الشابتر الخامس
كانت ليلى تشعر أن العالم من حولها ينهار. الحقيقة التي كشفها الدكتور عمر في اليوم السابق لم تفارق ذهنها. جلست في غرفتها، تقلب صفحات الدفتر القديم الذي أخذته من القبو. كانت الكلمات المكتوبة بخط والدها تحمل ثقلاً عاطفيًا، وكأنها رسائل من الماضي.
فجأة، ظهر نص جديد على الصفحة أمامها. الكلمات تكتب نفسها، بخط يشبه خط والدها:
"الغرفة 17. المستشفى القديم. هذا هو المفتاح."
تراجعت ليلى إلى الوراء، قلبها ينبض بسرعة. نظرت إلى مفتاح صغير كان مثبتًا بين الصفحات، لم تلحظه من قبل. أمسكته بيدها المرتجفة، وراودها سؤال واحد: هل تجرؤ على الذهاب إلى المستشفى القديم وحدها؟
في نفس الليلة، قررت ليلى مواجهة مخاوفها. حملت معها المفتاح والدفتر، واتصلت بصديقتها هند طلبًا للمساعدة.
"هند، أحتاجك معي. هناك شيء مهم يجب أن أكتشفه في المستشفى القديم."
حاولت هند أن تثنيها عن الفكرة: "ليلى، هل جننتِ؟ هذا المكان مهجور وخطير!"
لكن إصرار ليلى كان أقوى: "أرجوكِ، هند. إذا كنتِ صديقتي الحقيقية، ستأتين معي."
تسللت الفتاتان إلى المستشفى تحت جنح الظلام. كان المبنى معزولًا، يحيط به صمت ثقيل لا يكسره سوى صوت خطواتهما.
"أين الغرفة 17؟" سألت هند بصوت مرتعش.
"في الطابق الثالث... أظن ذلك." ردت ليلى، وهي تمسك بالمفتاح بإحكام.
في الطريق إلى الغرفة، بدأت ليلى تشعر أن هناك من يراقبها. صوت خافت كأنه خطوات قادمة من الممر الآخر جعلها تتوقف فجأة. نظرت إلى هند، التي بدت مذعورة هي الأخرى.
"هل سمعتِ ذلك؟" همست ليلى.
"ربما الرياح..." ردت هند بصوت منخفض.
عندما وصلتا إلى الغرفة 17، كان بابها موصدًا بقفل صدئ. أدخلت ليلى المفتاح، وفتح الباب بصعوبة، مصحوبًا بصوت صرير مرعب.
الغرفة كانت شبه فارغة، باستثناء مكتب خشبي قديم وكرسي مقلوب. تقدمت ليلى نحو المكتب، ووجدت صندوقًا خشبيًا صغيرًا.
"ما هذا؟" سألت هند وهي تنظر بقلق.
فتحت ليلى الصندوق بحذر. بداخله، وجدت شريط تسجيل قديم وبعض الأوراق. أمسكت أحد الأوراق وبدأت تقرأ:
"تجربة رقم 14: اختراق العقل البشري. الهدف: إنشاء وعي مستقل داخل العقل."
رفعت ليلى نظرها إلى هند، وقالت بصوت مليء بالخوف: "هذه ملاحظات أبي... إنه يتحدث عن التجارب التي أجراها على نفسه."
ثم وجدت ملاحظة أخرى مكتوبة بخط مختلف:
"إذا كنت تقرأين هذا، فقد وصلتِ إلى الحقيقة. لكن عليكِ أن تعلمي، أن ما بدأ هنا لم ينتهِ بعد."بينما كانت ليلى تتصفح الأوراق، سُمعت خطوات ثقيلة قادمة من الممر. ارتجفت هند وقالت: "من هنا أيضًا؟"
لكن ليلى كانت متجمدة في مكانها. شعور غريب اجتاحها، وكأن الغرفة بدأت تضيق. ظهر إبراهيم فجأة في المدخل، وجهه مظلم ونظراته حادة.
قال بصوت منخفض لكنه مليء بالقوة: "أنتِ تلعبين بالنار، ليلى. بعض الحقائق يجب أن تبقى مدفونة."
تراجعت ليلى خطوة للخلف، وقالت: "أخبرني، إبراهيم... ماذا تعرف عن أبي؟"
ابتسم إبراهيم ابتسامة باهتة وقال: "كل شيء. لكن هل أنتِ مستعدة لمعرفة ما كان يخبئه عنك؟"
ترك السؤال يتردد في أرجاء الغرفة قبل أن يختفي كما ظهر، تاركًا ليلى وهند في مواجهة الظلام وحدهما.
أنت تقرأ
ظلال ليلى
Mystery / Thrillerوصف القصة: "ظلال ليلى" تدور أحداث القصة حول ليلى، شابة تبلغ من العمر 22 عامًا، ترث منزلًا غامضًا يحمل أسرارًا دفينة عن ماضي عائلتها. لكنها ليست وحدها في هذا العالم؛ إذ تعيش داخلها شخصيات متعددة، كل واحدة تحمل جزءًا من الحقيقة المخفية عنها. بينما تسع...