سجين القلعة أم ضيف الشرف

0 0 0
                                    

وفُتحَ الباب ليسفر عن غرفةٍ في منتهى الجمال والروعة...

وقد اخترقت أشعة الشمس نوافذها فتراقص كلُّ ما فيها وازدهر...

وتفاعل نورها مع خضرة النبات فجعل الجوَّ فيها خفيفاً ولطيفاً...

وعلت أعناقُ الورود لتلامسَ الضياءَ...

وتقطفَ منه دفئاً يلوِّنُ خدودها ويقوي عودَهَا... ففاحَ عبيرُها وعانَق السماء.

وتجمعت عصافيرٌ رشيقةٌ اشتركت في تغريد لحنِ العذوبة وأنشودة اللقاء...

وخطا السجينُ داخلَ الغرفةِ خطوته الأولى...

* * *

في كل يوم عندما يأتي المساء... ويبدأ الظلام بالزحف إلينا من ناحية الشرق ببطء وتروٍّ ولا يلبث أن يلفَّنا بردائه ويسترنا حاملاً معه الهدوء والسكون. لننال قسطاً من الراحة والاسترخاء فيجدِّد كل واحد منا نشاطه وينفض عنه عناء اليوم وتعبه، وتبدأ النسمات اللطيفة بالعبور إلينا مشبعة بالرطوبة والنقاء... فننتعش ونملأ صدورنا من هوائها العذب الصافي... ويخلد الكل إلى النوم بأمان وسلام: الطيور في أعشاشها... والحشرات في أوكارها... وهكذا كل حيّ في عالمه المخصَّص له والذي فُطِرَ على التكيُّف معه...

وينزل علينا سلطان النوم فنستسلم له برغبة وشوق لأن فيه راحتنا ومن بعده نقطة انطلاقنا لنكمل حياتنا بجد ونشاط متجدد وروح منطلقة حرة...

وتشرق الشمس علينا من جديد... شمس متَّقدة منذ آلاف السنين، دافئة منيرة، وتعود الأرض إلى حركتها ونشاطها ويخترق الدفء كل ذراتها متسلِّلاً إلى أعماقها... وتسقط أشعة الشمس على الأرض فتحيا وعلى الشجر فيخضر وينمو وعلى التراب فيتغذى وعلى الثمر فينضج... وعلى البحر فتتبخر مياهه ويتصاعد بخارها على جناح الرياح بخفة ورشاقة ليتوضَّع في السماء وتتشكل الغيوم على طبقات... وما أن تكتمل حمولتها حتى تمسك الرياح بلجامها فتسير في رحاب الله بسهولة ويسر إلى بلد شاءت إرادته جلَّ وعلا أن تُروى وتُسقى أرضها العطشى...

وتشتد زرقة السماء ويزداد صفاؤها... وتعود الطيور تحلِّق فرحةً جذولةً بالنور... تعيش في نعيم تغرد في سرور... ما أبدع الضياء، ما أعظم الخلاق!.

وتسبِّح الكائنات بحمد الله... مقدِّسة هذا العطاء معبِّرة عن حبها وولائها لهذا الإله القادر المقتدر العظيم... ساجدة على أعتاب العزيز مؤدية وظيفتها طمعاً بالرضا والعيش الهني الكريم وهكذا دواليك... أرض تدور سابحة في الفضاء... ترفدها بالعطاء هذه الشمس العظيمة ذلك السراج الوهَّاج الذي لا ينطفئ أبداً، بل لا يغيب ولا يخيب... ومن حولها قمر وكواكب وأجرام، والكل مرتبط ببعضه فلا خلل ولا اعتداء... حتى تكتمل الدورة وتمرُّ الأرض بالفصول الأربعة لتعود من جديد حيث بدأت أول مرة... لتخطَّ سنة جديدة في كونها العظيم وتتوالى علينا نعم الله دون انقطاع أو تقصير ويعيش الكل الحياة كأنما خلقنا بعد النوم من جديد.

تفاسير ومعاني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن