الفصل الثالث

391 56 27
                                    

أحيانا لا يريد الناس سماع الحقيقة لأنهم لا يريدوا رؤية أوهامهم تتحطم .

هاهي شمس الدنيا تعلن ظهور يوم جديد ،، ولكن هذا اليوم ليس ككل الأيام بالنسبة لقرية روينا ،، فهي لديها دخيل متطفل لديه أمنيات عديدة و غريبة أيضاً .

في هذا اليوم كان الناس غريبي الأطوار يتهامسون عن شيء ما ، ليس عن عمر أو قتله ؛ بل عن سيريان ومرضها الغريب .

عندما مر الزعيم من أمام عمر وقت الظهيرة إستوقفه عمر بصوت مرتفع :
يا زعيم ! إنتظر ، أريد أن أخبرك بأمر هام .
عندما توجه الزعيم لعمر بدى عليه الشحوب ، خاطبه بإنزعاج : ماذا تريد ؟
أجابه عمر :
سيريان أستطيع مساعدتها فأنا طبيب .
دقق الزعيم نظره في عمر : حقاً ، ولماذا تريد المساعدة ؟ نحن سنقتلك ، أم إنك تنتظر منا أن نعفو عنك إن ساعدتنا ؟!
قال عمر وقد أراد أن يوضح للزعيم رحمة الإسلام : سيدي إن ديني الإسلام يأمرني أن أساعد المحتاج ، ولو كان في الحرب فإنه يحرم عليّ قتل المرأة أو الطفل أو الشيخ العجوز .
قال الزعيم بعد صمت دام برهة موجهاً كلامه للحارس : فك قيده .

بعد دقائق كان عمر يجلس أمام فراش سيريان وقد كانت شابة يافعة لكن المرض نال منها ، فحصها ، ثم وجه نظره للزعيم :
سيدي إسمح لي أن أحضر حقيبتي من سيارتي ، ففيها العلاج إن شاء الله .
قال الزعيم دونما إعتراض : رومال ، إذهب معه ، وخذ معكم نيرجو .

امتطى عمر فرساً قدمها له رومال ، وقد لاحظ هدوء عدوانيته تجاهه .

بعد نصف ساعة وصل عمر و أعطى سيريان حقنة بالوريد ، قال عمر بعد أن وجه نظره نحو الزعيم :
سيدي لقد تأخرتم بالعلاج ، أتمنى أن تستفيق في أقرب وقت ، إنها مصابة بإنخفاض في السكر بالدم ، لقد أعطيتها حقنة (جلوكوز ) ، ستضبط السكر بالدم إن شاء الله الشافي .

نظر له الزعيم ، ثم حول نظره لسيريان يتأملها وهو يكاد يبكي ، ثم قال لعمر :
أتمنى أن يفعل دواءك مفعوله وإلا ندمت .

ظل عمر بجوارها ، لاحظ درجة حرارتها تعتدل ، ولكنها لم تستفيق حتى قاربت الشمس على الغروب ، غضب الزعيم ووجه كلامه لرومال :
رومال ، أعد هذا لمكانه ، وراقبه جيداً حتى أتي إليك .

أخذ رومال عمراً يجره بقوة ، استوقفه الزعيم ثم همس له بشيء ، فنظر رومال لعمر بحنق وتابع مسيره .
سرى القلق في عمر ، قلق من ألا ينجز ما جاء من أجله ، أن يكون مجيئه إلى روينا كما أسماها والده له هباءاً .

قيد عمر مرة أخرى ، ولكن هذه المرة لم يكن مقيداً فقط ، بل سقطت الضربات الموجعة على جميع جسده تباعاً ، وأزداد الألم بقلب عمر وروحه قبل جسده :
هل كان ينبغي عليّ أن أتي إلى هؤلاء الناس الذين لا يعرفون الرحمة ؟!

روينا وواحة الأسرار (رواية إسلامية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن