ستيقظت ليلى ببطء، شعرت بألم خافت في رأسها، وكأنما آلاف الإبر الدقيقة تحفر في داخل جمجمتها. عيناها كانتا مثقلتين، جفونها كأنها حجارة يصعب رفعها، لكن شيئًا ما دفعها لفتحها، دفعها للعودة إلى الوعي، إلى هذا العالم الذي لم تعد تعرف إذا كانت تسيطر عليه أم لا.
رأت السقف أولاً، ثم أدارت رأسها ببطء لتقابل وجه حسن. كان يجلس بجانب السرير، انحناء جسده يعكس توتره وقلقه. عينيه كانتا تحدقان بها بترقب، كأنما يراقب شيئًا هشًا قد يتحطم في أي لحظة. كانت نظرته ممتلئة بالقلق، ولكن خلف تلك الطبقة الرقيقة من الخوف، كان هناك شيء أعمق... شيء أشبه بالحذر، كأنه يتوقع أن يرى شيئًا غير مألوف، شيئًا لم يعد ينتمي لليلى التي يعرفها.
"ليلى..." نطق اسمها بهدوء، صوته كان منخفضًا، لكن يحمل ثقل الأيام الماضية، كل الذكريات والكوابيس التي جمعتهما. "هل أنتِ بخير؟"
أخذت ليلى نفسًا عميقًا، شعرت بالهواء يتسلل إلى رئتيها وكأنه يوقظ فيها شعورًا جديدًا، إحساسًا غريبًا بالسيطرة. لم تكن نفس الشخص. لم تعد تشعر بالخوف، بل كان هناك شعور غامض بالقوة... قوة هادئة، تتدفق في عروقها.
نظرت إلى حسن، عيناها تلتقيان بعينيه مباشرة، ولم تترك نظرتها تتراجع. كان وجهها هادئًا، ملامحها مستقرة، لكن في عمق تلك النظرة كان هناك شيء مختلف، شيء لم يعتده حسن من قبل.
"أجل..." تمتمت بصوت خافت، نبرة صوتها بدت أعمق قليلاً، وأكثر ثباتًا. "أنا بخير... أظنني بخير الآن."
أخذ حسن نفسًا عميقًا، وكأنما كان يحبس أنفاسه طوال الوقت، لم يعرف كيف يتعامل مع هذه الإجابة. شيء في ليلى لم يكن على ما يرام، شيء فيها لم يعد كما كان. حاول البحث في عينيها عن بقايا الحزن أو الضعف الذي كان يراه، لكن ما وجده هو سكون... سكون مخيف، كأنها لا تشعر بأي شيء.
"لقد أغمي عليكِ... كنتِ تتحدثين بكلمات غريبة، ثم فجأة سقطتِ على الأرض." قال بصوت مبحوح، وكأن تلك الكلمات نفسها كانت تصعب عليه. "لم أكن أعلم ماذا أفعل... لقد كنتِ باردة كالجليد، وكأن روحكِ قد غادرت جسدكِ."
استدارت ليلى ببطء، جلست على حافة السرير، قدماها لامستا الأرضية الباردة، لكن لم تشعر بشيء. كان الشعور بالبرد، بالشعور، بالألم... كل ذلك يبدو بعيدًا الآن، كأنه أصبح ذكرى غائمة في عقلها.
"لا تقلق، حسن." قالت بهدوء، وهي تضع يدها على كتفه. كانت لمستها رقيقة، لكنها لم تكن دافئة. كانت أشبه بلمسة جسد ميت عاد للتو إلى الحياة. "أنا هنا الآن. كل شيء سيكون بخير."
لكن حسن لم يشعر بالراحة من كلماتها، لم يستطع أن يبتلع تلك الطمأنينة الغريبة في صوتها. كان هناك شيء في عينيها، شيء لم يعد يشبه زوجته التي عرفها. "ليلى، هل أنتِ متأكدة؟" سأل بصوت مرتجف، نبرة يملؤها الشك. "لقد كنتِ تتصرفين بغرابة... لم تكوني أنتِ... من كنتِ تتحدثين معه؟"
أنت تقرأ
DAUTHTER
Kinh dịدماءٌ توارثتها نساءٌ بغير قصد، لعنةٌ خافتٍةٌ كالريح، لا تُرى ولا تُصد. فتحَت ليلى عينيها على ظلامٍ غريب، ملَكها السحرُ كجداتها، والشر منها اقترب. آهاتٌ تُحاكي الشوق للقبر والسهاد، وترنيمةٌ قديمةٌ في عروقها تسري كالسهاد. كلَّ ليلةٍ، تهمس لها الظلال ب...