(10)

8.8K 360 11
                                    

هنا يقاطعها هادي بحماس: صدقيني سأعتبره مثل ولدي...
فتقاطعه مريم: ولكن لم أنهي القصة،
فأخذ هادي نفساً وقال : تفضلي ، متاسف للمقاطعة،
تكمل مريم : أنا وأبي كما قلت لك تركنا الوطن والأهل من أجل أختي فليس لها بعد الله سوانا، وبعد موت أختي انتكس والدي الذي كان يعاني من ارتفاع في ضغط الدم والسكر، حتى اختاره الله منذ عشرة أيام، هنا لا تتمالك مريم نفسها وتنفجر بالبكاء،
يشعر هادي بالحرج الشديد، فلا يملك أن يفعل شيئاً غير تهدئتها، ببضع كلمات، ينظر حواليه فيجد كرسياً في الحديقة الصغيرة في مقدمة المنزل فيجلبه لها ويطلب منها الجلوس، تكفكف مريم دموعها وهي تتنهد: أبي رحل أيضاً وتركني بحمل ثقيل، أتعرف بما أوصاني؟
وتواصل في البكاء، أوصاني بأن أقترن بزوج أختي المتوفاة حتى احافظ على صغيرها، مات ولدي وعدت معه للوطن لأدفنه في أرضه، وغبت عشرة أيام عن صغيري الذي لم أنجبه، والذي فتح عينيه ليجدني أماً له، عدت هنا لأنفذ وصايا أحبتي ولأعيش إنسانيتي، ولأتخلى عن كل أحلامي من اجل مرضاة الله،
انبهر هادي مما سمع، إلى درجة كان يشعر فيها انه يحلم، بل يرى كابوساً، ولكنه في ذات الوقت ازداد إعجاباً بهذه الإنسانة الرائعة,,,, سادت لحظة صمت المكان إلا من صوت أنفاس تنهدات مريم،
فبادرها هادي : ولكنكِ شابة وجميلة ومؤمنة وعفيفة والمستقبل أمامكِ، أليس لك حلم في هذه الحياة؟
فترد مريم بكل هدوء بعدما تقف شامخة :نعم، كما كلّ فتاة في عمري، كنت أحلم وما زلت أحلم، ولكن من اجل رضا الله ورضا الوالدين ( قبرتُ حلمي) حينها تراجع هادي خطوتين للوراء، مصدوماً، مذهولاً، منبهراً، متأثراً، اختلطت لديه الأحاسيس،وضع كفه على صدره ونكّس رأسه احتراماً لهذه الإنسانة الرائعة ،
وقال : حفظكِ الله وسدد خطاكِ وجزاك الله خيرا.. سعيدٌ بأني عرفتكِ، وألتمس منكِ العذر أخيتي، وفي أمان الله،
فردت عليه مريم : في أمان الله أخي.
استدار هادي معطياً ظهره مريم، معلناً الرحيل، وما إن استدار حتى سقطت دمعة بحرقة من مقلتيه، وتمتم : وقبرتُ حلمي.

وقبرت حلميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن