بوقع خطوات القدر هكذا بدأت حياتي..

594 15 7
                                    

(بسم الله الرحمن الرحيم )

* * *

بوقع خطوات القدر هكذا بدأت حياتي.. شخص فاشل ضائع عاصي ..قاتل!!

لم أحصل أي شيء من تعليمي وبالتالي من المستحيل أن أجد عمل وبصراحة لست أنا الشخص الذي يمكن أن يرضى بواقعة ويعيش حياة بائسة كأي فقير !

ولكن فرصة تأتي إلي على طبق من ذهب ..

عصابة تعمل في كل شيء وأي شيء ..

تهريب مخدرات ..
آثار .. أعضاء بشرية .. سرقة .. قتل
كل ما يمكن أن يخطر على بال الإنسان من أمور سيئة هم يفعلونها ..

وأنا معهم وبالطبع نلت ما أريده وأصبحت بغنى .. أفضل مهندس أو أفضل طبيب فأنا مخلص في عملي وأفعل كل ما يطلب مني بدقه وبلا نقاش ..

نلت ما أريده من مال ولكن نلت ما نلت من تأنيب الضمير والحسرة ..

لا أعلم كيف لهم أن لا يشعروا مثلي ربما أنا حالة شاذة بينهم كم أتمنى أن يموت قلبي مثلهم كيف لك أن لا تموت بعد كل ما فعلته؟!

إن العملية الجديدة كانت مسلية إلى حددٍ ما ..

فهو شاب في منتصف العمر أحترف اختراق المعلومات ويعمل لحساب نفسه وقد أخذ معلومات كثيرة تخصنا وليس المطلوب أن أقتله ..

فقبل ذلك يجب أن أأخذ كل ما سرقة وأتأكد أنه لم ينشره بأي طريقة..

وبالتالي يجب أن أصبح صديق له عُرض عليّ هذا العمل وعلى أثنين من زملائي و نحن سندرس الأمر وواحد مننا سوف يأخذ هذا العمل.

وبدأت أنا بالدراسة وقلبي مشحون بالغضب من نفسي في الحقيقة لم أعد أتحمل هذا الأمر ولا أريد أن أكمل حياتي مع هؤلاء الوحوش!

وفي يوم بينما أنا أمشي في شوارع هذه المدينة البائسة قبل الغروب في هذا الجو الخريفي المائل للبرودة ..

رأيت شاباً يخطف حقيبة امرأة
وهرب بها ولكن ظهر من العدم شاب أخر و أوقفه وضربه وقام بإعادة الحقيبة للمرأة، لا أعلم من أين خرجوا جميعا فالمكان كان فارغ جدا..

استوقفت ذلك الشاب وقد كان عليه أثر الفقر

فقلت له:
"عمل رائع نادرا ما نرى شباب مثلك في هذا الزمن خصوصاً انك.."

ثم توقفت عن الكلام لشعوري بأنني لو أكملت سوف أجرح مشاعره

فقال هو:
"خصوصاً أني فقير أليس كذلك؟
في الحقيقة أن السرقة والأفعال المشينة لا تعرف فقير و غني أو كبير و صغير
إن الأغنياء أيضا يسرقون ولا يرضون بما معهم أبدا مهما وصل غناهم كما أن هناك الكثير من الفقراء راضون بما قسم الله لهم فالحظ وراحة البال ليسوا في المال وحسب"

"لديك حق إن راحة البال ليست في المال"

"أتعلم أنا لدي صديق والده غني جدا أكثر مما تتوقع ولكنه تعيس إلى درجة لا تتخيلها فالمشاكل تصب عليهم كما ينصب الماء ، حينما أستمع إلى كلامه وقصصه أحمد الله ألف مره على نعمة راحة البال وإن كنت فقيراً"

كان يتحدث وابتسامة عريضة تعلو شفتيه ووجهه نضر وليس لديه هالات سوداء تحت عينه أطلاقاً ويبدو في حاله جيدة نفسيا وصحيا على عكسي تماما ..

فقد أهلكتني السجائر والكحول والسهر والإرهاق..

"كل ما قلته صحيح أشكرك فقد رفعت من روحي المعنوية لا أعلم من أين جئت إلي ولكني أشكرك بحق"

ثم أخرجت ورقه نقدية من جيبي من فئة الخمس مئة وقدمتها إليه فأمسك يدي وأغلقها على المال

وقال:
"إن أخذتها منك سوف أحمل هم في قلبي خشية أن تسقط من جيبي المثقوب"

ثم ابتسم ورحل دون أن يأخذها..
كم هوا جميل ! جميل من كل الجوانب ، إن هذا هوا المثل الرائع للإنسان العفيف الزاهد!

رحل وترك في قلبي عبرة عظيمه لا يمكن أن تزول..

رحل وترك في قلبي عزيمة على أن أترك ما أنا عليه وأصبح أكثر إنسانية..

كان ذلك قرار نابع من أعماق قلبي ومن أعماق إرادتي فسعيت جاهداً لتحقيقه ..

لم أذهب إلى مقر العمل .. وامتنعت عن الكحول وقللت من السجائر ..

أصبحت أتصدق كثيراً وحتى أني حاولت أن أصلي أكثر من مره بعد أكثر من 19 سنه لم أركع فيها ولو حتى ركعة!

شعرت براحة كبيرة سكنت قلبي ولكني أردت العمل كيف أن أعيش بلا عمل وبالطبع ليس لدي أي مؤهلات أو مميزات لكي أعمل بها ..

قررت أن أشتري معرض ملابس وتم الأمر وبعد شهر كامل من هذا التغيير الجذري والاتصالات الدائمة من زملائي السابقين التي لم أكن أجب عليها واعتقدت أن كل شيء بسلام هكذا ..

ولكني لم أتوقع ذلك الصمت منهم توقعت أن يحدث لي شيء لأني اختفيت بلا مبررات أو سابق إنذار ولكن كان ذلك هدوء ما قبل العاصفة!

"ألو .. ماذا هناك؟"

"سيد آدم لدي خبر سيء للغاية"

"ماذا هناك ؟! تكلم!!"

"معرض الملابس.. لقد أحترق!"

* * *
نهاية
البارت
الأول

الطوفانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن