سمراء جميلة .

44 5 0
                                    


"عينان جاحظتان و وجهٌ شاحب مزرقّ ، جسدهُ غارق في بركة من الدِماء وأشلاء مقطعة متناثرة حوله تشكّل هالة مخيفة ، ارتفعت يده ببطئ نحو السماء وانسالت دمعة على خده ومن ثم أخفض يدهُ كما كانت ولم يعد سوى جثة هامدة"

أفاقت سافانا وقلبها يكاد يخرج منها ، لم تشعر بنفسها وهي تبكي ، ارعبها ذاك المنظر وتكرر امامها عدة مرات ، وبعد دقائق حين هدأت قليلاً علمت أنه لم يكن سوى حلم عابر ، مسحت دموعها بكفيها وتنفست بعمق وقالت في نفسها ؛
يا إلهي إنّي خائفة.

كان الظلام حالكاً وبعد حين سيظهر اول خيطٍ من الفجر ، ابعدت سافانا الستار وامعنت النظر في الساحل قليلاً حتى ذهبت لترتدي حذائها ، خرجت من الباب
بحذر لكي لا توقظ احداً واقفلته وراءها ، مشت خاوية اليدين وقد ملأ الضجيج عقلها ..

توقفت عند الساحل وملئت رئتيها بهواء البحر النقيّ وحين جلست اغمضت عيناها وحاولت ابعاد الافكار المزعجة ، اشرقت الشمس بينما هي تفكر وشعرت بيد ثقيلة على كتفها الايمن ، التفتت سريعاً ، كان رجلاً في العقد الرابع يرتدي ثياب خفيفة
قال وهو يبتسم ؛
- مرحبا ارجو انني لم ازعجك يا سافانا.
- كيف علمت اسمي؟
دُهشت وقد اتسعت عيناها.
- انني على معرفة بأبيك توبياس وقد علمت انك سافانا لانك تشبهينه .
ابتسم مرة اخرى واردف؛
- ولكن هل علي ان أسأل لما انتي هنا في هذا الوقت بينما الناس نائمون؟
- اممم ان هذا سرّ.

وضحكت بخفة ، زاغت عيناها لترى شيئاً ما انتبه لها الرجل والتفت ؛
- لابد أنك تسألين لمن هذا القارب ؟ انه لي يا ابنتي.
اتسعت ابتسامتها وقالت ؛
- حقاً! هل تسمح لي بركوبه ؟
وقف ومد يدهُ لها ؛
- ولما لا؟

امسكت سافانا بيده وقامت ؛
- صحيح ما هو اسمك يا عم؟
- سيندري.
- سررت بمعرفتك ، اتحرّق شوقاً لركوب قاربك !
- انه قديم قليلاً وانا استعمله للصيد ولكنه يفي بالغرض.
اكمل وقد اتسعت ابتسامته ؛
-ان مررنا من هنا فسوف نعبر نهر تيمانا ونعود مجددا من نفس المكان.
واشار الى يمينه.

صعِدا القارب بحذر واخذ سيندري يجذف بهدوء ، لم تنبس سافانا بشفة وحدقت بذهول بالاشجار التي توجد بجانبيّ النهر ،
بدا سيندري وكأنه قد أتى مئات المرات وحفظ النهر جيدا ، قطع سيندري الصمت قائلاً ؛
- في موسم الحصاد يمتلئ هذا النهر بقوارب المزراعين ، الكثير من الالوان الفاتنة تغطي القوارب.

استمعت اليه سافانا باهتمام بينما كان سربٌ من النوارس يحلق في السماء ، امسكت بورقة شجر تطفو على النهر وتأملتها ، انهى سيندري حديثه وهو يقول ؛
- حسناً هل تودين ان نصطاد؟
- نعم اودّ تجربة ذلك وبشدة ولكن هل ستكون موجود هنا غداً ؟ لانني مضطرة للذهاب الآن قبل أن توبّخني امي.
- لا بأس بذلك ولكن فلتأتي باكراً.
- حسناً لك ذلك.

أخبرتنا أشجار الباوباب .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن