تابع للفصل السابق ؛
سافانا تروي ما قالته لها ميراي :
- قبل عامين تقريباً اخبرتني امي 'مرسيدس' عما حدث لها حينما كانت بنفس عمرنا الآن وقد كانت تعمل في مشفى العاصمة في قسم الاطفال تحديداً وقالت لي ؛
- مرسيدس تتحدث -في احد الايام الحارّة وبينما كنت اعمل بهدوء خلال مناوبتي ورد اتصالاً عاجلاً للمشفى يطلب وصول سيارة الاسعاف بأسرع وقت ممكن فقد شبّ حريق هائل في منزل السيد ريتشارد ذلك المستثمر العقاري ، اعرف هذا الرجل فقد رأيته يأتي للمشفى بين الحين والآخر فلابد انه يعاني خطباً ما ..
نعود لقصتنا فحينما وصَلت سيارة الاسعاف للمنزل كانت سيارات الاطفاء قد أطفأت الحريق بالفعل وقد خرج المُسعِفون بسرعة ليبحثوا عن اي اصابات او اي شيءٍ آخر ، كان السيد ريتشارد يعيش مع زوجته وابنته الوحيدة وقد كانت تُدعى ماري روز وكان عمرها آنذاك لا يتجاوز السادسة ، الغريب في الامر هو حالما دخل المسعفون للمنزل لم يجدوا سوى السيد ريتشارد وزوجته وقد ماتا بالفعل قبل ربع ساعة ولم يسعهم فعل شيء .
تم اخذ الجثتين عن المنزل وقد استجوبت الشرطة الجيران القريبين من المنزل فمن الممكن الا يكون الحريق مجرد حادث ، ولكن في النهاية تم معرفة السبب فقد حدث التماس في الكهرباء مما ادى ذلك الحريق ..
وفي النهاية تم العثور على الطفلة ماري روز -دون اي اصابات- خلف شجرة في فناء المنزل ربما كانت خائفة لا اعلم تماما ولكنه امر طبيعي
ولكن حينما أدخلها شرطيّ للقسم الذي اعمل به لم أرَ سوى طفلة شاحبة وعادية وقد كانت هادئة بشكل غير طبيعي مما اثار الريبة في نفسي ، اقتربتُ منها وامسكت بيدها بلطف وكنت احدثها عن اي امر حتى تنسى الحريق ومن ثم ادخلتها لغرفة كانت توجد بها بعض الممرضات مثلي ، اعطيتها ورقة وقلم وقلت لها " ارجو ان ترسمي يا صغيرتي ما يحلو لك " -تلك هي الطريقة التي نفعلها لأي شخص في هذه الحالة لكي نعلم اذا ما احدثت فيه الصدمة شيئاً ما ولكي لا تلازمه اي حالة نفسية فيما بعد- امسكت بالقلم ورسمت بهدوء وطواعية ، اجتمعن حولها الممرضات بينما هي ترسم ومما ادهشني بالفعل ان رسمها كان متقناً بالنسبة الى عمرها ، عندما انتهت تفحصنا الرسم بدقة ، قالت الممرضة الاكبر سناً ؛ لا اظن ان هناك خطباً ما في الطفلة فليست هناك اشياء سيئة في رسمها.
ردت عليها الممرضة الشقراء ؛ نعم اوافقك.
نظرتا الي حينما قلت لهن ؛ ولكن انظروا جيدا انه الليل وليس الصباح وذلك ما يشير الى شيءٍ ما.رفضتا ما قلته تماما واقنعتاني بحجج وبراهين ولم استطع ايقافهما ، مر زمن طويل يقارب التسعة عشر عاماً على تلك الحادثة حينما كنت اقرأ جريدة في احد الصباحات .
ما افزعني هو قراءتي لعنوان في الصفحة الثانية "السفاحة ماري روز تجوب العاصمة بحثاً عن ضحايا" ، لم استطع تصديق ما قرأته لقد تم ذكر تفاصيل حياة ماري روز و تلك الحادثة حينما كانت صغيرة ، لم استطع النوم تلك الليلة لانني كنتُ خائفة عليك وعلى اختك وايضاً لانني لم افعل شيئاً حينها وقد شعرتُ بالذنب الكبير ازاء ذلك فلابد ان التغيّر المخيف لتلك الطفلة كان بسبب شيء ما اخر لا يعلمه سوى الله وحده.
توقفت ميراي لتلتقط انفاسها وابتسمتَ ، دقائق حتى تذكرتْ!
- يا الهي ميراي! هي نفسها تلك السفاحة التي كنا تبث فينا الرعب بمجرد سماع اسمها حينما كنا صغاراً!!
- نعم هي ولقد دُهشت انا كذلك حينما روت لي امي القصة.
-حقاً لا استطيع التصديق ولكن اين هي الآن يا ترى؟
-لا احد يعلم ذلك في الحقيقة فقد اختفت.
اقتربت ببطئ مني من دون ان اشعر واردفت بوجه مخيف وهمست في اذني ؛
- ولكن ربما تعود في يومٍ ما.
انتفضت من مكاني ورميتها بوسادة على وجهها
- حمقاء اصمتي ، لقد اخفتني.
تجهم وجهي وابتسمت هي .
- اجلسي اجلسي لن افعل ذلك مرة اخرى.
وابتسمت مرة اخرى ولكن بمكر.
قالت بعد برهة ؛
- ما رأيك ان اريك غرفتي؟
- هيا.حينما رأيت حجرتها شعرت للوهلة الاولى بأنني في الجنة ، كانت ذا طابع افريقي مميز وجدرانها تميل الى اللون الاصفر الباهت وقد عُلقت بعض الصور عليه كالبحر والنجوم وكذلك لوحات بسيطة ، اما عن الجانب الآخر فقد كان هناك سرير وبجواره بعض الرفوف التي تحمل كتباً.
- ميراي هل تقرأين كتباً!
اتسعت عيناي بينما ابتسمَت بدفئ.
- اوه الكثير الكثير وماذا عنك؟
- نعم وانا اقرأ منذ نعومة اظفاري.
ضحكت ميراي وأكملتُ
- ولكن اتعلمين ان غرفتك من اجمل ما رأيت ، صدقاً انني لا اجاملك.
- اوه انكِ تبالغين فحسب.
ونظرت لي بلامبالاة
- انني اقول الحقيقة واتمنى ان تكون غرفتي البشعة كغرفتك هذه!
ضحكت ميراي مجدداً
-ما عليك سوى ان تضعي بعض لمساتك ، اوه صحيح ما رأيك ان نتجول في الخارج سيراً على الاقدام قليلاً؟
لم ارفض الفكرة وقد اعجبتني ، حينما خرجنا من منزلها سويّة ساورني الفضول.- ميراي هل تمتلكين اصدقاء؟
- اممم لا اظن ذلك اعتقد انك اول صديقة لي.
وغمزت لي ، وكزتها وقلت ؛
-اشعر اننا متقاربتين في كل شيء.
-وانا اشعر هكذا ايضا.
التقت نظراتنا وابتسمنا.حينما كنا نسير بجوار بعضنا تحدثنا عن امي وابي والخالة منريس وكذلك هي حدثتني عن عائلتها ، امضينا الوقت في التجول ودخول بعض المتاجر حتى لمحت مكتبة من بعيد ، اقترحتُ ؛
- ما رأيك بشراء بعض الكتب؟
رفعت حاجبيها
-إنك تقرأين افكاري يا فتاة.حينما دخلنا اختارت هي كتاباً وانا كذلك
- ما رأيك ان تأخذ كل واحدة كتاباً ما وحينما ننتهي من قراءتها نتبادلها؟
- نعم فكرة جيدة سافانا.وعندما خرجنا من المكتبة اخبرتها انه ينبغي علي العودة للمنزل.
- لقد كان يوماً رائعا بصحبتك ، في المرة القادمة ستأتين لمنزلي أليس كذلك؟
ابتسمت بود ووضعت يدها على كتفي
- اوه يسرني ذلك بالطبع وعلينا ايضا تبادل الرسائل كل يوم ، اياك نسيان ذلك.
قالت ذلك وهي تقرص خدي.
-حسناً الى اللقاء .
اتسعت ابتسامتي عندما رأيتها تعود ادراجها كذلك فعلت انا لتقودني قدماي للكوخ وانا اقول بنفسي ( يا ترى ماذا سيحدث في الايام القادمة؟ ) ..انتهى الفصل السادس ✨
هل من تعليق ؟!
أنت تقرأ
أخبرتنا أشجار الباوباب .
Adventureوضعت يدها على يده الدافئة وقالت وهي تهمس ؛ أحبّ أن أكون معك ، لا أريد أن أكون وحيدة مرة أخرى ، فكلّ تلك الأيام التي عشتها بجوارك كانت أفضل لحظات حياتي .. - قصتي نسجتُها من وحي الخيال وربما قد تُوجد في الواقع ، بطلتُها سافانا -وهي ذاتُ ٢١ عاماً والتي...