لا شيئ يقتل روح الإنسان مثل المكان الخطأ والأشخاص الخطأ.
فيودور دوستويفسكي.استيقظت صباحا وشحذت قواها وحضرت نفسها لتقف رافعة طرف عبائتها بعد أن سحبت نفسها لداخل غرفتها وغيرت ملابسها المنزلية بتلك العباءة السوداء وارتدت خُفها المطاطي بقدميها وخرجت تتعجل بحركتها؛ فانتبه لها حسن الذي وقف قبالتها وهي تسحب محفظة يدها ومفتاحها وتضع حجابها على رأسها بشكل مهمل:
-رايحه فين يا امه؟رمقته بنظرات غاضبة وصرت على أسنانها وخشنت من صوتها تهدر بغل:
-عارف لو فتحت بوقك ولا منعتني يا حسن، هشيل ايدي ساعتها من حياتك خالص وابقى اعتبر امك ماتت.حاول الرد عليها ولكنه وجد أخاه الأصغر يقف بصف والدته تلك المرة على غير العادة:
-كفايه بقى يا حسن، أنت الحب عامي عينك ومش شايف كمية الاستغلال اللي بيستغلوهالك، أنا كل مره بقف معاك بس بجد كفايه بقى.ابتسمت والدته له:
-عفارم عليك يا ابني، أهو أنت الوحيد اللي بتسمع كلامي وموافقني عليه.سحبت نفسها متجهة لمنزل أنور فتبعها حسن وأوقفها أسفل البناية ممسكا ذراعها بقبضة قوية وهتف يحذرها:
-بلاش تصغيرني يا امه.رفعت شفتها للجانب ممتعضة وهي تسخر منه:
-هو أنت لسه شايف نفسك كبير يا بني؟ دول مسحو بيك البلاط وخلوك مسخرة الحارة.لم يجد الوقت ليعقب عليها فقد اتجهت للصعود مرة واحدة وضربت الباب بقبضة غاضبة واستمعت لمن بالداخل وهو يهتف بفزع:
-مين اللي بيخبط كده، براحه في ايه؟فتح أنور فوجدها أمامه بعيون محتقنه وقد شحذت أسلحتها الفتاكة لتفتك بكل من تسول له نفسه باستغلال ابنائها بهذا الشكل الذي رفضته جملة وموضعا:
-أنا يا أبو سامح.دلفت دون انتظاره أن يأذن لها ولملمت طرفي العباءة وجلست تربع جسدها على الأريكة واضعة يديها بحجرها:
-اسمع يا أبو سامح عشان ننهو الكلام في الحورات بتاعة العيال دي.جلس بعد أن خرجت كل من سهر ووالدتها تجلسان برفقتهم ونظرت سهر لحسن بضيق وقد توقعت سبب مجيئ والدته بهذا الشكل المفاجئ والغاضب:
-اللي أوله شرط آخره نور يا أخويا والأصول متزعلش حد.أومأ لها المعني:
-عداكي العيب يا أم حسن.زفرت أنفاسها البركانية وتابعت:
-وطالما اتفقنا على الأصول يبقى نمشو عليها ولو على رقابينا ولا ايه يا حاج؟شددت من نطقها للفظه حتى تذكره بفرض الله الذي اتمه منذ بضع سنين:
-أنت حاجج بيت الله وعارف الصح من الغلط والحلال من الحرام، والأصول مش بتقول كده يا حاج.ابتسم بزاوية فمه وهز رأسه متفهما:
-قصدك على موضوع التجهيز مش كده؟أومأت فنطق فورا:
-انا قولت شرع ربنا يا أم حسن فلو مش عايزين....
أنت تقرأ
حارة الدخاخني (قيد النشر)
Romanceرواية رومانسية اجتماعية بطابع شعبي 🔞 ممنوع لما هم دون الثامنة عشر