و في صباح اليوم التالي ، نهضت نادين باكرا كعادتها ثم جهزت نفسها للمحاضرة..... و لكن الأمر لم يكن بالهين فمنذ و هلة دخولها للجامعة و الكل ينظرون إليها بٱستغراب و يراقبونها بنظرات ساخرة ....
فلماذا فهي ليست بأول طالبة جديدة هنا ؟ فهناك العديد من الطلاب الجدد في هذه السنة... و لكن الأمر يزداد سوءا فهناك من يتغامزون عليها ثم ينفجرون ضحكا و هناك من يسخرون منها و بكل وقاحة يشتمونها بأنها فتاة ريفية لا تعرف عن التمدن شيئا و تمادوا في تعنيفها لفظيا إلى أن وصل بها الأمر إلى حد البكاء ...
فلماذا يتصرفون معها هكذا و لماذا يعاملونها بهذه الطريقة ؟ لماذا يا إلاهي لماذا !!
ٱ لأنها ليست متشيكة مثلهم و لا تحمل حقيبة من ماركات عالمية و لا تلبس حذاءا ذي كعب عال و لا تمتلك سيارة فخمة مثل أغلبهم و لأنها لاتفرد شعرها مثل باقي الفتيات و لا تمتلك هاتفا خوليا حديث الصنع ....
كل هذه الأشياء حزت في نفسها كثيرا إلى أن جفت عينونها من الدموع و ٱنتفخت جفونها و أصبحت تشعر بصداع من كثرة الغضب ، فخرجت من الحمام و ٱتجهت إلى غرفتها و لا زال كلام الطلاب يتكرر في أذنها مرارا و تكرارا فشعرت بالضيق لشكلها المضحك و معطفها القديم و ثيابها الرثة البالية فكانت تفكر في أن تترك الجامعة و تعود إلى أهلها و لكن الوعد الذي قطعته لهم يمنعها من ذلك فالقرار صعب بالنسبة لها فلا يمكنها العودة قبل أن تكمل دراستها و لا يمكنها البقاء أيضا هنا و مواصلة تعليمها مع أناس متعجرفين لا يظهر عليهم التمدن إلا في أشكالهم و لا يحملون في داخلهم غير التعصب و التخلف
فتبا لزمن تقاس فيه الإنسانية بالمادة ...
فكانت نادمة على قبولها بالجامعة أشد ندما و لكنها بعد تفكير طويل قررت بأن لا تستسلم لهم و ستواجههم بطبيعتها و لن تغير من نفسها شيئا و لن تصغي لهم مرة أخرى و ستقوم بتجاهلهم.
حاولت نادين جاهدة ٱظهار عدم الامبالاة لهم لعلهم يكفوا عن مضايقتها لكن ذلك لم يجدي نفعا فصاروا ينعتونها ب " باربي" و ذلك ليس مجاملة و إنما من باب السخرية و الإستهزاء . و مرت الأشهر و كأنها سنة و أخيرا تم تعليق المعدلات و تحصلت نادين على أحسن علامة في صفها فأصبح البعض يتقرب منها و يتودد إليها راغبا في صد اقتها طمعا في الرفع من علاماته و أولهم شركائها في غرفتها رهف و لجين اللتان لطالما سخرتا منها و جعلوا منها أضحوكة في الصف لكن نادين ذات قلب أبيض نقي تغفر لمن يخطئ في حقها و أحست أيضا بشعورها بالإنتصار و إثبات ذاتها أمام الكل و هذا ما أرادت الحصول عليه و لو قليل من الإهتمام .
أنت تقرأ
جريمة عذراء
General Fictionنادين فتاة من الريف و هي وحيدة عائلتها تبلغ من العمر الثامنية عشر و هي سمراء ،قصيرة القامة ،متوسطة الوزن، لا تعرف غير الدراسة فمن المعهد إلى المنزل لا تعرف أحدا غير القليل من أصدقائها الذين في نفس صفها وهي فتاة مجتهدة دائما تحصل على أعلى العلامات و...