الفصل الخامس: "مشنقة فوركن" -الجزء الأول-

18 5 0
                                    

وصلوا إلى نهاية الممر، حيث كان هناك باب خشبي ضخم يقف كحارس مرعب، تفاصيله المعقدة وقوته الجبارة جعلت ليو يرتجف دون وعي، لكن فيليريا كانت هي الوحيدة التي تجرأت على فتحه. رغم ثقله الظاهر، فتحته بسهولة غريبة، كما لو كانت تتحكم في شيء أخف كأي باب عادي.

توقف ليو، تجمدت قدماه عند العتبة حين لاحظ أن باقي الرجال لم يتبعوها. كل رجل سار في طريق مختلف، تاركين ليو وحيدًا في تلك اللحظة الغريبة، وكأن العالم قد ابتلعه.

هل هذه فرصتي؟ فكر ليو للحظة، قلبه ينبض بسرعة. هل أهرب؟ لماذا تركوني؟ ألا يخشون هروبي؟ هل هذه خدعة؟

كان ذهنه يدور كعاصفة لا تهدأ، تغرقه الأسئلة، لكن صوته الداخلي قُطع فجأة عندما سمع صوت فيليريا الصارم قادمًا من داخل الغرفة المظلمة.

"ادخل."

تردد ليو للحظة، لكن صوتها كان أشبه بحبل مشنقة يلتف حول عنقه. لم يكن مجرد طلب؛ كان أمرًا صريحًا لا يمكن التراجع عنه. تقدّم بخطوات مترددة، وكأنه يسير نحو قدره المحتوم.

عندما دخل الغرفة، أدرك أن مساحتها كانت أكبر مما توقع. الجدران العالية بدت وكأنها تبتلعه، والهواء فيها كان ثقيلًا، مشبعًا برائحة الخطر.
في وسط الغرفة، كان هناك مكتب ضخم، يليق بالملوك. جلست فيليريا خلفه على كرسي يشبه العرش، كانت أصابعها متشابكة فوق المكتب، عيناها مسلطتان عليه بنظرة باردة تُجمّد الدم في عروقه.

ارتفع الخوف في قلب ليو، وتصاعد شعورٌ داخلي بأن هذه الغرفة قد تكون آخر مكان يراه في حياته.
تلك النظرة التي رأى فيها والده يُقتل بلا رحمة، كانت حاضرة مجددًا في عيني فيليريا. علم أنه قد لا يغادر هذا المكان إلا ميتًا، كما غادر والده قبله.

شعر بأنفاسه تتسارع، وبدأ جسده يرتعش. كل تفصيل في الغرفة، كل حركة لفيليريا كانت تكثّف من توتره. بدأ أنفه ينزف مرة أخرى من شدة الخوف، وحينها سمع صوتًا قادمًا من الخلف، صوت رجل ضخم ومهيب:

"خائف لهذه الدرجة؟"

استدار ليو بسرعة ليرى رجلاً ضخم البنية يقف بجانب الباب، هل كان هناك طوال الوقت؟. شعره رمادي، وعضلاته المفتولة توحي بالقوة التي لم تفقدها سنوات عمره الطويلة. كان عملاقًا بالمقارنة مع ليو، الذي بدا كطفل صغير أمامه.

"نزيف الأنف في مثل هذه المواقف يعبر عن التوتر أو الخوف الشديد... أو ربما الغضب. لكني لا أظن أنك تجرؤ على الغضب، أليس كذلك؟"

قال الرجل بابتسامة باردة، وكأنما يتلذذ برؤية الخوف في عيون ليو.

كان هذا الرجل مختلفًا عن الآخرين. كل شيء فيه يوحي بأنه في مرتبة أعلى، أكثر خطورة، وأكثر قربًا من فيليريا.

قلبت الادوارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن