الفصل الرابع: "فوركن"

21 6 0
                                    

فتح ليو عينيه ببطء، غارقًا في حالة ما بين الواقع والخيال، غير متأكد مما إذا كان يستيقظ من كابوس أم يقترب من الدخول في واحد. الهواء من حوله بدا وكأنه يحمل جمودًا غير مألوف، وجسده يشعر بالخدر. حاول الحركة، ولكنه أدرك فجأة أنه كان ينام على شيء غير متوقع... أو بالأحرى، على شخص.

نظره تحول ببطئ إلى تحت، ليرى أنه كان مستلقيا على فخذ *فيليريا*. نظر فوق بسرعة لفيليريا، نظرتها الثابتة كانت مشدودة إلى الأمام، كما لو أنه غير موجود. قلبه نبض بشدة، والخوف عاد يسيطر عليه. لم ينبس بكلمة، لكن عينيه حاولت الإمساك بأي إشارة منها. هل تشعر بوجوده؟

في تلك اللحظة، أدرك ليو أنه مازال في تلك السيارة الضخمة التي ركبها الليلة الماضية، المظلمة، تكاد تغمره بظلالها، كان يشعر وكأن كل شيء في المكان يتآمر لإبقائه صغيرًا وضعيفًا. حاول أن ينهض بهدوء، لكن تلك الحركة الصغيرة جعلت **فيليريا** تلتفت نحوه، عيناها الباردتان تشقان صمت اللحظة، نهض بسرعة وابتعد إلى الجهة الأخرى.

لم تقل شيئًا، لم يكن هناك أي تعبير على وجهها، لا استياء ولا اهتمام. كان من الصعب حتى تحديد ما إذا كانت قد لاحظت استيقاظه أم لا، لكنها كانت تُراقب. ليو تجمد، لا يعرف كيف يتصرف. اختلطت في ذهنه الأسئلة، ولكنه لم يجرؤ على طرح أي منها. من هي؟ ولماذا هو هنا؟

لم يستطع منع نفسه من التحدث، لكن صوته خرج مترددًا، ضعيفًا، وكأنه يخشى أن يسمع:
"أين... نحن؟"

**فيليريا** لم تتحرك للحظة. كانت عيناها تتطلع للأمام قبل أن تدير رأسها ببطء نحوه.

للحظة، ظن أنه أساء بالسؤال، ولكنها أجابت ببرود مخيف: "في طريقي."

توقف كل شيء داخل ليو. الكلمات كانت بلا معنى. في طريقي؟ أين؟ لماذا؟ هو لا يعرفها. لا يفهم هدفها.

فجأة، تذكر والدَه. هل كان ذلك مجرد حلم؟ أم أن الرجل فعلاً... مات؟

من المستحيل أن يبقى على قيد الحياة.

بينما كان يفكر في والده، سمع صوت فتح باب السيارة. كانت السيارة قد توقفت.

خرج الرجال أولاً، فتحوا الباب الخارجي لها، بينما تخرج منه، وسرعان ما تبعها ليو. نزل بعدهم، قدماه تلامسان الأرضية الباردة، والعالم حوله بدا كأنه انقلب رأسًا على عقب.

كانا أمام مبنى ضخم، لا يحمل أي علامة تدل على هويته، لكنه بدا وكأنه يملك قوة خفية.

*فوركن*. هذا ما سمع أحد الرجال ينطق به وهم يدخلون المبنى. الكلمة تسللت إلى ذهنه، لكنها لم تحمل أي معنى بالنسبة له. "فوركن؟" تمتم بصوت خافت.

أحد الرجال الذين كانوا يسيرون بجانبه التفت نحوه بنظرة سريعة وقال بلا اكتراث: "لا تسأل."

تردد ليو للحظة، لكنه سأل بصوت خافت ومذعور: "ما هي فوركن؟"

ابتسم الرجل ابتسامة باردة، ثم همس دون أن ينظر إليه: "أكبر من أن تفهمها... أكبر من أن تهرب منها."

شعر ليو باضطراب يسري في جسده. الخوف اشتعل بداخله من جديد. تلك الكلمات جعلت كل شيء أسوأ. "أكبر من أن تهرب منها..." ماذا يعني ذلك؟ هل هو الآن جزء من هذا العالم الجديد، عالم **فوركن**؟

كانت **فيليريا** تمشي أمامه بخطوات ثابتة، وبدون أن تلتفت إليه أو تعطيه أي اهتمام. بدا وكأنها تمتلك المكان وكل من فيه. كان من الواضح أن الجميع ينحنون لسلطتها. هي ليست مجرد زعيمة عصابة أو مافيا، بل هي شيء أكبر... كيان غير مفهوم في مجتمع لا يعرف الحدود.

حين دخل المبنى الضخم، شعر ليو بأنفاسه تزداد ثقلاً، وركبتيه توشك أن تخذله. الأشباح التي تسكن هذا المكان كانت حية، لكنه لا يستطيع رؤيتها. فقط يشعر بوجودها.

وكأنه احس أنه ذاهب الى مشنقة... مشنقة فوركن

قلبت الادوارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن