الشابتر الرابع
ليلى جالسة في غرفتها، تحدق في الدفتر القديم الذي أخذته من القبو. كل صفحة تقلبها تزيد من ارتباكها وخوفها. فجأة، تسمع صوتًا داخل رأسها. لم يكن صوت مورا، بل صوت هادئ وواثق.
"ليلى، استمعي لي. أنا هنا لحمايتك."
تجمدت ليلى مكانها، وقالت بصوت مرتجف:
"من أنتِ الآن؟ مورا؟"
"لا، أنا نوفا. أنا هنا لأبقيكِ آمنة. إبراهيم ليس كما يبدو."بعد لحظات، يرن جرس الباب. تفتح ليلى، لتجد إبراهيم يقف أمامها، عينيه تلمعان بنظرة غامضة. قبل أن يتحدث، تسيطر نوفا على ليلى وتقول بصوت بارد:
"ماذا تريد؟ لماذا لا تتركها وشأنها؟"
يبتسم إبراهيم ابتسامة خافتة ويقول:
"أنتِ تعرفين جيدًا لماذا أنا هنا. أنا جزء من هذه القصة، مثلها تمامًا."
تعود ليلى للسيطرة على نفسها، وتصرخ:
"ما الذي تتحدث عنه؟! ماذا تعرف عني؟"
يرد إبراهيم بصوت منخفض، لكنه يحمل ثقل الحقيقة:
"سأقول لكِ فقط إذا كنتِ مستعدة لسماع ما لن تستطيعين نسيانه أبدًا."لم تستطع ليلى تحمل الغموض. في اليوم التالي، ذهبت إلى عيادة الدكتور عمر وهي في حالة هستيرية. عندما جلست أمامه، انفجرت قائلة:
"إبراهيم يقول إنه يعرف شيئًا عني وعن والدي. تحدثت عن التجارب، وعن أنه كان أحدها. ما الذي يحدث؟!"
تنهد الدكتور عمر بعمق، وبدت ملامحه تحمل عبئًا كبيرًا.
"ليلى، والدك لم يكن رجلًا عاديًا. لقد كان عبقريًا، لكنه كان مهووسًا بفهم العقل البشري. كان يؤمن بأن العقل يمكنه خلق عوالم كاملة بداخله. لكنه لم يكتفِ بالدراسة النظرية... بل بدأ بإجراء التجارب."
تسمرت ليلى في مكانها، وقالت بصوت مهزوز:
"تجارب؟ على من؟"
"على نفسه... وعلى الآخرين."في تلك اللحظة، توقفت ليلى عن التنفس. فجأة، انفجر الدكتور عمر قائلاً:
"إبراهيم ليس إنسانًا طبيعيًا يا ليلى. إنه ليس حقيقيًا. إنه شخصية... شخصية خلقها والدك!"
شهقت ليلى وقالت:
"ماذا؟! كيف؟!"
أكمل الدكتور عمر، محاولًا أن يظل هادئًا:
"كان والدك يحاول تقسيم أجزاء عقله إلى شخصيات مستقلة، ونجح. إبراهيم كان أحد تلك الشخصيات. لكنه لم يختفِ عندما مات والدك. بطريقة ما، وجد طريقة للبقاء... والآن هو هنا."بينما كانت ليلى تحاول استيعاب ما تسمعه، قال الدكتور عمر بصوت مملوء بالندم:
"والدك لم يمت بحادث يا ليلى. إحدى الشخصيات التي خلقها... شخصية عنيفة جدًا... سيطرت عليه. في تلك الليلة، حاول استعادة السيطرة، لكنه لم ينجح. تلك الشخصية هي من قتلته."
صرخت ليلى وهي تنهض من كرسيها:
"هذا جنون! أنت تخبرني أن أبي قتل نفسه؟ وأن إبراهيم... أنه ليس حتى إنسانًا؟!"
هز الدكتور عمر رأسه وقال:
"أعلم أن هذا صعب، لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا مما تتخيلين."عندما عادت ليلى إلى منزلها، وجدت إبراهيم ينتظرها داخل المنزل، جالسًا بهدوء في غرفة المعيشة.
قالت ليلى وهي تمسك رأسها:
"أخبرني... من أنت حقًا؟"
وقف إبراهيم ببطء، ونظر إليها بعينيه الباردتين وقال:
"أنا كل ما تبقى من والدكِ. كل ذكرياته، كل أسراره. لكنني لست هنا لأؤذيك، ليلى. أنا هنا لأنكِ مثله... نحن متشابهون."أصابتها كلماته كالرصاصة. لم تكن تعرف ما إذا كان يهددها أو يحاول إنقاذها. قبل أن تتمكن من الرد، ظهرت مورا فجأة، قائلة:
"لا تستمعي له! هو يكذب!"
لكن نوفا ردت عليها بهدوء:
"ربما يقول الحقيقة. لكن علينا أن نحذر."تترك ليلى في دوامة من الصراعات. إبراهيم يكشف عن حقيقة مروعة، لكن نواياه لا تزال غامضة. والدها الذي ظنته قدوة كان السبب في كل شيء، والآن عليها أن تقرر: هل تثق بشخصياتها؟ أم بمن خلقهم؟
أنت تقرأ
ظلال ليلى
Mystery / Thrillerوصف القصة: "ظلال ليلى" تدور أحداث القصة حول ليلى، شابة تبلغ من العمر 22 عامًا، ترث منزلًا غامضًا يحمل أسرارًا دفينة عن ماضي عائلتها. لكنها ليست وحدها في هذا العالم؛ إذ تعيش داخلها شخصيات متعددة، كل واحدة تحمل جزءًا من الحقيقة المخفية عنها. بينما تسع...