---
بينما دلفت زينب إلى غرفتها بعد يومٍ طويل مليء بالضغوطات، شعرت وكأن العالم ينهار حولها. كان هناك شيء قاتم يُثقل قلبها، كأن الجدران تشدُّ نحوها. خَلَت الغرفة من أي ألوان تُدخل السرور إلى قلبها، وكان الهواء مُفعمًا بشعور الكآبة الذي كاد يختنقها. رمت حقيبتها على السرير، وجثت على الأرض، عاجزة عن كبح الدموع التي بدأت تتساقط على خديها.
تذكرت كلمات أمها القاسية، كيف كانت تُشعرها بأنها لا تساوي شيئًا. "أنتِ لا تصلحين لشيء، زينب. كم أود أن تكوني ابنتي الحقيقية!" كانت تلك الكلمات تتردد في أذنيها كصدى مؤلم، تقطع نياط قلبها. لم يكن لديها ما يُشعرها بالقوة، بل كانت تشعر وكأنها فقدت هويتها.
في تلك اللحظة، انهمرت الدموع بغزارة، تشعر وكأن كل ما مرت به خلال الأيام الأخيرة قد انفجر دفعة واحدة. "لماذا يجب أن أتحمل كل هذا؟" همست لنفسها بين البكاء، ودفنت وجهها بين كفيها.
حاولت أن تتذكر الأشياء الجيدة في حياتها، لكن كان من الصعب أن ترى الأضواء عندما تحيط بها ظلال الفشل والخوف. وفي خضم هذا الحزن، رن هاتفها. نظرت إلى الشاشة، وعندما رأت اسم والدها، شعرت بدمعة أخرى تتدحرج على وجنتها.
"مرحبًا، أبي." قالت بصوت متقطع، وكأن الكلمات كانت تُعاني للخروج.
"كيف تسير الأمور، عزيزتي؟ هل كل شيء بخير؟" جاء صوت والدها الحنون من الطرف الآخر، يحمل في طياته الأمان والحنان.
"نعم، كل شيء على ما يرام... كما هو الحال دائمًا." حاولت أن تتصنع القوة، لكن نبرة صوتها لم تكن تخفي الضعف.
"زينب، أنا أعلم أنكِ تمرين بوقت صعب. لا تخافي من التحدث إليّ عن أي شيء." كانت كلماته كجرعة من الأمل، لكنها لم تُخفف من عبء قلبها.
"أبي، أحيانًا أشعر بأنني لا أستطيع التحمل. أمي... تعاملي كأني لست ابنتها. أنا... أشعر بالوحدة." لم تستطع كبح الدموع التي تنهمر، وبدأت تبكي بحرقة.
"عزيزتي، أريدك أن تعرفي أنكِ لست وحدك. أنا هنا، وسأكون دائمًا هنا من أجلك." قال والدها بصوت رقيق، وكأن تلك الكلمات تُعانقها، تُخفف من ألمها.
استمرت المحادثة، حيث تحدثا عن ذكريات جميلة عاشوها سويًا، وتفاصيل صغيرة من حياتهم. أطلق والدها النكات التي كانت تضحكها دائمًا، وأخبرها كيف أنه فخور بها، رغم كل شيء.
"تذكري، زينب. أنتِ قوية، وأنا أؤمن بكِ. لا تسمحي لأحد أن يُقلل من قيمتك." كان صوته يغلفها بشعور دافئ من الحب، لكنها عرفت أن تلك الكلمات لن تُغير الواقع.
بعد قليل، أسدل الليل ستاره على المدينة، وبدأت زينب تشعر بالتعب يجتاحها. كان صوت والدها، رغم كل شيء، يُعطيها بعض الراحة. "أنا أحبك، أبي." كانت تلك الكلمات تخرج بصدق، كأنها تُعبر عن كل ما في قلبها.
أنت تقرأ
ضلال الرقص و الذكريات
Historical Fictionفتاة تونسية تقرر تغيير نمط حياتها البائسة و ذلك بالعيش في كوريا فماذا سيكون مصيرها؟و هل ستستطيع التأقلم و تكوين صداقات؟