part 20 : أُمنية قديمة

83 12 5
                                    

تسير نحو العمارة التي تسكنُ بها بخطى بطيئة وبيدها كوب ورقي يتصاعد منه بخار القهوة ، كانت ترتدي بجامة منزلية باللون الرمادي وفوقها معطف اسود برفقة حذاء رياضي وكانت تجمع شعرها على شكل كعكة فوضوية تنزل منها خصلات تحيط ملامحها الشاحبة ، كانت بالكاد تأكل...تتحرك...تخرج من الشقه...لذا كانَ الاهتمام بمظهرها الان هو اخر همومها..

السماء برتقالية تعلن عن غروب الشمس والهواء كانَ بارداً جداً ، تخطت زحمة السير التي على الرصيف ودخلت من بوابات المدينة السكنية التي تقطن بها ، اتجهت نحو العمارة رقم 89 حيث تسكن في سقيفتها ، نظرت نحو باب العمارة لتقف بمكانها متجمدة وهي تبتلع ريقها

ثلاثة أشهر وأسبوعان....
ثلاثة أشهر ونصف...منذ ان غادرت روسيا...تركتها لهُ وهربت منه ومن مشاعرها وألمها... ، رمشت بعينيها وضغطت بأصابعها على الكوب الذي بيدها عندما استدار بجسده ونظر ناحيتها على حين غرة...يقاطع سلسلة افكارها...وانفاسها بالوقت ذاته...
يا الهي كم اشتاقت إليه...و لملامحه السمراء..

بقي كلاهما يقفان بمكانهما يحدقان ببعضهما البعض ، تفصلهما خطوات قليلة والكثير من الخيبات ، كانَ كلاهما ينظران بعينا بعضهما البعض دون ان يتحركان او يقطعان المسافة التي بينهما ، كل واحد كانَ يروي عطشه من الآخر بنظرات بعيدة وكأن كلاهما يخافان الأقتراب...يخافان من الضعف الذي سيخلقه قربهما...

اغمضت آنديريا اجفانها لثواني واخذت نفساً تحاول السيطرة على أجيج مشاعرها ، فتحت عينيها ومن دون النظر اليه قد اكملت سيرها تقترب منه ،

بقي ينظر ناحيتها وهي تسير بأتجاهه ، يشعر بأنامله ترتجف من فكرة لمسها ، كل حواسه كانت تنتظر...
انفه كانَ ينتظر استنشاق رائحتها...
جسده كان يحترق للمس جلدها....
أذنه تنتظر التقاط نبرتها....
عينيه تنتظر تقديس ملامحها وهي امامه....
وشفتيه...آه...
شفتيه كانت بأنتظار التقاط شفتيها...
وبراعم تذوقه تنتظر لتذوق كل انشٍ منها......

كان يود التحرك...السير...الركض اليها ليضمها الى جسده....ولكن جسده كان ثقيلاً من هول المشاعر التي يعيشها...، لقد اعتاد ان يفارقها لشهور وسنوات...ما هذا الضعف الذي حلَّ بِه بهذه الشهور القليلة ؟...أكان حقاً السبب بأنه ذاقَ حُبها...لمسها...وجودها...واعتاد عليها...اكان السبب بأنهما كانا بعلاقة لأول مرة...علاقة قد اخبرها بأنها مزيفة...سخيفة...لن يقدم لها اي شيء بها....ولكنها كانت حقيقية....حقيقة لهُ لدرجة انه يود دفع حياته كثمن من اجل ان يعيش الايام المعدودة التي قضاها معها كحبيبين....من اجل ان يدعوها امام العالم بأكمله بأنها تخصه...بأنها لهُ هو وحده... وبأنها أمرأته...

رمش بعينيه عندما تخطته وهي تضرب كتفها بكتفه دون اهتمام...
تخطت جسده وكيانه...
وكأنه غير موجود ولم يُخلق يوماً ويُجسد امامها...
دهست على مشاعره و آماله كما فعل هو معها قبل ثلاثة أشهر ونصف... ، ولكنه امسك بذراعها بسرعة لتنفض هي يدها بقوة ، استدار بجسده يقابل جسدها وملامحها المنزعجة ، دفع الكوب من يدها الاخرى بعنف لتنسكب القهوة على الارض ومن ثم امسك بذراعها ليجر جسدها ويحتضنه...يحتجزه بأكمله بين ذراعيه ، وضع انفه عند رقبتها يستنشق رائحتها بعمق وهو يغمض عينيه ، حرك يديه...احدها وضعها على خصرها يشدها ناحيته وكأنه يريد ادخالها الى داخل قفصه الصدري ويده الاخرى وضعها على رأسها من الخلف...يدخل اصابعه بين خصلاتها المرفوعة...يُشبع شوق اصابعه لملمس خصلاتها الناعمة ،

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 08 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Black beauty || مُنطَفِئحيث تعيش القصص. اكتشف الآن