الفصل الثاني

423 65 28
                                    

حاولوا أن تكونوا فضلاءأولاً قبل أن تفتشوا عن المرأة الفاضلة ، فالثمار لا يمكن أن تظهر إلا إذا ظهرت الزهور أولاً (د/مصطفى محمود )

يوم الجمعة كان عمر في طريقه إلى روينا ، وهو يتابع السير بسيارته كما وصف له والده  الطريق في الرسالة بعد أن نزل من الطائرة في  أحد المطارات.

_رحمك الله يا أبي لقد أردت أن يعيش هؤلاء الناس حياة كريمة رغم أنهم أرادوا قتلك . حدث عمر نفسه وهو يمر بجوار السياج الشجري .

أشبه عمر والده كثيراً في الخَلق والخُلق فقد كان شعره أصفراً منسدلاً حتى أذنيه ، وعينيه خضراء ، وبشرته حنطية فاتحة ، كانت والدته دائما تنظر لصورة والده وهو شاب وتتأمل ملامح عمر ثم تحدثه بإبتسامة دافئة :

كريس ، أنت تشبه والدك كثيراً ، ستكون ذات يوم رجلاً مهماً مثله بل ستكون أعظم . ثم تضحك وتداعب شعره .

عانى عمر من حرارة الشمس الحارقة بعد نزوله الطائرة في إحدى مطارات دول وسط أفريقيا،  ثم ركب سيارته حتى وصل للمكان المنشود ، ظهر في الأفق شجر متلاحم كأنه يرفض دخول أحدهم لما خلفه. وكما حدث مع والده تماماً حدث معه ، ما أن عبر السياج الشجري حتى أحاطه رجال سود أسروه بعد أن ربطوا وثاقه جيداً .

رغم أنه كان سيعلم ما سيحدث له و استعداده لهذه اللحظة إلا إنه لم يستطع منع الخوف والقلق من مداعبة قلبه والتسلل إلى عقله .

ساروا به بضع دقائق ، وألتفوا حول جبل زينت الإشجار المثمرة حوافه .

فجأة توقفوا عند منطقة عشبية أسفل الجبل ، راقبهم عمر بينما يرفعون قطعة خشبية غلفتها نباتات خضراء ،فظهر نفق متسع تسللت له خيوط الشمس من عدة ثقوب بالجوانب العليا للنفق .

بدى لعمر أن هذه الواحة الجميلة سيكون فيها إيمان يعمر أركانها كما قال والده،  فهو لم يقدم لهذا المكان المجهول إلا لهدف وغاية قدرها الله على يديه.

وبينما كانوا يقودون عمر عبر النفق راقب النباتات المتسلقة التي تنوعت ألوانها بين الوردي والأخضر والأصفر والنبفسجي ، وقد أفترش الأرض عشب يثير لونه الأخضر في النفس الهدوء والاطمئنان .

إستغرق النفق عدة دقائق لعبوره  ، بعد عبور النفق  ظهر أمام عمر بيوت حجرية بعضها كبير والآخر متوسط الحجم فتخيل عمر أن هذه البيوت يتخللها فناء قد يكون للإجتماعات .

 ظهرت الشمس مستقرة في كبد السماء وقد كشفت عن حجابها وأبت إلا أن ينتشر لهيبها ونورها ، رمت بأشعاعها وجعلت كل ما تسقط عليه ينتعل ظله .

تعجب عمر عندما سمع خوار البقر وصهوة الفرس ، ورأى على بُعد نظر حقولاً لفاكهة وخُضر ، كان المكان غاية في الجمال ويسرق النظر،  كأن هذا المكان في عالم آخر ، واحة  وسط الصحراء و جنة رسمت في هذه الأرض  العفراء ، قال عمر وهو يفكر فيما يرى من جمال : تبارك الخلَّاق فيما خلق وأبدع .

روينا وواحة الأسرار (رواية إسلامية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن