هل في بعض السقوط تحليق..؟
•
•
•
•في آخر خطواتي للوصولِ له تعثرتُ بحجرٍ صغير، فأوشكتُ على السقوطِ لولا أنني تمسكتُ بذراعيه..
سمحتُ لعيناي العبث بملامحه، أشعة الشمس اخترقت عيناه الشهلاء فسرقت خيطٌ منهما ليترابطا حولي مُحلقين بي نحو السماء..
شفتاه لا تتوقف عن الابتسام رغم حاجبيه المُقطبين..
شعره الجوزي مسدلٌ يواري نظراته لي..
لكن ستارٌ من الليل لن يستطيع إخفاء ذلك الوهج المنبثق منهما فظلاله تعتري وجنتيه...دقائقٌ من الصمت انتهت بصوته اللينُ مُتسائلاً بيأسٍ توضح على معالمه مني..
"لمَ خرجتي وَ أنتِ بهذا الحال؟ إلا ترين أن الموت يهاجمكِ من كل الاتجاهات..، توقفي عن فعل هذا أرجوكِ"
شعرتُ أنني ارهقته كثيرًا حتى أنني لا أملك أعذارٌ أو إجاباتٌ له، في النهاية طال صمتي حتى وصل به الأمر بأن يدفعني أمامه لأدخل الحجرة مُجددًا فمتثلتُ له، ثم دخل وَ أغلق الباب خلفه وَ لا زلتُ أتخذ الصمت مهربًا من حماقاتي..
بينما يجلس على كرسي مكتبه مُلتقطًا ورقةٍ مرميةٍ في تلك الفوضى..أشياءٌ مبعثرة، اقلامٌ وَ أوراقٌ كثيرة حالة المكتب أشبه بساحة المعارك التي يخوضها الكتّاب عندما يرون لنا مخاوفهم، عدتُ لأجلس على ذلك السرير مسندةٌ رأسي على الحائط من خلفي، برودته تخترق طبقاتُ جلدي وَ برغم البرد الذي حلّ بي لم أرتجف بل تأملتُ منه أن يستطيع إخماد حرائق ذكرياتي..
وجهتُ نظري له أراقب تحركاته.. دون أن ينتبه..
قلمان بألوانٌ مختلفة، بأتجاهاتٌ متعاكسة يلتفان بين أصابعه الثلاثة بخفة وَ مرونة، انتابني فضولٌ حول ما يكتب، فكرت أن أسأله لكني تراجعت أعتقد أنني اخترق خصوصياته هكذا إلا يكفيه أنني شاركته مكان عمله وَ استحليت مكان نومه..يبدو أنه يقرأ أفكاري، استدار نحوي ليتكلم بنبرةٍ حانية
بينما يشدُّ بكفه على تلك الورقة بقوةٍ تدعو عروق يده للانفجار الآن..."برونا، أنتِ حزينة؟"
تفاجأت بسؤاله، كان يبدو لي أنه غاضبٌ، ترددتُ بالإجابة كثيرًا، ما الفائدة بأخباره عن حزني، أردفتُ..
"لا، لستُ كذلك"
همهم ثم عاد يتساءل..
"إذًا هل ستبقين معي؟"
نظرتُ إلى السقف أبعد انظاري عنه، أشعر بحيرةٌ حيال جوابي وَ ما سيفهمه في الحقيقة أنا أشعر بحالٍ أفضل بتواجدي هنا أشعر بالأمان الذي افتقده في غابة البشر تلك لكن ماذا عساي أن أقول هو ليس ملزمٌ بي..
أنت تقرأ
ندباتُ المقهى
Horrorسيد جالَ، هل سمحت لي أن ارتشف من فنجان قهوتكَ؟ أشعر أن النوم سيُسيطر علي." "لا يا برونا، أنه مرٌّ لاذع كالخيبة التي سأجنيها في نهايتُنا، لا أريد أن ينتشر به رحيقكِ يا زهرتي كما لا تفعلين ذلك بقلبي أيضًا." ________________ موتٌ حتمّي، أم نجاةٌ مُبهمة...