الفصل الثامن عشر : الصلح

349 29 19
                                    

قضيت الأيام التالية في الاستذكار جيدا ، استذكرت كما لم استذكر من قبل فقط لأحصل على درجات أعلى من إيان ، وأخيرا أتت أيام الاختبارات ومرت بين تشجيعي لماري للتتحلى بالقوة عند مواجهة جدها ، وبين مضايقات إيان لي ، لكنني اعتدت على وجوده ؛ فهو دوما يحوم حولي ولا يتركني لحالي مطلقا ، وهناك شيئا بدأت ألاحظه ، وهو أنني أرتبك عند وجوده قربي ، وعند غيابه أشعر بأن هناك شيئا غريبا ، أشعر بالضياع وانعدام الأمان ، هل تعلمون السبب لهذا ؟

في اليوم التالي من انتهاء الاختبارات دخلت الصف لأجد ماري تصرخ باكية :

- ذلك الوغد ، لماذا يفعل هذا بي ؟

ثم جلست على المقعد الذي جعلتني أغادره من قبل وأخذت تبكي بشدة ، بالطبع لم أذهب إليها وهي في هذه الحالة ؛ فلست مستعدة للموت بعد ؛ لذا توجهت إلى إيلين قائلة :

- ماذا حدث ؟

- إنه يوم وفاة توماس .

- أووه ، ومن تقصد بذلك الوغد ؟

- إيان ؛ فقد أتى في الصباح الباكر ووضع باقة الزهور تلك على الطاولة وغادر قبل أن يأتي أحد .

قالتها وهي تشير إلى بقايا باقة زهور ملقية على الأرض ومبعثرة في كل مكان - يبدو أنها تعرضت لغضب ماري ، أشفق عليها - أعدت النظر إلى إيلين قائلة :

- وكيف عرفتم أن إيان من فعل هذا ؟ قد يكون أحد غيره .

- لا ؛ فهو فعل هذا أيضا في اليوم الأربعين من وفاة توماس ، وبعد أن وضع الباقة غادر ولم يحضر الحصص ذلك اليوم ، رغم أنه لا يتغيب عن الحضور مطلقا .

- هل هذا كان فصلكم العام الماضي أيضا ؟

- أجل ، ومكان توماس وإيان لم يتغير .

إذن لذلك طلب مني إيان ألا أجلس في ذلك الكرسي ، وكذلك ماري تشاجرت معي ؛ لأنه يخص توماس ، دخل المعلم ومازالت ماري تبكي ، مرت حصة كئيبة وأخرى كئيبة والحزن يسيطر على الجميع ، حاولت التحدث مع ماري لكنها كانت في حالة يرثى لها حقا ، فقط أخبرتني بكلمات تناثرت من وسط دموعها مشبَّعة بالحزن والحسرة أنها تكره ذاك الإيان وأنه دائما ما يتركها تواجه مآسيها وحدها وأن حزنها على توماس وسخطها على إيان امتزجا معا وأخرجا شعورا بغيضا حقا تتمنى أن تتحرر منه بأسرع وقت ، انتهى اليوم وأنا مازلت أفكر في أين يمكن لإيان أن يكون ، ماذا ؟ لم أخبركم من قبل أنني كنت أتسائل عن هذا ؟ ، آسفة ، لقد نسيت إخباركم ، لكنني حقا أشعر بفضول قاتل لمعرفة أين هو ؟ كما أنني اختبرت ذلك الشعور مجددا ، ذلك الشعور الذي يجتاحني عندما يكون إيان ليس موجودا حولي ، ذلك الشعور بالوحدة والضياع ، وقد كان قويا هذه المرة .

اتصلت على مايكل لأعرف إن كان إيان قد ذهب إلى الشركة ، لكنه قال أن إيان أخبره أمس أنه لن يستطيع الحضور اليوم وأخبرني أنه ربما يكون مسافرا أو شيء من هذا القبيل ، لكن لا ؛ لأنه لو كان مسافرا لكان أخبرني ، فهو أصبح يخبرني بالكثير ، وأصبح يخبرني إن كان ذاهبا لمكان ما ، لكنه لا يخبرني عن السبب ، كذلك أخبرني بأنه يعيش هنا وحده منذ صغره ، وأهله يعيشون في الخارج ، يسافر إليهم في بعض الأحيان لكنهم لا يأتون ، ولم يخبرني بالسبب أيضا ، ومنه عرفت أنه لا يذاكر مطلقا ، لا أدري كيف يحصل على أعلى الدرجات ، لكن تلك الحقيقة ساعدتني على تقبل حقيقة أنني لن أحصل على درجات أعلى منه مهما فعلت ، وهو كان يحوم حولي وأنا أدرس في المدرسة ويسخر مني على الدوام ، لكن بالطبع لم أتقبل تلك الحقيقة ببساطة هكذا ، لقد شعرت بالغيظ حقا ودرست أكثر وأكثر ، صحيح أن نتيجة الاختبارات لم تظهر بعد ، لكن الثقة في تصرفاته وصوته والسخرية الدائمة في عينيه تؤكد لي أنني لن أحصل على درجات أعلى منه مهما حدث .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 18, 2016 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

مــن أنـــــــــــا ؟!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن