أين ذهب ؟

74 7 5
                                    

بعد ان إستغرقت في النوم لمدة لا تقل عن عشرين ساعة في كوخ الرئيس ؛ أسيقظ بعد سماعي لصوت حركة فوق طاولة الطعام .
ألتفت بكل حذر محاولاً أن لا يلحظ صاحب الصوت إستيقاظي من النوم ، أنه الفجر الآن و الشمس لم تشرق بعد بالكامل فالبكاد أستطيع الرؤية جيداً ، أفرك عيني بكل حرص و إنتباه كي لا يشعر الشخص على الطاولة بوجودي ، امعن في النظر جيداً،مهلاً يبدو كشخص أعرفه ، إنه ليس الرئيس كما يبدو لكن يبدو أنني أعرف هذا الشخص ، لقد رأيته مسبقاً ، لكن و بسبب العتمة داخل الكوخ ، فلا أستطيع ان أرى إلا سواداً على هيئة بشر ، لكن و من الواضح بأنه يلعب الشطرنج بمفرده ، الله وحده يعلم كيف لشخص أن يلعب الشطرنج بمفرده !
مهلاً لقد توقف عن تنفيذ حركته التالية في اللعبة ، هل لاحظني ؟ سحقاً !

يقفز الرجل فجأة بعد أن لاحظ إستيقاظي و يستلقي على الأرض و يبدأ بتقليد تصرفاتي ! ، مهلاً ، أظن أنني بدأت أتذكر من يكون هذا الشخص ، في الآونة الأخيرة بدأت بنسيانه كهامش لا ضرر منه ولا نفع ، إنه ظلي الفاشل في التقليد !

أقول بفم ثقيل و وجه تبدو عليه آثار النوم العميق : مالذي تفعله لقد أفزعتني .
يستمر بتقليد تحركاتي بلا إجابه ، و كأنني لم أراه يلعب الشطرنج بمفرده و يفعل ما يحلو له أثناء نومي .

أقول بعد ان شعرت بالشفقة عليه : أتدري ، لا يجب عليك فعل كل هذا ، أنت لست مضطراً لفعل كل هذا ، أعني ما الفائدة من وراء كل هذا ؟

أكمل بعد تثاؤب طويل ودموع النوم تغطي عيناي : أنظر ، أعني هذا يبدو و كأنك تقتل وقتك حقاً ، ألا يوجد شيء أفضل من تقليدي طوال الوقت ؟

و كما هو متوقع ، يستمر في تقليدي بإرتباك بعد ان رأيته يلعب الشطرنج بمفرده بدون أن يجيب .

أضيف : كما يحلو لك .
و أبدا بفعل تصرفات لا يفعلها شخص عاقل ، أو حتى المعتوه كذلك ، أحرك يديّ و قدميّ في كل الإتجاهات و أقفز و أركض و أفعل أشياء لا معنى لها في كل هذه المجرات المنتشرة في الكون حتى أشتت عقله كي لا يستطيع تقليد تحركاتي المعتوهه هذه .
وكما خططت ؛ يبدو بأن ظلي أصبح تائهاً كلياً ،
لم يعد يعلم مالذي يجب عليه فعله ، أصبح يحرك كل طرف من أطرافه بحركات عشوائية بدون حتى محاولة التنبؤ بتحركاتي .
حتى في تصرفاتي الطبيعيه ، هو ليس مقلد ماهر على أي حال ، فماذا عن تصرفات لم يسبق لأحد فعلها على هذا الكون ؟
بدأ ظلي بالتعب و التعرق ، انه لا يفهم مالذي أفعله إطلاقاً !
فجأة بعد ان شعر بالضغط العالي عليه ؛ يفعل حركة بذيئة بيده نحوي بغضب كوني قد أفسدت عمله الذي يجب عليه فعله لسبب غريبٍ ما و يخرج ليدخن سيجارة ،
فأنفجر في الضحك و كأنني للتو إكتشفت أن الحبال الصوتية البشرية تستطيع الضحك .

يذهب ظلي ليدخن و يقضي حاجته عند الأشجار و يعود و يقلد تصرفاتي الطبيعية مرة أخرى بنظرة حقد وتأنيب بلا أعين ، وكأنه يهددني ان كررت تلك الفعله .

مهلاً ، لا يوجد أثر للرئيس أبراهام ، تفقدت الكوخ و المنطقة المحيطة به ، لا أثر له إطلاقاً !

فأقول لنفسي : لابد أنه في مكان ما يقفز و يتشقلب نحو أشخاص جدد ؛ ربما .

أذهب لأغسل وجهي بماء النهر البارد ، املئ برميل الإستحمام و أستحم في الهواء الطلق في الغابة الفسيحة .
أنتهي من الإستحمام و أحضّر كوبين من الشاي لي و لظلي ، إن كان سيشربه على اي حال ، و أغرق في قراءة كتاب وجدته بمكتبة الرئيس يدعى "عمال المنجم" في الخارج حتى يعود الأخير .

المَخْرَجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن