يدها بيده، أصابعهما متشابكة، لم تلحظ يوما أن يدها صغيرة إلا الآن وهي تحتضن يده، ملمسها خشن وجاف بسبب كثرة الأعمال التي يقوم بها، و ذاك الخاتم الذي يزيّن سبابته كان أكثر ما تأملت فيه طوال فترة تنزّههما.
مرّرت إبهامها عليه، لمَ قد يرتدي المرء شيئا يرفع من قيمة شخص آخر، بينما الشخص الآخر لا يعرف حتى معناه. اعتقدت أن تلك الشرارات وذاك التوتّر الغريب المبالغ فيه سيزول عنها بعد فترة، حين تتعوّد الإحساس بلمسة يده... لكنه لم يفعل.
أوّل موعد، أوّل مرة يبقيان فيها وحدهما لفترة طويلة كهذه، أوّل مرة يبقيان فيها لوحدهما لساعة كاملة في السيارة دون أن يتحدّثا عن أمور القطيع، حتى ذاك الهدوء الذي خيّم عليهما... لم يتشاجرا اليوم، كلاهما يجيد النفاق بالكلام، أن يتحدث المرء عن أمر ويعني به شيئا آخر تماما، أن يتّهم المرء شخصا دون أن يتّهمه حقا، أن يرمي أحدهم بكذبة سخيفة على الآخر من أجل جرّه للدفاع عن نفسه وقول الحقيقة التي لم يرغب بالبوح بها في البداية، تلك الفخاخ الخبيثة... هما لم يفعلا هذا اليوم.
لم تشعر ليليث بهذا السلام الداخليّ منذ فترة... منذ أن وجدت رفيقها بالتحديد. سابقا لم تهتمّ لأحد، حتى لنفسها، لم تتعب نفسها في الاجتهاد من أجل وظيفة مرموقة حتى، كل ما كانت تهتمّ له هو سلامتها الشخصية أولا، ثم راحتها ثانيا... البقية كلها أمور لا ترتقي لمرتبة أن تفكّر أو تقلق بشأنها حتى.
أما الآن فهي تملك رفيقا لوحده يعدّ مشروعا شاملا من أجل التعرّف عليه وعلى طريقة تفكيره فقط، عليها أن تعرف تاريخه، ما حصل له وما عاناه من قبل، كيف وصل إلى ما وصل إليه، كيف تخطى وفاة والدته وهو بعمر صغير وكيف تصرّف حين تفكّك القطيع وقُتل والده أثناءها، كيف نجى وسط الذئاب الضالة وكيف حافظ على ذكاءه وتمسّك بالقليل من الصبر الذي يملكه... ما الذي سيحصل يوم النزال.
ثم هناك مسؤوليتها تجاه القطيع وعلاقتها الهشّة بهم، أيضا عليها إيجاد طريقة تجعلها تعيش دون التفكير بردّة فعل جونو حين يعرف بما كانت تشعر به تجاه شخص آخر قبله، لطالما كانت ليليث كتابا مفتوحا للجميع، لم يكن لديها شيء لتخفيه، حتى إعجابها براندال سابقا، كانت تفكّر أنه أمر شخصيّ لا داعي أن يعرفه الجميع، لكنها لم تملك أيّ مشكلة في حال ما عرف الجميع بذلك.
أدركت أنها أطالت النظر في يده، وأيضا أن جونو أمسكها وهي تبتسم أثناء ذلك لذا تنهدت وأكملت صعود ذاك المرتفع.
كان المكان الذي اختاره جونو ليكون ذكرى لأول موعد لهما هو نفسه المنطقة التي قالت ليليث سابقا أنها أكثر ما يعجبها في القطيع، حيث أنها منطقة عالية أشبه بالجبال، أين خضار الأعشاب والأشجار يملأ المكان، بينما رذاذ الشلال تحته يضرب بشرتك إن اقتربت من الحافة بشكل كافٍ. لكنه أوقف السيارة في مكان بعيد، قال أن سيارته القديمة لن تتحمل الصعود أكثر وأن عليهم إكمال الطريق مشيا على الأقدام، كانت لتقترح أن يتحولا إلى ذئابهما ليصلا أسرع لكنها تذكّرت أنها في قطيع يمنع ذلك.
YOU ARE READING
الجيل التالي: من رواية ذئبي الأليف
Werewolfثماني ثنائيات مع ثماني حبكات مختلفة في رواية واحدة...