها كان عبئًا ثقيلاً لا تريد حمله. لم تكن تراه إلا نوعًا من الاستسلام الذي يرفضه قلبها وعقلها.

تَحـْتَ سَيْفِي وَ سُلْطـَآنِكَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن