151. الحقيقة القاسية، والمصير القاسي (4)
تتساقطُ الثلوجُ بلا توقفٍ، وكأنها لا تشعرُ بالتعب.
وصلَ ديون هارت إلى أمامِ قصرِه، متجاوزًا العواصفَ الثلجيةَ دون أن يفكرَ في إعادةِ إرتداءِ غطاءِ الرأسِ الذي سقطَ خلفه، حتى وقفَ أمامَ البوابةِ المزدحمةِ بعد أن رآها من بعيد.
"أيها الكونت، هل عدتَ......؟!"
لم تكتملْ جملةُ الحارسِ.
انحنى ديون هارت فجأةً، وسقطَ إلى ركبتيهِ، ليسَ استجابةً لشخصٍ معينٍ، بل لأن جسدهُ لم يعد يحتمل.
رغمَ معرفتِهم بذلك، لم يستطيعوا أن يتجنبوا حالةَ الارتباك. عندما حاولَ أحدُ الحراسِ الاقترابَ منه، مرَّ ليمبمبر الذي بدأ أنهُ جاء من مكانٍ غير معلومٍ، وتوجّهَ نحوَ ديون.
"الكونت."
لم يستطعِ الخادمُ العجوز أن ينظرَ إلى سيده دون أن يركعَ مثلما هو عليه، وأطلقَ صوتَه المميزَ الذي لم يتغير.
على الرغم من بساطةِ صوتِه، إلا أنهُ أرخى التوترَ في قلبه.
"هل تسمعني؟ أنهض أرجوك، الجوُّ بارد."
"......ليمبمبر."
"نعم، سأساعدك على الدخول، لذا أرجوك أن تسامحني على قلةِ أدبي."
توقفَ ليمبمبر للحظةٍ عندما لمسَ جسدَ ديون، إذ شعرَ بحرارةٍ واضحة.
ثم أكملَ مساعدتَه، لكن محاولتَه باءت بالفشل عندما تمسّك ديون بأكتافه، مما جعلهُ يعجزُ عن التحرك.
'.......'
تدفّق شعورُ العجزِ من يديّ ديون التي كانت تتشبثُ بأكتافِ الخادم العجوز، فبدأت ترتعشُ بشدة. ارتعاشُ يديهِ سرعان ما أنتشرَ ليشملَ جسدهُ كله.
كأن الطفلَ الذي ليسَ له ملجأ يتمسكُ بالبالغِ الوحيدِ الذي أمامه.
"ليمبمبر، ليمبمبر......."
"......نعم، أيها الكونت."
"أ-أنا...!"
خرجت منه صرخةٌ مكتومة، تجلّت بين نحيبٍ والصراخ.
رغم أنهُ عانى كثيرًا في قلعة ملك الشياطين، مما جعلهُ يظنُّ أنهُ لا يُمكنه الانهيارُ أكثر، إلا أن الأمرَ لم يكن كذلك.
من المضحك أن الحقيقةَ بدأت تتضحُ له الآن.
'أنا قتلتُ عائلتي.'