أبراهام لينكولن

77 6 2
                                    

فجأةً ، يقفز أحدٌ ما من على الشجرة أمامي و يتشقلب في الهواء و ينزل على الأرض أخيراً .
يستمر على وضعية الجلوس بعد هبوطه لمدة لا تزيد عن خمس ثواني محاولاً أن يكون رائعاً قدر المستطاع ثم يقف ، و بطريقة مهذبة و نبيلة ، ينفض الغبار عن بزته الرسمية السوداء و يعدل قبعته الطويله و ينظر إلي .
إنه عجوز قصير و بدين بعض الشيء ، وجهه دائري بملامح آسيوية مليئة بالتجاعيد ، حليق الشنب ذو لحيةٍ قصير .
يقول لي بإبتسامة دافئة تعبر عن الترحيب : مرحباً ، أخيراً أتى أحد إلى هنا .
أسأله : من أنت ؟ .
يجيب بنظرة إستنكار : من أنا ؟ أحقاً قلت من أنا ؟ يا رجل أليس هذا واضحاً ؟ أنا أبراهام لينكولن !
أقول و الصدمة ترتسم على وجهي : أتقصد الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة ؟! لكنك مختلف عنه تماماً ، أعني لا يوجد اي شبه بينكما !
يقول بكل ثقة : بلا إنه أنا بشحمه و لحمه ، ما الذي يدفعني للكذب بحق خالق الجحيم ؟!
اقول له : لا أدري ، مهلاً علي أنا حقاً لا أستطيع إستيعاب الأمر ، لكن ما الذي تفعله هنا ، أعني ، لقد مت منذ فترة طويله !
يقول بنظره تملؤها الثقه : إتبعني ، سنتناقش عن التفاصيل في طريقنا .
أقول : إلى أين سنذهب ؟ ، لا أستطيع إستيعاب هذا كله مرة واحدة !
يجيب بينما يعدل قبعته و يسير للأمام : إلى كوخي الصغير ، ستفهم كل شيء و نحن في الطريق .
أومئ موافقاً و مستغرباً و أتبعه .
و بينما أتبعه بكل حيره وعدم استيعاب اسأله : ما الذي أتى بك في غابتي ؟ إنها عالم خاص بي ، لا أقصد أنك غير مرحب به ، لكن فقط كيف أتيت إلى هنا ؟
يجيب بغضب : عالمك ؟ كف عن الهراء يا صغير ، هذه الغابة ليست ملكاً لأحد ، انها للجميع. أما انتم الدخلاء فلن تأتوا الى هنا الا بواسطة الثورة الداخليه .
أسأله : الثورة الداخلية ؟ مهلاً ، كيف علمت بأمرها ؟ هل أخبرك هاوك عنها ؟
يقول الرئيس : هاوك ؟ من هو هاوك هذا ؟ انا لا اعرف أحدا يدعى هاوك لكن على كل الثورة الداخلية معروفة هنا في الغابه ، لست ادري ان كانت معروفه من حيث جئت انت لكن الجميع يعرفها هنا، نعم انه كذلك.

أسأل الرئيس بعد عدم فهمي لكل ما قد قاله : حسنا ، و لكن لماذا أنت هنا ، و ما الذي دفعك للمجيئ ، و كيف لا تزال هنا بينما أنت ميت في الأصل ؟

يجيب : بينما أنا ميت في الأصل ؟ مالذي تقوله ايها الطفل. لقد ولدت وعشت هنا ، هذه الغابه هي موطني ولا شأن لي في ماتقوله انت ، ثم كيف قد أكون ميتاً وانا واقف هنا أمامك؟
لكن هناك شيء يجب عليك معرفته ، بالنسبه للدخلاء هنا فهم عالقون في الغابه حتى يعثروا على المخرج ، وهذا ينطبق عليك كما هو واضح، لكن اثناء بحثك عن المخرج ، اعني ان اردت الخروج طبعا، فيجب عليك ان لا تغضب الغابة ابداً ، ان غضبت منك الغابه فستبتلعك هنا الى الأبد.
لكن بما انني من سكان الغابه فأنا لا أبحث عن المخرج ، وانا أملك كوخاً جميلاً هنا بالفعل .

أقول له بتردد : أظن أنني سأستسلم عن البحث عن المخرج ، لا أدري أن كنت سأغضب الغابة أم لا ، أنا حتى لا أعرف متى تغضب الغابات ، لكنني لا أريد أن أجازف ، من يدري ما الذي سيحدث إن غضبت الغابة ، قد أظل هنا للأبد ، من الأفضل أن أعود الآن ولا يهمني المخرج إن وجدته أم لا .

يقول أبراهام : إسمعني يا هذا ، أنت حقاً أحمق بالكامل ، يبدو أن الجميع من حيث جئت حمقى ، يا فتى ، لا يمكنك الخروج دون العثور على المخرج ، انه أمر بديهي !
لا أريد تحطيمك لكن لن تستطيع الخروج من هنا إلا إن وجدت المخرج ، و بالنسبة لجسدك هناك ، فالوقت مختلف هنا ، اليوم هنا يعادل أقل من دقيقة هناك ، لذلك لا تقلق فلا يبدو ذلك بالوقت الكثير ، الا اذا كنت تريد البقاء لألف عام  .
يصمت لبرهه و يردف : أما بالنسبة لغضب الغابة ، فالغابة لن تغضب إلا إذا تماديت بتجاهل محتوياتها ، عندها ستغضب الغابة و من يدري ما الذي ستفعله حينها .

أسأله محاولاً عدم إظهار خوفي و عجزي الكامل بينما نواصل السير في الغابة : هل يوجد شخص غيرنا هنا ؟

يقول بنظرات مريبه تتلفتت يمينا وشمالا : انا لا أدري ، لا أدري... نعم لا أدري.
ثم يكمل بشكل طبيعي : اما بالنسبة للدخلاء أمثالك فمن النادر ان يأتي أحدٌ إلى هنا ، من الواضح ان الثورة الداخلية ليست بشيء يعرفه الكثير عندكم ، لكنني اذكر فتاة قد أتت الى هنا لكي تصبح مطربة شهيره وقد نجحت بالعثور على المخرج في غضون شهر ، نسيت إسمها للأسف لكنها كانت شقراء ، هل تعرفها ؟.
أجيب : للأسف لا أعرفها ، فأنا لست من مدمني المشاهير ، من الممكن أن أراقب سلوك و حياة حلزون عقيم طوال عمري على أن أعجب بفنان مشهور ، على كلٍ ، ألم نصل بعد أيها الرئيس ؟
يقول بينما يثبت نظرة للأمام : ليس بعد ، لكن لم يبقى الكثير .
ونكمل السير .

المَخْرَجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن