ماذا يوجد وراء الجسر؟، هذا هو السؤال الذي يطرحك الكثير من السكان قريه، لكنهم لا يتجرؤون على العبور. لكن كورنيال يعرف، أمضى معظم أوقاته في الحدود منذ أن بلغ السابعة عشر، يعرف أن هناك تسع عشرة شجرات سنديان متفرّقة بينها حوالي خمسين شجرة صنوبر وتوت على عرض أكثر من كيلومتر كامل، قبل أن يظهر أوّل منزل في حدود القطيع الرئيسيّ، المنزل الذي اشترته اللونا الملكيّة في صغرها لتهبه لابنها البكر كهدية حين ظهر ذئبه لأول مرة.
هذا ما يراه الآن بالضبط وهو واقف على الجهة الأخرى من الجسر، يخطو كوربنيال أرض البشر لأول مرة على الإطلاق. وضع يديه داخل جيوب معطفه الأسود الطويل، واقف دون فعل أيّ شيء آخر، فقط ينظر للجهة الأخرى من الجسر بينما هناك الكثير من العائلات التي قرّرت إخراج أطفالها لحديقة مخضرّة كهذه، صراخهم المرح يذكره بأطفالهم، إلا أن أطفال المستذئبين يلعبون بطريقة أخطر، يتسلّقون أشجارا أعلى بكثير ويتحدون أنفسهم للقفز منها، يتعلمون طريقة القفز من شجرة لأخرى، يحرزون أيّ فتاة من معارفهم هي رفيقتهم، أو يتقاتلون فيا بينهم.
آخر مرة فكّر فيها كورنيال بالذهاب لمناطق البشر كان لأجل البحث عن رفيقته ولا شيء غيره، فكرة وجوده وسط مخلوقات لا تعرف حقيقته ولا يمكنه التصرف على طبيعته تشعره بالنفور أساسا... لكنه لم يأتِ لأجل ذلك، لا، أوّل مرة خطت أقدام كورنيال أرض البشر كانت لأجل مهمة تخص عمله وأمن أرضه... الصيادين.
من الغباء مراقبة الصيادين وهم يحاولون فكّ التعاويذ وانتظارهم حتى ينجحون، يجب الخروج ورؤية ما إن كانوا قد نجحوا في فك تعويذة واحدة على الأقل، آدم... الأخ الأكبر للألفا الملكيّ بعث بخبر، أن الصيادين يحاولون التركيز على تعاويذ الهلوسة البصرية أكثر من غيرها.
لذا كورنيال هنا ليرى إن كانت التعاويذ كلها، من هلوسة سمعية وبصرية وذهنية لا تزال تعمل على البشر... يعني أنه على كورنيال أن يتعامل مع أحد البشر ويستعمله ليعرف ما يراه ليتأكد من التعاويذ البصرية، يستدرجه قرب الجسر لتجريب التعاويذ السمعية، ثم أخيرا استعماله ليعرف ما إن كان سيتذكّر شيئا ويركض بعيدا عن الغابة لفعل ما تذكره، تلك كانت حيلة التعاويذ الذهنية.
التفت كورنيال إلى يمينه حين انزعج حقا من صوت المستمر لتمزيق وتجعيد الورق، هو يسمعه منذ عشرين دقيقة ويتجاهله محاولا تصفية ذهنه والتفكير في طريقة للتعامل مع البشر بطريقة غير ملفتة للانتباه.
ساقان طويلتان مغلّفتان بسروال ضيّق من الجينز، تتربع فوق قطعة قماش باللون الزهريّ، شعر بنيّ غامق طويل وأصابع طويلة تمزق أوراقا من كراسة ما. ليس هذا ما لفت انتباهه، بل ما هو مرسوم على الورقة الممزقة فوق القماش الزهريّ، رسم تقريبيّ لشكل المستذئب الأوّل، إنسان بظهر منحنٍ وشعر كثيف ومخالب وأنياب عريضة طويلة حادة.
YOU ARE READING
الجيل التالي: من رواية ذئبي الأليف
Werewolfثماني ثنائيات مع ثماني حبكات مختلفة في رواية واحدة...