الحوت الأزرق

95 11 2
                                    

إستيقظت رضا باكراً كعادتها، تفتح عينيها ببطء وتفحص الغرفة من حولها، لكن الجديد اليوم كان وجود ديدي بجوارها، فقد إعتادت على الإستيقاظ وحيدة

جلست على السرير، وضغطت يديها على جبهتها محاولة التخلص من شعور الفراغ الذي بدأ يتسلل إليها مع كل صباح منذ أن فُصلت من وظيفتها

نهضت وكان ذهنها مشغولاً بالعمل، كانت تشعر بالحنين لذلك الروتين الذي كانت تعيشه، فهي لا تحب أن يتغير شيئ في حياتها، كان العمل بالنسبة لها أكثر من مجرد وظيفة، كان هو أساس يومها، كانت تفتقد هذا النشاط الذي كان يملأ حياتها ويعطيها معنى
لكن اليوم، كما كل الأيام الماضية، لا شيئ لتفعله إلا الدوران في شقتها والتحديق في الجدران

أعدت كوب القهوة الذي كان بمثابة مرافقها المخلص منذ سنوات، وجلست تحتسيه في هدوء بينما كانت أصابعها تتنقل بسرعة على هاتفها تتفقد المنشورات على فيسبوك
كل شيئ كان يتعلق بالطب، فهي تتابع وتضيف فقط أطباء وزملاء من نفس مجالها

فقدانها لوظيفتها جعلها تشعر كأن شيئاً ما ينقصها، فكرت في الاتصال بكايلا، ففتحت المحادثة على الفور

"صاحية!"
ارسلت وما هي إلا لحظات حتى وصل الرد من كايلا

"أيوة، إنتي طبعاً صاحية بتفكري في شغلك"

"أيوة، معرفش الكابوس دا هيخلص إمته"
تنهدت بضيق

"يا بنتي اسمعي الكلام وجربي حاجات جديدة"

"إيه مثلاً؟، وما تقوليش تشرد الصحرا بتاعك دا"

"جربي كاياك مثلاً"

"كاياك!، ليه شايفاني صيادة؟"
إستنكرت رضا إقتراحها

"دنتي فقر، هو الكاياك للصيادين بس؟، دا متعة"

"بقولك إيه لو عايزة أركب مركب هروح الكورنيش إنما ليه اجدف أنا؟، دا أي شقى وخلاص يعني؟"

"معرفش بقى أنا تعبت منك، اسألي البت الانفلونسر تلاقيها تعرف"

"ما تجيبيش سيرة البت دي مش بطيقها"

تركت هاتفها وهي تتنهد بضيق وقررت التنظيف لتشتيت إنتباهها

بينما كانت تعيد ترتيب غرفة الجلوس كنوع من النشاط، محاولة أن تشغل نفسها بأي شئ يخفف من حالة الملل التي تسيطر عليها، بدأت تشم رائحة دخان سجائر، التفتت بسرعة نحو مصدرها حيث كانت ديدي تقف عند باب الغرفة، تمسك بسيجارة مشتعلة، تدخن وهي تدور بعينيها في المكان

جثة خارج المشرحةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن