٠٩٠

40 3 3
                                    

الناس نامت وانا ياسعود سهران

والعين تبي النوم والنوم يجفيها

اشتقت وانا من كثر الشوق تعبان

والنفس مالقت من يواسيها

وقلبي حزين والخاطر ماهوب طربان

والنفس مالقت يا سعود من يسليها
.................
في الحوش الخلفي، كان عُمر واقف عند الجدار يطالع السماء. الجو هادي والهواء البارد يلفح وجهه، بس مو هادي بداخله. جنب النافورة البعيدة عن عُمر، كانت موضي واقفة هي بعد، تلعب بطرف شيلتها. فجأة، التقت عيونهم. لحظة قصيرة، لكنها كانت مليانة شعور غريب، كأنه الهواء صار ثقيل والوقت وقف. حسّوا بشيء ما يدرون وش هو، شي يكتم صدرهم.
قالت موضي، بنبرة تحاول تخفي اللي حست فيه: خير؟
رد عُمر وهو يمشي، يحاول يغيّر الموضوع: ما شي.. بس كنت أفكر في شيء
ردّت عليه وهي تسحب نفسها بهدوء، تبي تهرب من هذا الجو: زين، لا تكثّر تفكير، بتتعب عقلك
عُمر راح على المجلس، مكانه المعتاد مع مطلق، جده، وخواله محمد وطليّم. الرجال كانوا يسولفون، يضحكون، لكن عُمر كان غايب عنهم. خاله محمد لاحظه وسأله: عمور، وش صار لك مع الناقه؟
لكن عُمر كان بعيد... ذهنه مع موضي، مستغرب ليه فكر فيها، وليه هالنظرة حرّكت فيه شيء. يحس إنها تكتم داخلها. ما عاد يسمع شي.
جدّه عصب، قام وضربه على كتفه: يا ولد، تكلم معنا، ما انت هنا!
عُمر فزع والتفت لهم، شاف وجيههم معصبة. قام بسرعة يمشي للغرفة تحت صدمتهم منه، ما قدر يواجه أحد. دخل، قفل الباب، ورمى نفسه على السرير.
الحين، بينه وبين نفسه، ما يقدر ينكر هالشعور اللي يحس فيه.
.....
بعد ما طلعت موضي من الحوش وراحت للسطح، كانت تحاول تتنفس، لكنها تحس بشي غريب في صدرها، كأن الهواء ما عاد يكفي. جلست على حافة السطح، المكان اللي دايم ترتاح فيه، تناظر البيوت اللي قدامها والسماء اللي بدأت تغيب عنها الشمس.
همست بين نفسها: وش اللي صار لي؟. تسند رأسها على ركبتها وهي تحاول تفهم هالموقف. كانت طول حياتها تعتبر عُمر مجرد قريب، واحد من العائلة، لكن اليوم، لما عيونهم التقت، حسّت بشيء ما عمرها حسّت فيه.
قالت بصوت واطي وهي تضغط على يدها: مستحيل... أنا أكيد متوهمة. كأنها تحاول تهدئ قلبها اللي ينبض بقوة.
رجعت تراجع الحوار اللي صار بينهم في الحوش.
موضي: "خير؟" سألت وهي تحاول تحافظ على برودتها المعتادة، لكن بداخلها كانت مضطربة. ليه حست بهالشعور؟ ليه صار قلبها يدق بسرعة يوم شافته يطالعها بهالنظرة؟
عُمر: "ما شي.. بس كنت أفكر في شيء."
"أفكر في شيء؟ وش يعني؟ كان واضح إنه يكتم مثلي. لكن ليه؟" تفكر وهي تسترجع طريقته في الكلام، كانت عيونه تقول شي ثاني غير اللي قاعد يقوله.
"زين، لا تكثّر تفكير." ردّت عليه ببرود، لكنها بداخلها كانت خايفة، خايفة من اللي ممكن يصير لو استسلمت لهالشعور. هي تعرف إن هالشيء مستحيل، مستحيل إنها تسمح لنفسها تنجرف ورا هالتفكير.
موضي شدت على نفسها وهي تناظر الغروب: لازم أكون أقوى من كذا... هذي مشاعر مؤقتة، بتمر، عُمر ما يهمني محد يهمني، مستحيل احب بعد الي سواه فيني سامي
لكن كل ما حاولت تقنع نفسها، كل ما حست إن هالشعور قاعد يتغلغل أكثر.
........
موضي نفضت أفكارها عن عُمر، وهي تحاول تتماسك وتكون طبيعية قدام نفسها أولاً، وقدام اللي حواليها ثانياً. نزلت من السطح وهي تاخذ نفس عميق، تحس كأن الجدران تحاصرها من كل اتجاه. "ما ينفع كذا... لازم أرجع لطبيعتي." قالت لنفسها وهي تفتح باب المجلس بهدوء.
أول ما دخلت، شافت الجدة، عِقد، وخالتها سمر جالسين يتكلمون بصوت واطي. الجو كان ثقيل شوي، وكلهم عارفين السبب-أمها كانت محبوسة في غرفتها بقرار من الجد بعد ما اكتشف إنها كانت تطلع مع شباب.
سألتها خالتها سمر بنبرة كأنها عادية: هلا موضي، وين كنتِ؟،
لكن موضي حسّت بفضول مخبأ ورا السؤال، وكأن سمر تنتظر رد فيه أكثر من بس مكان جلوسها.
ردت وهي تحاول تغيّر السالفة بسرعة: كنت في السطح، أحب أقعد هناك وقت المغرب
ما ودها تنفتح على سوالفها مع عُمر، خصوصًا قدام الجدة اللي دايم عيونها تقرأ الناس قبل لا يتكلمون.
الجدة رفعت عيونها من الأرض وقالت: السطح زين لهدوء البال، بس لا تطولين يا بنتي. الجو قلب برد
موضي ابتسمت ابتسامة خفيفة، حست إن الجدة تفهمها رغم إنها ما قالت شي.
.................
في الفندق
وتين قاعدة تلبسين عبايتها
و عوض جالس ينتضرها
وتين. لبست شنطتها و اخذت جوالها و قالت: يلا حبيبي خلصت
وقف عوض و شابك اياديهم و ابتسم و قال: يلا يا حبيبتي
و طلعو بتجاه المطار
................
في بيت الجد
في مجلس الحريم
فجأة، الباب انفتح ببطء، ودخلت آديم والعنود، الكل قام، والوجوه تحولت من ثقل إلى فرحة. الجدة كانت أول وحدة تقف وقالت وهي تبتسم: الحمدلله على سلامتك يا بنتي!
العنود ابتسمت وهي ترد: الله يسلمك يا جدتي
سمر قالت بسرعة: لا تقولين كذا، أهم شي صحتك!
وبدت تسلم عليها وتجلسها جنبها. الكل كان يتحمد على سلامة العنود، وسوالف الحب والفرحة رجعت تحلي الجو من جديد.
بعد وقت بسيط، دخل الجد ومعاه طليّم محمد. كان الجو ثقيل أول ما دخلوا، خصوصًا الجد اللي دايم يفرض هيبته بكل خطوة. كلهم قاموا يرحبون ويصافحونهم، وكل واحد فيهم يتحمد ل العنود على سلامتها.
الأحفاد بدوا يجون بعد شوي، واحد ورا الثاني. سعد كان آخر واحد يدخل، توه جاي من عند خويه
الجلسة صارت مليانة ضحك، والكل تذكر أيام الطفولة. الأحفاد بدوا يحكون عن مغامراتهم القديمة وكيف كانوا يتهاوشون وهم صغار. كل واحد فيهم كان عنده قصة يضحك عليها، وماضيهم كان يتكرر في كل ضحكة.
العنود قالت وهي تضحك: تتذكرون يوم كنا نتسابق على الدراجات في الحوش
كمل سعد: و جدي عصب علينا لأننا خربنا له النخل؟
كلهم انفجروا ضحك. موضي كانت تضحك، لكن عيونها كانت تلمح عُمر، وكل ما تتذكر اللي صار بينهم في الحوش قبل شوي، تحس بضيق ما تفهمه.
جاء وقت العشاء، وقعدوا كلهم على السفرة. الأطباق كانت تتوزع، والكل كان يستمتع بالأكل والضحك، إلى أن بدأت مناقرات عُمر وموضي، الشي اللي ما يكتمل بدون هاللحظات.
قال عُمر بجدية وهو يشوف موضي تمد يدها للصحن قدامه: لا تاخذين من هالصحن، أنا كنت أبيه!
موضي رفعت حاجبها بمزاح: تبي تاخذ كل شي لك يعني؟
عُمر رد بضحكة خفيفة: أخذ اللي أبي، ما عندي مانع.
موضي وهي تقلده: انننننننن اقول سكر فمك
الجميع كانوا يبتسمون على هالمناقرة اللي دايم تصير بينهم. كانت مثل الروتين اللي يتكرر بكل تجمع. ومع كل ضحكة تطلع، موضي تحس شوي براحة. هاللحظات الصغيرة كانت تهديها، تعطينها شعور بالأمان، حتى لو كان قلبها متلخبط ومشتت من اللي صار بينها وبين عُمر.
.....
بعد العشاء، البنات قرروا يسحبون العنود لغرفتها، يبيون يجلسون مع بعض مثل العادة. أول ما جلسوا، قالت موضي: "خلونا نفتح فيديو كول مع عفرا، أكيد تبي تطمّن على العنود (ينادونها بأسمها بحكم انها من عمرهم)
فتحوا الفيديو كول، وظهر وجه عفرا مبتسمة: الحمدلله على سلامتك يا عنودي! سمعت إنك طلعتي من المستشفى بخير، الله يديم عليك الصحة
العنود ردت بابتسامة: الله يسلمك يا عفاري
بعدها بدأوا يحكون لعفرا و العنود عن كل اللي صار في غيابها. سوالف عن اللي صار في البيت، الضحكات، المواقف الطريفة، والأشياء اللي فاتتها. لكن موضي كانت هادية، ما جابت سيرة اللي صار بينها وبين عُمر. كل ما تبي تحكي، تحس إن الكلام يوقف في حلقها.
وسط السوالف، جت سالفة خطبة رعد وآديم. فجأة آديم ابتسمت وقالت: ترى رعد حدد موعد الخطبة، بيكون الأسبوع الجاي.
كلهم فجأة صاروا يباركون لها
عِقد: مبروك مقدماً يا آديم
عفرا: الله يتمم على خير!
الجو صار مليان فرحة وكلام عن الاستعدادات للخطبة. العنود رغم تعبها كانت تبارك وتشاركهم الفرحة.
بعد ما قفّلوا من عفرا، كل وحدة بدأت تتجه للفراش. مثل العادة لما يجتمعون في بيت الجد، دايم ينامون في غرفة وحدة. الفرش كانت جاهزة، وكل وحدة تمد جسمها على الفراش وهي تجهز نفسها لليلة جديدة مليانة سوالف خفيفة وضحكات.
الجلسة بدأت بهدوء، لكن السوالف بدت تاخذهم لأيام الطفولة، كل واحدة منهم تضحك وتشارك في الذكريات. الليل صار هادي، ومع مرور الوقت، بدت كل وحدة تغرق في النوم بهدوء، إلى أن ساد الصمت على الغرفة، وما بقي إلا الأحلام تجمعهم
.................
قرروا الشباب يسهرون في المجلس بعد ما الجد ومحمد وطليّم انسحبوا للنوم، بحكم إنهم كبار وما يحبون السهر. الجو في المجلس كان مليان حماس وضحك، عُمر ومطلق كانوا غارقين في لعب السوني. مطلق كان دايم يفوز على عُمر، والضحكات ما تنقطع مع كل جولة.
عُمر رفع حاجبه وضرب الطاولة بخفة وقال: يا مطلق، يا أخي كيف كل مرة تفوز؟! تعلمني السر ولا وش السالفة؟
مطلق ضحك بصوت عالي وهو يرد: ما في سر يا عُمر، بس إنت بطيء، تعلّم تلعب زين بعدين تعالى تحداني.
رعد، اللي كان جالس جنبهم، يشجعهم ويقول: يا رجال، يا عُمر، خليها على الله، هذا مطلق محترف من يومه، لا تتعب نفسك..بعدها التف لرعد على سعد اللي كان جالس جنبهم وقال له: سعد، وش علوم سفرتك؟ ما قلت لنا شي؟ وين رحت ومتى ترجع؟
سعد توتر في البداية، لأنه كان مع العنود طول الوقت بدون ما حد يدري، بس آديم هي الوحيدة اللي كانت تعرف الموضوع لأنها كانت قريبة من العنود وحكت لها كل شي.
سعد ابتسم بسرعة وقرر يمشيها، وقال وهو يمدح السفره: والله كانت سفرة حلوة، الأجواء هناك ما تتفوت. كان المفروض تاخذون إجازة وتجون معي، بس للأسف، ما لقيت اللي يرافقني.
مطلق، وهو لسه مركز على اللعب، قال: "جل يا سعد، متى السفر الجاية؟ أنا مستعد!
فجأة، دق جوال مطلق، أخذه بسرعة ونظر للشاشة. كان المتصل عوض، اخوه اللي كان بيسافر هو ووتين شهر العسل . رفع مطلق الجوال وهو يقول: "
دقيقة، خلوني أرد.
رد مطلق وقال: هلا عوض! شلونك؟ وينك الحين؟
عوض رد: هلا مطلق، ترا أنا بالمطار الحين، خلاص بنطلع الطيارة انا و وتين. حبيت أسلم عليكم قبل ما نطير.
مطلق ابتسم وقال: تروحون وترجعون بالسلامة إن شاء الله. لا تنسى تصور لنا من هناك.
عوض ضحك وقال: إن شاء الله، لا توصيني. يالله، ودع الشباب عني.
قفل مطلق المكالمة ورجع يكمل اللعب مع الشباب.
سأل عُمر وهو يلعب: وش قال عوض؟.
مطلق رد: "يودعنا، بيركبون الطيارة
الشباب كملوا السهرة، وجاء الدور لسعد يلعب مع رعد. سعد استغل الموقف بعد ما توتره خف من سالفة السفره، ولعب بكل قوة. فاز على رعد بسرعة، وخلا الكل يضحك عليه.
رعد ضحك وقال: هاه، أجل سعد رجع محترف بعد السفره؟
سعد ضحك وقال: ما قلت لك، السفر يفتح العقل.
بعد شوي، قرروا يغيرون اللعبة، وبدوا يلعبون جاكورو. كان الجو مليان تحدي وضحك، وكل واحد يحاول يغلب الثاني. لكن مع الوقت، بدأت عيونهم تثقل، وكل واحد صار يتعب من الضحك واللعب.
عُمر قال وهو يمدد جسمه على الكنبة: يا جماعة، الظاهر خلاص... غلبني النوم.
مطلق رد وهو يتثاءب: وأنا بعد... ما أقدر أكمل.
رعد، اللي كان مستلقي على الأرض، ضحك وقال: يا شباب، ناموا ناموا، ترا الحين وضعياتكم كلها تصير مضحكة!
وفعلاً، غلبهم النوم، وكل واحد نام بوضعية غريبة. عُمر كان مستلقي على الكنبة ويده متدلية على الأرض، مطلق نام جالس على الكرسي ورأسه مائل، وسعد نام وهو مستلقي على بطنه، ورعد كان متمدد على الأرض، ضاحك وهو يحاول ينام.
كانت السهرة مليانة ضحك، وفي النهاية، ضحكاتهم غلبها النوم، وتركت المجلس مليان بصوت النفس الثقيل للشباب اللي انغمسوا في أحلامهم.

(هلووو البارت ما فيه أحداث قوية بس ما حبيت اطول و سامحوني على الأخطاء الإملائية و ترا بقطع شوي عشان الدراسة و احبكم🎀💖✨️)

يَا لَيْل بَعْد العَنَا شِفْت السَّعَد...غَمَّارَة الشَّوْق زَادَتْ بِالقَلْب.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن