-حَدَثْ-

40 2 19
                                    

لا أذكر كيف بدأ الامر...


لكنه بدأ على كل حال...

كنت اجلس مع صديقتي في احدى قاعات الصفوف الفارغة، في منتصف الصيف، أشكو لها وحدتي و همِّي، واستني و على عكس طبعها الهادءالرزين فانها لا تفشل في رسم ابتسامة على شفتي ببعض نكاتها التي لا يفهمها سوانا...

كنا نتجول في باحة الثانوية التي كانت تخلو من اي مخلوق-على غير عادتها- حيث انها لطالما عجّت بالطلاب من مختلف الاعمار وبعض الاداريين، لكنني لم اكن متعجبة او مستغربة لسبب خَفِيَ عني...

هبّت علينا نسمة شتوية باردة جعلت اجسادنا تقشعّر تحسبا للآتي...

تضمّن -الآتي- اختباء شمس الصيف الحارقة خلف غيوم كثيفة هُيِّئ لي انها بنفسجية اللون، تراودت الى "سارلين"-صديقتي- رائحة امطار شتوية قادمة، رغم اننا في منتصف الشهر السابع إلاّ انني لم استطع الشك في كلامها، لأن نفس الشعور الغريب خالجني، لقد كنا نمشي نحو-لامكان- مع ذلك بدونا اننا نسير في طريق نجد هدفنا في نهايتها؛

احسست فجأة بطيف مرّ علي، التفت للوراء لأرى ما كان ذلك، لقد كان رجلا طويل القامة، نحيل لكن ذو بنية متكاملة، لباسه الاسود المتوّج بحواشي ومقنيات حمراء بلون السّعير ومشيته التي توحي انه يبحث عن اعز ممتلكاته المفقودة، قبل ان اشيح نظري عنه، بدأ مطر غزير يهطل بلا مقدمات، كان ساخنا جدا و كأنه جمرات مشتعلات تبزقها السماء غضبا علينا، التفتنا يمينا ويسارا بحثا عن مكان نلتجأ اليه، لفتت "سارلين" انتباهي بصرختها "هناك!!" بينما تشير الى مكان الحرم المدرسي، لكن الحرم كان مختلفاً... كثيراً... كان بحجم الحرم ونفس هيكله لكنه كان اشبه بنُزل بطابع أوروبي-آسياوي مكسو بلحاف خشبي لامع بلون خشب شجر البلوط...

اتجهنا اليه مسرعين الخطى بينما نحتمي من قطرات الماء المشتعلة بأيدينا الى ان وصلنا واعترض رجل اخر طريقنا عند مدخله...

-وكر الثعلب الشيطاني-

في ظل ضوء القمر الخافت، ظهر كأمير غامض ينتمي إلى حقبة بعيدة من العوالم الشرقية الأسطورية. ملامحه كانت رقيقة بشكل لا يوصف، لكن نظرة عينيه تحمل قوة غريبة، كما لو كانت عيون ثعلب شيطاني تلمع في الظلام. شعره كان يشع بلون فرو الثعلب، لونه متدرج بين الذهبي والبني الغامق، يعكس وهج الضوء كلما تحرك برشاقة. كان يرتدي ملابس تقليدية آسيوية فاخرة، تتناثر عليها تفاصيل من الذهب والحرير.

في يده اليسرى، كانت مروحة كبيرة مزينة برسومات تنين وثعلب، تتحرك بخفة مع كل خطوة، بينما كانت صرة المال تتدلى من خصره، تدل على ثراء لا يوصف لكنه مغطى بهالة غموض. الهالة التي تحيط به كانت تشبه دوامة من الدخان الأزرق، تنبثق من جسده كلما تحرك، وكأنها جزء من قوته الشيطانية. كانت تلك الهالة تعطي شعوراً بأنه ليس مجرد إنسان، بل كائن قادم من العوالم الأخرى، ثعلب شيطاني ينتظر اللحظة المناسبة ليكشف عن حقيقته.

وكر الثعلب الشيطاني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن