أعداد

91 3 9
                                    


الجزء4

الجانب الآخر من الحكايه هو كل ما يراه،وبالطبع هو ليس الجانب المشرق منها..هو بائس تماما فمهما اتسعت رقعه المكان الذي هو فيه يراه ضيق قاتل والمسافة للخروج طويله لو حاول بلوغها فلن يصل ابداً
..

بعد ان استطاعت اشعت الشمس ان تتطل من خلال ستارة غُرفته الغاتمه لتقف امامه تماما بلا حراك، ما اشْعرهُ بالانزعاج متأففاً قد علم انها الظهيره، اي مايقارب الساعه12، استيقظ

غداءه المعتاد ثم تلك القهوه التي تليها ببضع دقائق لينهيها بمكتبه الصغير الموضوع في زاوية المنزل حيث ان اشعة الشمس لا تظهر هناك، حاسوب وكومه اوراق مبعثره ودرج الطاوله الذي يحوي ملفات قديمه واُخر لا يذكر منها شي، ما تحمله مكتبته تلك.

لا يعير تلك الساعات التي يقضيها اي اهتمام
جالسا على ذلك الكرسي البالي فجُل اهتمامه منكبٌ على اعداد قد كتبها في صفحة الوورد بعد ان اعد لها جدولا طويلا يحوي رموز احرف وتواريخ وكأنه يؤرخ لشيءٍ عظيم، وربما هو كذلك
الغريب ان آخر تاريخ قد مضى عليه ما يقارب سنه او اكثر ثم لم يضف من بعده سوى خانه متروكه خاليةً من اي تعليق

كان الجو رائعٌ ليلتها والسماء في غاية الصفاء وقد اخذ القمر مكانه في منتصف تلك النجوم البراقه والهواء بارد بنسماته ما يجعل المرء مبتسما رغم ما قد مر به بعد يوم شاق،
ليقف اخيرا مبتعدا عن طاولته متوجها نحو نافذته مخرجا علبة سيجارته ليرى هو ايضا المنظر ذاته غير ان مخيلته الحمقاء كان لها رأيا آخر، فالسماء لم تكن صافيه ولا القمر قد ظهر بها بل هو تساقط المطر،ليختم طلته ببتسامه ساخره يرضي بها قلبه المغادر

في صباحٍ لم يكن صافيا كسابقه، لم يزل نائما. لتوقظه هذي المره اقدام صديقه القادمه نحوه،رفع الستار وفتح نافذه الغرفه بعد ان اغُلقت ثلاث ايام تبع،ثم توجهه اليه،

الساعه8، اعد الإفطار لكليهما وابريق شاي، جلس مقابلا له متأملا إياه،كان عاقدا حاجبيه فهو لم يعتاد النهوض في هذيه الساعه ورغم ذلك مازال يحمل وجه الطفل الساذج لتلتقي نظراتهما معاً، لم يعجبه الامر اخذ كأس الشاي وجلس على الاريكه مبادرا في سؤاله عن سبب قدومه المفاجئ،

"اشتقت إليك"،فقط!!؟

لطالما اراد اخراجهه من تلك الصومعه ومازال يحاول جاهداً،
بعد نقاشٍ طويل حول ذهابهما لرحلة يُعيدان بها بعض الذكريات الجميله يُريهِ ان لكل الامور جوانب عده، لم يجدي الامر نفعاً
يجتاحه الغضب بمدى عناد صديقه ليقعان في جدالٍ لم يكن بالجديد، ولكن هذي المره قد ضاق ذرعاً ليمسكه بقبضته ويرميه ارضا وينهال عليه بالضرب لعله ان يستفيق من غيبوبته

"هذا يكفي"
هي من اوقفت ذلك الجسد المنكب عليه،ابتعد قليلا ليعطيه متسعا لبلع ريقه وليستنشق الهواء بعد ان كاد يفقده،
مازال نائما والآخر قد اخذ من الجدار متكأً له وعيناه لم تغادر منظر صديقه الملقى على الارض،
في تلك الاجواء صمت مُعْدم سوى صوت ريح آتيه من الخارج،

وضع كِلتا يده على وجهه ليغطيه بالكامل كان يبكي وكأنها المرة الاولى التي تتساقط فيها دموعه،لم يكن مألما، بل أن وجعاً احسه في قلبه للمرة الثانيه للمره التي ظن انها لن تأتي ذلك الشعور الذي لطالما كان يبحث عنه ذلك الشعور الذي ترك له خانه فارغه في صفحه الوورد تلك في جدول المغادرون بلا عوده،

نظر إليه بندم كبير ظناً انه قد اوجعه بلكماته المتتاليه، ليتقدم نحوه بهدوء وتسبقه كلمات اعتذاره وأسفه، وبعد ان فقد الأمل باجابة، قرر المغادرة

لتسبقه يدا صديقه اليه محتضنا اياه، كان يبكي بحرقه كالمرة الاولى التي بكى فيها لفقد امه، بدى كطفلٍ حقاً قد وجد الأمان في احضان والده،

نام طويلا بعد يوم كان كحلم،
لينهض مسرعا لحاسوبه حذف منه جدول الاعداد ومعه كل ماكان يجعله مقيدا به ليعد صفحةً جديده بيضاء لم تحوي هذي المره جدولا بل عنوانُ ظريف

"عند هطول المطر يظهر قوس المطر"

ويبدأ بكتابة رحلته البحريه برفقة صديقه.....

..
..




🎉 لقد انتهيت من قراءة عند هطل المطر 🎉
عند هطل المطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن