السَّلام عليكَ يَا صَاحبي،
تسألني : ما يفعل من زُفَّتْ حبيبته إلى غيره؟
فأقول لك : أولاً أسأل الله أن يربط على قلبك،
فليس هناك عملية جراحية أكثر ألماً في الكون من أن يستأصلوا قطعة من قلب رجل وهو ينظر إليهم دون بنج حتى!يا صاحبي،
قال الإمام القشيري في تفسير قول ربنا على لسان سليمان عليه السلام: «لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه» العذاب الشديد هو أن يُفرّق بينه وبين من يحب،
فإن فقد الأحبة غربة!تحتاج أن تتخفف من مشاعرك يا صاحبي،
أنفُثْ هذا البركان المشتعل في صدرك،
أطفىء هذه النار المستعرة في قلبك صلِّ،
صلِّ كثيراً، وسبح، واستغفر!
ابتكر طريقة مجنونة لتريح نفسك،
كأن تكتب رسالةً إلى زوجها دون أن ترسلها له، صدقني سيساعدك الأمر ولو قليلاً!قل له : لا تدعها تنام ليلةً وفي عينيها دمعة، فهذا يتعبها كثيراً، تؤلمها معدتها حين تحزن، وتتلوى من الألم، وتتوقف عن تناول الطعام !
فتحايل عليها لتضحك ولو اقتضى الأمر أن تعتذر لها رغم أنها المخطئة، فلا تتردد المهم أن لا تتركها تنام حزينة !
قُل له : لا تخدعنك بهذه القسوة التي تبدو عليها،
هي طيبة من الداخل، عذبة جداً،
ورقيقة بشكل مفرط !من لا يعرفها يحسب أنَّ فيها شيئاً من التناحة ويباسة الرأس ولكن من يعرفها جيداً، يعرف أنها طفلة كبيرة، تعطيك الدنيا كلها إذا أشعرتها بحنانك إنها تمتلك من قلبها، من قلبها فقط،
فدع عنك قسوتك،
القسوة معها لا تجدي،
القسوة تخرج تلك المحاربة العنيدة الكامنة فيها،
وباللين تجدها أنعم وأرق من وردة !قل له إنها تحب الاهتمام، فانتبه لها جيداً،
يسعدها أن تصب لها القهوة في فنجانها، الفنجان الثاني
خصوصاً!وأن تطعمها لقمة بيدك، وأن تنتبه لخدش صغير في يدها
فتسألها عنه،وإياك أن تشيح بوجهك عنها وهي تُحدّثك، فهذا يزعجها
كثيراً، أنظر إليها باهتمام وهي تكلمك، ثمة كلام كثير تقوله بعينيها دون أن تقوله بلسانها،
عندما تعرفها جيداً ستفهم هذه النقطة جيداً !سلها كيف كان يومها ، ماذا أكلت، وأين ذهبت، وماذا تريد أن تفعل ببقية يومها
وعندما تحدثك عن مشاكل عملها اصغ،
إنها لا تحملك مشاكلها ،
صدقني هي أقوى مني ومنك، ولكنها طريقتها في أن تتخفف !
قُل له كُن ذكياً وأنت تتعامل معها ، انتبه جيداً للأشياء التي تنقصها واحضرها لها دون أن تطلب، فهي عزيزة نفس، لو ماتت عطشاً لن تطلب منك كوب ماء تحمله بيدك،
ولكن يسعدها جداً أن تسقيها أنت إنها لا تهتم بالحصول على الأشياء بقدر ما تهتم بطريقة الحصول عليها !
قل له عندما تراها حزينةً لا تكلمها، ولا تواسها،
تمر بها لحظات لا تسمعك ولو صرخت في أذنها،
عانقها فقط، ستجدها قد بكت بسرعة، فإن بكت فعلاً،فاعلم أنها تثق بك،
فهي يحرجها أن تبدو ضعيفة ولكن متى أحبتك، فستبقى تُخزّن دموعها حتى تراك لتعانقك
وتبكي !قُلْ له ثق بها كثيراً،
فهي كتف متين للاتكاء، ومستودع أمين للأسرار، لا تُفلتُ يدها بسهولة، ولا تبوح بما أمنتها عليه، لا تبوح أبداً، دبلوماسية من الطراز الأول، لبقة كأنها كتاب في فن الأتيكيت، تراعي المشاعر، وتجبر الخواطر، وتبتسم في أشد لحظات غيرتها ،
لأنها لا تريد لك أن تحزن نبيلة إلى درجة تُقدّم من تُحب على نفسها، ويا لحظ من تحبه!
قل له لا تخدعنك هذه المتناقضات التي قد تراها للوهلة
الأولى،إذا أعجبتك رقتها ، فلا تنس تلك الشرسة الكامنة فيها !
وإذا أخافتك شراستها، فلا تنس تلك الرقيقة التي تكونها
عندما ترضى،نسيت أن أخبرك، أنها لا ترضى سريعاً، هذا طبعها،
عليك أن تحاول أكثر من مرة، وهي والله تستحق!
إذا رأيتها غارقة في عملها، فلا تقل لا قلب لها، هي تحب أن تنجح، وأن تكون فخورة بنفسها،
تكره الاعتماد على الآخرين، ويوجعها أن تعتمد على أحد ولكنها حين تحب، حين تُحبّ فعلاً، فلا تشبهها بقلبها امرأة أخرى في هذا العالم !جرب هذا يا صاحبي لعله ينفع وإن لم ينفع،
فأنت لم تخسر شيئاً،
ثمة خسارات تبدو بعدها كل الخسارات الأخرى مجرد هزائم تافهة،
وأي خسارة أكبر من أن يخسر رجل المرأة التي يحب!هو قدر الله يا صاحبي، فتأدب!
توجع بالحمد، وتصبر بحسبي الله الوكيل،فما فاتك لم يُخلق لك، وما خلق لك لن يفوتك،
رفعت الأقلام وجفت الصحف،
{لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}والسَّلام لقلبك.
.
.
.
لا إله إلاّ أَنْـتَ سبحانك إني كنت من الظالمين.