الفصل الرابع: خيطٌ احمر

43 5 4
                                    

الفصل الرابع:

خيطٌ احمر

بقلم: شافع أبوعقل


هل سبق لك وان رأيت في منامك مشهداً مألوفاً، تكاد تقسم بأنه قد حدث؟

هذه المشاهد غالباً ما تكون ذكرياتنا المفقودة في طفولتنا.

مشاهد ممتعة وأحياناً ما تكون تعيسة، ولكن تلك المشاهد ستبقى تعيد ذاتها، كحلم او فكرة، لا يهم الطريقة، فهي ستبقى داخلنا دائماً، خالدةً طوال عمرنا!

انا الصغيرة لطالما رأت ان ما ممرت به كان جحيماً، قاسياً، مؤلماً حد المبالغة.

ذكرياتي تكاد تشبه مرآةً محطمة، اجمع اجزائها ظناً اكثر من جزماً.

سيدي العزيز، انا الان بالغة، وهل تعلم كم من الصعب ان اخبارك بكل هذا؟!

أتعلم سيدي، انني الان افتح قلبي على كفيه غصباً، واخبرك كل ما اسررته في نفسي طوال عمري، كم هو صعبٌ علي ان اتقبل ما افعله، ولو تعلم كم ارغب في ان اتوقف عن ذلك..

لكنني قد قررت سابقاً، سأخبرك بكل شيء حتى اقتل هذه المشاعر بصوت هذه الحروف، ولاتخطاها واصل الهدف الذي اريده، سأقفز عالياً، وسأتخطى هذا الحاجز حتماً.

اود شكرك سيدي، فقد استمعت بالفعل للكثير وما تزال حي القلب معي هنا تستمع.

اشكرك، ولكنني سأثقل اكثر واحدثك بالمزيد.

فأنا ريّا التي عاشت ذات يومٍ في ميتم..

"الافق ابعد من ما ترى عينك"

صدمات الطفولة تركت بصمةً قوية داخلي، وانا لم اعد اتحدث الى احد.

انتقلت الى مهجع، ابي وعمي واخي وامي، الكل غادر، فمن الطبيعي ان اعامل كيتيمة، وان انتهي في دار كفالة، ولنتحدث قليلاً عن وضعي هنا.

نحن اقلية في هذا المهجع، ست غرف، كل غرفة حوت اربعة فتيات، كانت لدينا مشرفتين ومديرة.

في اليوم الاول لي، استقبلتني المديرة، وكانت بشوشةً للغاية، احتضنتني، وقالت:"انتهى الامر يا طفلتي، من اليوم انتِ فتاةٌ جديدة، ونحن الان عائلة".

لم اقل شيئاً، واخذتني بيدي ومشت تريني المكان، حتى وصلنا اخيراً الى الغرفة التي سأبيت فيها، قدمتني لزميلاتي، دلتني الى سريري الجديد، ثم قالت:" حاولي التأقلم يا جميلة" ثم ذهبت.

كنت احمل حقيبةً صغيرة، لم املك الكثير من الثياب، فكانت بضع قطع من الملابس معظمها ممزق، والبضع الاخر قديمٌ باهت، وحملت ايضاً كتبي المدرسية، ودفاتر كراسة، لطالما احببت الكتابة، وامتلكت شغفاً شديد الفضول لادخل الى عالم الكتب.

صحيحٌ لم احدثك عن مدرستي سابقاً، في الحقيقة ليس هناك شيءٌ بارزٌ فيها، كانت عاديةً فحسب، لم يكن لي صديقات، كنت صاحبة المستوى تحت المتوسط، ولم تكن المعلمات ذات تأثيرٍ قويٍ حقاً، لذا لا شيء مهمٌ هنا، لنتخطى هذا.

تقدمت نحوي زميلتي في الغرفة، وقالت:" احببت اسمكِ، هل ترغبين في ان تكوني اختي الجديدة ايضاً؟"

لم انظر اليها، كنت قد طئطئت رأسي سابقاً، لذا لم ارفعه ابداً تلك الليلة.

الغرفة صغيرة، بابٌ في المقدمة، نافذةٌ واحدةٌ في المنتصف، وسريرين طابقيين يمين ويسار النافذة، كان لدينا ايضاً دولابُ ملابس صغير، اخبرتني الزميلة التي سندعوها للتسهيل باسم"الاخت الجديدة"، بانها كانت متحمسة عندما سمعت بأن اختاً جديدة ستحضر للعيش معها، ولذلك قد صنعت لي بعض المساحة داخل هذا الدولاب، وقد كانت قد اعطتني بضعاً من مساحتها، واخبرتني ايضاً بان السرير العلوي هو الافضل، فهو سيعطيني الكثير من المساحة الشخصية التي قد احتاجها لاحقاً.

حيث اقتربت لي، ادارت رأسها بابتسامة رائعة وعينين تلمعان ببراءتها وقالت:" لم اعد احتاج السرير العلوي فأنا فتاةٌ كبيرةٌ الان، لذا سأتنازل عنه لاجلك، وسأكون بالسفلي ان احتجتي شيئاً، اريد حقاً ان اكون اختك الكبيرة التي ستعتمدين عليها من الان فصاعداً".

-------------------------------

ملاحظات الكاتب: جزء بسيط من الفصل الرابع، الى ان استمر في الكتابة..


حواجزحيث تعيش القصص. اكتشف الآن