Dauthter 06

2 1 0
                                    


بينما كان حسن يخطو ببطء، يتراجع نحو الغابة المحيطة بالكوخ، سمع صوت العجوز يناديه من الخلف، صوتها ماكر، يحمل نغمة لزجة من الخبث، كأنها أفعى تنسلّ عبر الظلام. توقف فجأة، تجمد في مكانه، وكلماتها تلتف حوله كخيوط عنكبوت غير مرئية.

"ولكن... هناك ما قد يفيدك." همست بصوت منخفض، لكنه اخترق الأجواء وسكن في عقله. التفت ببطء، نظراته تائهة، عينيه تلمعان ببارقة أمل مخلوط بالريبة.

كانت العجوز واقفة عند حافة عتبة الباب، ظهرها محني ووجهها مظلم تحت ظل الكوخ. أومأت برأسها بخفة، عيناها الضيقتان تلمعان بنور خافت. كانت تراقبه كذئب يترقب سقوط فريسته، تنتظر اللحظة التي سيستسلم فيها.

"الحل...؟" تمتم حسن، وعقله يحاول الإمساك بأي خيط من الأمل. "أنتِ تملكين حلاً؟! أخبريني... ماذا يجب أن أفعل؟"

ضحكت العجوز، صوت ضحكتها كان أشبه بالزئير المكتوم، تردد كصدى في الغابة المحيطة. "أجل، لدي الحل... لكنني لن أعطيه لك مجاناً." قالت بنبرة لينة، مغرية، وكأنها تحاول جذبه إلى فخ لا يمكنه الهروب منه.

أخذت خطوة إلى الأمام، اقتربت أكثر من ضوء القمر الباهت، كاشفة عن ابتسامة ماكرة ارتسمت على شفتيها المتشققتين. "أتعلم، حسن... الظلال، هذه الكيانات الملعونة، لا تشبع أبداً... لكنها تحترم قوتين فقط: الدم والروح."

رفعت يدها، وأشارت إلى جيب معطفه، حركة خفيفة، لكنها كانت كافية لتجعله يتراجع خطوة. "إذا كنتَ تريد حقاً إنقاذ عائلتك، عليك أن تقدم لها قرباناً... شيئاً يُرضي جوعها."

تردد حسن، عيناه تتحركان بين العجوز وظلال الغابة التي كانت تبدو وكأنها تتكاثف من حوله. "قربان؟ ماذا تعنين؟"

اتسعت ابتسامة العجوز، وكشفت عن أسنان صفراء، كأنها تمضغ السم ذاته. "قربان... روح... روح بشرية، بريئة، لتحل محل أرواحهم. إذا منحتها شيئاً أثمن مما تحمله... قد ترحل، قد تترك عائلتك، وتتحرر من سيطرتها."

تجمد الدم في عروق حسن، وشعر كأن الأرض قد انشقت تحته. "روح بريئة...؟ أنتِ تطلبين مني قتل شخص بريء؟!"

هزت العجوز رأسها ببطء، وكأنها تستمتع بصدمته، بعذابه. "ليس بالضرورة أن تفعل ذلك بيديك... هناك طرق أخرى." قالت وهي تميل برأسها نحو الأمام، عيناها تغوصان في عينيه، تحاولان اختراق جدرانه العقلية. "لكن، يجب أن تكون الروح بريئة، لا تحمل ذنباً ولا عيباً. روح نقيّة، طاهرة، لتغذي ذلك الكيان... لتهدئ جوعه لفترة."

حاول حسن التراجع، لكن قدمه كانت ثقيلة، مشلولة من صدمة كلماتها. "لن أفعل ذلك... لا أستطيع." قال بصوت مبحوح، عينيه متسعتان بالرعب.

DAUTHTERحيث تعيش القصص. اكتشف الآن