تعامل النبي مع غير المسلمين..♥

72 8 0
                                    

إنفرد نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بميزات خُلُقية خصَّه الله تعالى بها فقال: ( وإنك لعلى خلق عظيم ). سورة القلم/4 ، فهو أصدق الناس حديثا، وأشرفهم قدرا، وأكملهم خُلقا، وأحرصهم على هداية الناس وحب الخير لهم، بغضِّ النظر عن دينهم وجنسهم، ومن الصور التي تتجلى فيها هذه المعاني السامية، تعامله - صلى الله عليه وسلم - مع الكفار، وبخاصة الذين لا يكيدون للمسلمين ولا يؤذونهم، والذي كان يقوم على أسس واضحة من تعاليم هذا الدين، وقد اخترتُ منها ما هو جدير بالتنبيه عليه، في زماننا الذي تعالت فيه صيحات تطالب بالمحافظة على حقوق الإنسان وكرامته وحرياته، وذلك على النحو التالي:

أولا: تأكيده - صلى الله عليه وسلم - على وحدة الأصل الإنساني:

من مبادئ الإسلام الأساسية أن الناس كلهم من أصل واحد، قال الله تعالى: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ). سورة الحجرات/ 13.

وقد كرَّم الله عموم الناس لمعنى الآدمية التي فيهم، فقال سبحانه: ( ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيِّبات وفضَّلناهم على كثيـر ممن خلقنا تفضيلا ). سورة الإسراء/ 70. وتكريم الإنسان هذا لا يحدُّه زمان ولا مكان، سواء كان حيَّاً أو ميتاً.

ومما روي في تعامله - صلى الله عليه وسلم - مع غير المسلمين، وتكريم الأحياء منهم، ورحمتهم والعطف عليهم، حتى لو كانوا مذنبين ـ وذلك من أجل الإنسانية التي فيهم ـ أنه مرَّ بأسير في وَثاقه، فناداه: يا محمد، يا محمد، فأتاه فقال: ما شأنك؟ قال: إني جائع فأطعمني، وظمآن فاسْقني، فأمر له النبي - صلى الله عليه وسلم - بقضاء حاجته. رواه مسلم.

أما تعامله - صلى الله عليه وسلم - مع غير المسلمين من غير الأحياء، وتقدير إنسانيتهم، فيدل عليه ما رواه البخاري ومسلم أن سهل بن حنيف وقيس بن سعد كانا قاعديْن بالقادسية، فمُرَّ بهما بجنازة فقاما، فقيل لهما: إنها جنازة غير مسلم، فقالا: مرَّت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنازة فقام لها، فقيل: إنها جنازة يهودي! فقال: أليست نفْساً!.

ثانيا: عفوه - صلى الله عليه وسلم - عند المقدرة:

من الأمور التي دعا إليها الإسلام ورغَّب فيها، العفو عند المقدرة، وقد أرشد الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - إلى العفو عن الآخرين ولو كانوا غير مسلمين، فقال سبحانه: ( ولا تزال تطَّلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعفُ عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ). سورة المائدة/ 13.

ومما روي في عفوه - صلى الله عليه وسلم - عمن أساء إليه من مخالفيه، أنه لما فتح مكة، وقف بباب الكعبة وقد امتلأ المسجد الحرام بقريش، التي أذاقته وأصحابه أشد أنواع العذاب والاضطهاد، وحاولت قتله ليلة الهجرة، وهاهي الآن تنتظر مصيرها المجهول، فخاطبهم قائلا: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطُّلَقاء.

يا خير من بشرت به البشريةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن