(1)

25.4K 586 26
                                    

كانت والدته تلاحقه من غرفةٍ إلى أخرى وهو يجمع أغراضه ويرميها في حقيبة سفره،
وقفت في وجهه وقالت: هادي أسمعني جيداً، ولدي لقد تعبت، أكثر من عام وأنا أبحث لك عن عروسٍ مناسبة تتقبلها كزوجة وشريكة حياة لك دون فائدة،
يرد عليها هادي وهو في عجلة من أمره: أمي حبيبتي، وهل من جئتِ بواحدة تشعرين أنها هي العروس المناسبة؟
الأم ترد وهي ممتعظة: هادي أعتقد أنه عليك أن تبحث عن عروسك بنفسك، لقد يأست . يتوقف هادي فجأة عن حركته ويقف قبالة أمه وينظر إليها بابتسامة حانية: أمي وهل تقبلين أن ألاحق البنات في الشوارع وأتفحص وجوههن، وأقول لأي واحدة تعجبني: لو سمحت أنا أريد أن أخطبكِ؟!،
أولاً لم تربينا على هذا الأسلوب، ثانياً : لست أنا من أفعلها، ثالثاً، هنا تقاطعه والدته: أووه ولدي لم أقصد ذلك، أنت لم تفهمني،
فيسرع هادي إلى والدته مقبلاً رأسها: أماه اعذريني، لقد تأخرت كثيراً رحلتي طويلة، وعليّ أن أنصرف، سامحيني يا أغلى من روحي، لقد أتعبتكِ معي،
"يقبل يدها منحنياً،"
فتبتسم والدته وتهمس بكل حب: الله يرضى عليك ولدي. ينطلق هادي مسرعاً إلى المطار بصحبة صديقه علي، ويودعه وهو في حال ارتباك شديد بسبب تأخره، وإذا به آخر الواصلين، يختم جواز سفره ويهرول مسرعاً إلى بوابة الدخول بعد أن طلب منه موظف المطار ذلك، يدخل الطائرة وهو يلهث باحثاً عن كرسيه، وإذا به يصل إلى كرسي بالقرب من فتاة نائمة، وقد أسندت رأسها على نافذة الطائرة، متشحة بعباءة سوداء وحجاب أسود، ملامحها هادئة، فغض هادي بصره سريعاً ووقف متحيراً منادياً المضيف : أخي لو سمحت أرجو أن تجد لي مكاناً آخر فلا يمكنني الجلوس هنا،
فاعتذر المضيف من هادي بكل أدب : أخي الطائرة ممتلئة عن بكرة أبيها والآن ستقلع فأرجو منك الجلوس ومن ثم سننظر في الأمر، هنا استيقظت الفتاة على صوتيهما وقد التفتت لما يحدث، وبادرت بالكلام بكل هدوء وأدب: ولكن أخي أنا طلبت من موظف المطار أن يضعني في كرسي بجانب إمرأة أو طفل، وهو وعدني، وحين رأيت أن الطائرة ستقلع فهمت أنه قد نفذ رغبتي، فأرجوك جد للأخ مكاناً آخر أو جد لي أنا مكاناً آخر، فوقف هادي محرجاً، وهنا رد عليها المضيف: اعذريني أختي لا وقت للنقاش الآن فكلاكما يسمع صوت الكابتن وهو يعلن عن موعد الإقلاع وربط الأحزمة، دعونا نطير ومن ثم نجد حلاً لو سمحت أخي اجلس بسرعة، استسلم هادي، و اتجه بنظره للفتاة وهو منكس رأسه بعلامة اعتذار فطأطأت رأسها وكأنها تقول : ما باليد حيلة

وقبرت حلميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن