بينما كانت زينب تسير مع كيم يورا ،لاحظت مجموعة من الفتيات يقفن بالقرب من إحدى القاعات .كانت كيم ريوجين ،تلك الفتاة التي تشتهر بجمالها و كأنها نسمة ربيع،تتوسط المجموعة. كان بريق عينيها و حضورها القوي يجذب الإنتباه ، لكنها لم تكن فتاة جميلة ،بل كانت تستغل جاذبيتها لتسيطر على من حولها .
زينب أحست بالقلق. لم يكن أحد من المجموعة قد أبدى أي إهتمام بها ،لكن وجود كيم ريوجين جعلها تشعر بعد الإرتياح .لطالما كانت ريوجين تجذب الإهتمام .و لديها تاريخ من التنمر على زينب بسبب اختلاف مظهرها و ثقافتها . تعلمت زينب أن تتجاهل تلك الفتيات ،وأن تبتعد عن أي موقف قد تأدي إلى احتكاك مباشر معهن.
"لا تدعيهن تؤثرن عليك زينب .عليك فقط التركيز على دراستك .لا تهتم لهن إنهم أغبياء "همست كيم يورا و كأنها تقرأ أفكار بطلتنا
بدأت ريوجين و صديقاتها الضحك بصوت عالي ، وهن يناضرن زينب عن كثب .كانت تملك القدرة على إلقاء نظرات السخرية دون أن تبدي أي عذر ، وهذه كانت إحدى صفاتها التي لم تعجب زينب .كانت تشعر بأن الإبتعاد هو الأفضل ،و أنه لا ينبغي عليها الإنخراط في تلك الدوامة .
"دعينا نذهب إلى المكتبة ، أحتاج إلى الكتب لتحضير دروسي "اقترحت زينب محاولة تغيير الموضوع و الإبتعاد عن الأجواء السلبية .
بينما كانت الفتاتان تتجهان إلى المكتبة ،شعرت زينب برغبة عميقة في النجاح و بناء هويتها بعيدة عن الماضي .كانت تدرك أن كل تحد جديد يواجهها هنا سيكون بمثابة فرصة لبداية جديدة لتجديد روحها و إعادة تشكيل نفسها.
عندما وصلتا إلى المكتبة ، كانت رائحة الكتب القديمة و النظيفة تملأ المكان ، مما منح زينب شعورا بالراحة .بينما كانت تنتقل بين الرفوف ،رأت الكثي من الكتب التي تتحدث عن الأدب و الفنون ، كأنها كانت تبحث عن الإلهام .
وقفت أمام كتاب يحمل عنوان "فنون التعبير" ، وفتحته برفق .شعرت بمزيج من الحماسة و الترقيب ، كأن الصفحات كانت تدعوها للغوص في عوالم أخرى.في تلك اللحظة، تذكرت كيف كان الرقص و الغناء يملكان القدرة على التعبير عن مشاعرها دون الحاجة إلى الكلام .كانت تود أن تعبر عن نفسها ، وأن تظهر للعالم موهبتها التي كانت تخفيها تحت شخصيتها الرقيقة .
بينما كانت مستغرقة في القراءة ارتفع صوت خلفها "أعتقد أنك ستجدين هذه الكتب مثيرة الإهتمام "جاء الصوت بمزيج من الغلاضة و الجدية ، التفتت لتجد الأستاذ جيون جنكوك يقف بجوارها ، ملامحه الجادة تظهر اهتماما غير متوقع .كانت تلك اللحظة كفيلة .كفيلة بجعل قلبها يتسارع
"أستاذ .....أنا ..." ،كانت الكلمات تتعثر في حلقها، وعيناها تتأملان في سكون تلك الشخصية الجذابة .كانت نظراته تجوبها ، كأنها لم تكن طالبة عادية بل شخصا مختلفا يحمل الكثير من الأسرار .
"أنت زينب أليس كذلك؟"قال ذلك دون أن يبتسم
لم تستطع تصديق ذلك كيف له أن يعرفها من بين هذا الحشد ؟
"نعم أنا هي .أشكرك على النصيحة أستاذ ." أجابت بصوت خافت ، مشاعر متناقضة تتدفق في دواخلها .
"اذا احتجت إلى المساعدة فلا تترددي في طلبها ."
قال جنكوك ،ثم ابتعد تاركا اياها غارقة في بحر أفكارها ، كانت تلك اللحظة كافية لتشعل شعلة جديدة في قلبها ، بينما كانت تدرك أن حياتها في كوريا لن تكون كما تتوقع ، بل ستكون مليئة بالتحديات و الفرص التي ستغير مصار حياتها
أنت تقرأ
ضلال الرقص و الذكريات
Historical Fictionفتاة تونسية تقرر تغيير نمط حياتها البائسة و ذلك بالعيش في كوريا فماذا سيكون مصيرها؟و هل ستستطيع التأقلم و تكوين صداقات؟