بينما كان حسن جالساً بجانب ليلى، محدقاً في وجهها الهادئ، ساد الصمت الثقيل الغرفة. شعاع القمر الخافت تسلل عبر النافذة، يرسم خطوطاً متشابكة على الجدران، لكن تلك الظلال لم تعد تبدو مجرد انعكاسات للضوء. بدت كأنها تتنفس، تتحرك بخفة، وكأن لها حياة خفية تراقب كل حركة وكل نفس يصدر من ليلى.
وفجأة، في ذلك الصمت المطبق، بدأت ليلى تتحرك بخفة، جسدها يرتعش بشكل طفيف تحت الغطاء، شفتيها تفتحان وتغلقان دون أن يخرج منهما صوت واضح. تقوس جبينها قليلاً، وكأنها تشعر بشيء يثقل عقلها، شيء يحاول الخروج من أعماقها. تمتمت بشيء غير مفهوم، همس خافت انساب في الهواء كأغنية قديمة نُسيت كلماتها.
حاول حسن الاقتراب أكثر، انحنى نحوها، أمال رأسه حتى كاد يسمع أنفاسها الدافئة وهي ترتطم بأذنه. كانت تتمتم بكلمات غامضة، مبعثرة، كأنها تتحدث بلغة قديمة لم يسمعها من قبل. كلمات لم تكن مجرد همسات عادية، بل كانت أشبه بتعويذة غريبة، تحمل في طياتها شعوراً غامضاً بالخطر.
تجمد حسن في مكانه، أصغى بكل جوارحه، يحاول فهم ما تقوله، لكن الكلمات كانت تتداخل، تتشابك، وتتردد كأنها تصدر من أعماق بئر مظلم:
"لا... لا أريد الذهاب... لماذا... هنا... بين... الظلال..." تردد صوتها بصوت أشبه بالأنين، نظرتها لا تزال مغلقة، لكنها بدت كأنها ترى شيئاً خلف جفونها، شيئاً لا ينتمي لهذا العالم.
"من؟ من أنت؟" تمتمت، صوتها يرتجف، يتصاعد وكأنها تحاول أن تتحدث مع كيان غير مرئي، كيان يقف في زاوية الغرفة، يراقبها بصمت. "لماذا... لماذا أنا؟"
شعر حسن ببرودة غريبة تلتف حوله، كأن الهواء في الغرفة أصبح كثيفاً، أثقل من ذي قبل. كان صوتها يزداد حدة، وكلماتها تتضح قليلاً، لكن المعاني التي تحملها كانت مشوشة، مربكة، لا تحمل أي منطق.
"أعدني... أعدني... إلى الظلال... لا أريد... لا أريد أن أبقى هنا..." صرخت فجأة، رغم أن عينيها لا تزالان مغلقتين. كان صوتها مشحوناً بالخوف، وكأنها تحارب شيئاً بداخله، كأنها تحاول الهروب من سجن لا يستطيع حسن رؤيته.
تراجع حسن قليلاً، عيناها ما زالت مغلقتين، لكنهما تتحركان بسرعة خلف جفنيها، كأنها تعيش كابوساً مروعاً. رفع يده ببطء، وضعها على جبينها، شعر بالعرق البارد يتصبب منه، وبحرارة جسدها المتأرجحة بين السخونة والبرودة.
"ليلى، استيقظي... أرجوكِ." همس بقلق، يهز كتفها برفق، لكنه لم يتلقَ أي استجابة. ظلت شفتيها تتحركان، تهمسان بتلك الكلمات الغريبة، كأنها تسرد قصة منسية، قصة لا يحق له أن يسمعها.
![](https://img.wattpad.com/cover/377532967-288-k840880.jpg)
أنت تقرأ
DAUTHTER
Horrorدماءٌ توارثتها نساءٌ بغير قصد، لعنةٌ خافتٍةٌ كالريح، لا تُرى ولا تُصد. فتحَت ليلى عينيها على ظلامٍ غريب، ملَكها السحرُ كجداتها، والشر منها اقترب. آهاتٌ تُحاكي الشوق للقبر والسهاد، وترنيمةٌ قديمةٌ في عروقها تسري كالسهاد. كلَّ ليلةٍ، تهمس لها الظلال ب...