(7 )

9.3K 393 47
                                    

تبدأ الطائرة في الهبوط التدريجي، وتهبط بسلام، ما أن تحط الطائرة، ويعلن الكابتن وصولها بسلام، مع الطلب من المسافرين الإلتزام بالجلوس في المقاعد حتى تقف الطائرة تماماً، وما أن تقف، يقفز هادي من كرسيه ويتجه للمضيف يسأله عن امكانية الحصول على كرسي متحرك من أجل مريم، وبعد ان يتفق معه يسرع ناحية مريم، إلا أنه يتفاجأ بأن كرسي مريم فارغ، فيقف مذهولاً، وإذا بها قد غادرت ونست كتاب كيمياء المحبة على كرسيها، أو لعلها تناسته، هكذا حدّث هادي نفسه. أخذ هادي الكتاب وحمل حقيبته الصغيرة على ظهره، وخرج من الطائرة حزيناً، مصحوباً بأمل في لقاء آخر في باحة المطار، أسرع في خطواته لعله يلحق بها، ختم جواز سفره، واتجه ناحية استلام الحقائب، وإذا بمريم قد أخذت حقائبها واتجهت نحو البوابة المؤدية لقاعة الإستقبال، وهادي يراقب الوضع من بعيد، استلم حينها هادي حقيبته، واستمر في ملاحقتها، حتى يعيد الكتاب ويستلم رقماً للتواصل، بدأ هادي يحث السير وهو ينادي: مريم مريم، لو سمحتِ، لقد نسيت كتابك...
ولكن هادي لاحظ أنّ مريم تسرع في خطواتها، و تحاول أن تتجاهل ندائه، حتى تسبقه إلى الصالة الخارجية وإذا بطفل صغير يركض ناحية مريم ويحتضنها ويصرخ: ماما ماما...

ورجل خمسيني يقترب منهما ثم يقول: حمداً لله على سلامتكِ، فتبتسم مريم في وجهه ... وتنصرف معهما، هادي يقف مذهولاً، تسقط حقيبة سفره من يده، تسوّد الدنيا في عينيه، يكاد لا يفهم شيئاً، قلبه منكسر، وقد جف حلقه، نكّس رأسه وقد اغرورقت عيناه بالدموع، وفجأة يرفع هادي رأسه ويخاطب نفسه بعنف: هادي، ما الخطب، أنت الذي أقسمت أن لا تنزل دمعتك إلا في محضر الله، أو على مصاب الحسين، ما الذي جرى، { وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم...} ثم أردف: ولكن لمَ لم تقل لي بأنها متزوجة، لو صارحتني لوفرت عليي الكثير، سامحك الله يا مريم، لقد جعلتني أبني الكثير من الآمال،
ولكنه يرجع ليقول: ولكن ما سر دموعها حينما فاتحتها في الموضوع، ما الذي تخفيه هذه الفتاة، أو المرأة لا أدري..
يصمت برهه ويتوقف عن السير، ويطرق ويعود ليحدث نفسه: هل تعلقت بها يا هادي؟ آه ما هذا العذاب القاتل. هل بعدما صار حلمي قريب المنال يتلاشى هكذا في لحظة، هل عليّ أن أنساها؟ هل أقبر حلمي وكفى ؟ أم أظل متمسكاً به؟

وقبرت حلميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن