prar17

3.7K 155 1
                                    

ظهر الرعب على وجه ايما فيما شعر دايمون بحقد وكراهية بالغين إتجاه ذلك الرجل الحقير .كيف يجرؤ هذا اللعين على الايحاء بمثل هذه التفاهات والاكاذيب امام ايما، وانابيل ايضا. انه لأمر مؤلم جدا . لم يجب على سؤال الرجل الذي بدا عازما على ملاحقة الحديث حتى النهاية ، اذ قال :
"في فترة ما خلال علاقتك بتلك الفتاة ، اصبحت وسيطها . ان كان ذلك بارادتك،وهذا ما اعتقده شخصيا ،او بغير ارادتك ...فالامر سيان وغير مهم بالنسبة الينا . اننا نريد الفيلم ! " .
" اي فيلم ؟ رباه ، فتشتم هنا ونقبتم شقتي في لندن ...فلو كان معي لكنتم وجدتموه ! " .
" تحدّث بمنطق يا سيد ثورن . الفيلم صغير جدا، ميكروفيلم ،ليس اكبر من حبة دواء صغيرة " .
وابتسم بخبث ولؤم قائلا :
" اياك ان تلهو معي يا سيد ثورن ، فانا لن اغادر هذه الجزيرة قبل الحصول على الفيلم " .
شهقت ايما ثم عادت الى صمتها وحزنها وتساؤلاتها ,لا يمكن ان تكون هذه الليلة حقيقية ،لا يمكن ! انه كابوس مزعج ، ولكنه ليس كابوسا. وقف الرجل بسرعة ورفس الكرسي بعنف ووحشية قائلا :
"الفيلم معك يا سيد ثورن . هل اخبرك كيف اعرف ذلك ؟ لأن جميع العملاء الذين نستخدمهم في هونغ كونغ لا يزالون بخير وسلام .لو انك سلّمت الفيلم الى السلطات المختصة ،لكانوا معتقلين منذ بعض الوقت .سيحاولون الهرب طبعا، وبما انهم لا يزالون يعملون ، فهذا يعني ان الفيلم لا يزال معك . عندما فتشنا شقتك في لندن كنا متأكدين من ان الفيلم موجود هناك . كان من المستغرب جدا ان تغادر البلاد والفيلم لا يزال بحوزتك .اننا دقيقون جدا يا سيد ثورن ! " .
ثم ابتسم بخبث وتابع حديثه قائلا :
" خلاصة القول ان الفيلم موجود هنا . وبما انني اتصوّر انك لن تتركه في مكان ما هنا وتواجه خطر فقدانه ،فانني اصبحت شبه مقتنع بانه موجود معك انت بالذات " .
وتنهّد بلؤم وقال :
" ان تفتيشك سيكون امرا مزعجا جدا . ومع انني اكره ان اقوم بذلك شخصيا ، الا انني مضطر جدا "
" ولكنك فتشتني مرة قبل الآن "
"وهل تعتقد ان ذلك التفتيش كان دقيقا بما فيه الكفاية ؟ ".
" ماذا تعني بذلك ؟ " .
" اعني ان التفتيش السابق كان خارجيا وسطحيا . اما في المرة المقبلة فسوف يكون من الضروري ان نبحث في كل مكان من جسمك . هل تفهم يا سيد ثورن ؟ في كل مكان !".
وضحك بمكر وحقد ثم اضاف قائلا بهدوء :
"انني متأكد من انك لا ترغب في ان تشاهد الفتاتان هذه الاهانة والمذلة ، ولكنهما ستفعلان ذلك مرغمتين ! " .
" رباه ! " .
واحنى دايمون رأسه ومضى الى القول :
" لا يمكنني ان أضيف كلمة واحدة الى ما قلته سابقا .اقسم لك بانني لا اعرف شيئا عن هذا الفيلم " .
هزّ الرجل كتفيه بدون اكتراث ، وقال :
" اخلع ثيابك يا سيد ثورن " .
" لا ! " .
" اعتقد انك ستفعل ، يا سيد ثورن " .
واقترب منه ببطء ثم ضحك واستدار نحو الفتاتين .استل سكينه ووضعها قرب عنق ايما وكرّر جملته باسما :
" اعتقد انك ستفعل ، يا سيد ثورن " .
تصاعدت الدماء الغاضبة الى وجه دايمون بسرعة وانفعال، وبيدين ترتجفان حقدا وسخطا حلّ ربطة عنقه وسحبها بهدوء متعمّد .امسكها امام وجهه لحظة حلّل فيها فرصة واحتمالات الربح والخسارة .عليه التحرك الآن، والا لن تسنح له فرصة اخرى ! ماذا سينجم عن ذلك ؟ هذا المجرم السفاح سوف يقتلهم جميعا في اي حال ! نظر الى وجه ايما فشاهد الرعب الحقيقي ، وتطلع الى انابيل فرأي كتلة صغيرة من الخوف والهلع ،فتأكد له انه لن يتمكن من البقاء ساكنا بدون حراك .
وبقوة تفوق القدرة البشرية ، رمى دايمون بنفسه على الرجل المسلح ملقيا به جانبا. وقع الرجل على ايما ،فيما صرخت انابيل وفّرت كالمجنونة نحو الطرف الآخر من الغرفة . ابعده عن ايما و...يا لهول المنظر ! كانت سكينه قد غرزت حتى مقبضها في كتف ايما ، وكانت حبيبته لحسن حظها غائبة عن الوعي. الا ان الدماء كانت تفور بغزارة من جرحها العميق وتشكّل بركة حمراء صغيرة على السجادة الصفراء تحتها .
لو كان ثمة شيء في العالم يقوّي من عزيمته ويعطيه المزيد من القوة الجسدية ،لكان رؤيته ايما جريحة وعلى وشك ان تموت ان لم تحصل على معالجة سريعة .كان الدخيل لا يزال ممسكا بالمسدس عندما استدار دايمون تلك اللحظة الوجيزة لمعرفة مدى الخطر المحدق بخطيبته .صوّب الرجل المسدس الى خصمه ولكن دايمون كان سريعا للغاية فوجّه الى وجه الرجل لكمة حّملها كل قوته وغضبه واشمئزازه.لم يتمكن الرجل من الضغط على الزناد ،ولكنه كان قويا جدا فاكتفى بهز رأسه بقوة ،واطلق صرخة حادة كحيوان بّري جريح ثم استدار نحو دايمون.احس دايمون بان لاحظ له في الحياة ان لم ينقض على عدوّه المسلح والاشتباك معه بالايدي.تقاتل الرجلان بوحشية وضراوة . ومع ان دايمون اطول من خصمه ،الا ان ذلك الرجل كان مجموعة من العضلات المفتولة القوية ومعتادا اكثر بكثير من دايمون على جميع فنون القتال.رفع ركبته ووجهها بأقسى قوته الى معدة دايمون مما دفع به الى الجدار المقابل ،حيث ارتطم به ووقع وراء الكنبة في اللحظة التي انطلقت فيها رصاصة وحطمت زجاج النافذة فوق رأسه
تحرّك دايمون بسرعة على الارض قبل ان تسنح للرجل اي فرصة للتحرك . امسك برجليه واوقعه ارضا حيث قبض على معصم اليد التي تحمل المسدس وراح يضربها على الارض بعنف ووحشية ، الى ان وقع المسدس قرب قدمي انابيل .نظر دايمون الى ابنته وقال لها بلهفة وهو يحاول بصعوبة فائقة ابقاء الرجل على الارض :
" انابيل ! المسدس ! موجود قرب قدميك ! اعطني المسدس بسرعة ! " .
هزّت الفتاة الصغيرة رأسها مذعورة وقالت باكية :
" أبي ؟ أبي ؟ أين انت ؟ " .
" هنا ، هنا ياحبيبتي ! اعطني المسدس يا انابيل ! بسرعة ! " .
انحنت انابل ورفعت المسدس بيد مرتجفة وقالت :
" ابي ؟ ابي ؟ أين انت ؟ " .
" انني هنا يا حبيبتي ! انابيل ، هنا " .
بدأ الرجل يتحرر تدريجيا من قبضة دايمون وامسك بيده ذقن خصمه في حين مدّ يده الاخرى نحو الطفلة .واصيب دايمون بالهلع ! فلو اقتربت ابنته قليلا ، فانها ستعطي المسدس لهذا الرجل الشرير . كيف ستعرف ؟ كيف ستفرّق بين يد واخرى؟ قال لها وقد بلغ به اليأس حدا لا يطاق :
" انابيل ، انتبهي يا ابنتي ! احذري بحق السماء ان تعطي المسدس لهذا الوحش ! " .
حدقت بهما انابيل وهي لا ترى شيئا، وكانت تحمل المسدس بيد وتضغط على فمها باليد الثانية .وصرخت باكية وخائفة :
" كيف...كيف سأعرف ؟ ابي ، اين انت ؟ " .
اقتربت قليلا فشدّ الرجل نفسه نحوها وامسك برجلها ، ففقدت توازنها ووقعت فارتطم رأسها بالخزانة الخشبية القريبة . ولحسن الحظ ، وقع المسدس تحتها . وجّه دايمون لكمة قوية جدا الى صدغ الرجل اذهلته فترة وجيزة، ثم نادى ابنته بلهفة :
" انابيل ، انابيل ! هل انت بخير ؟ " .
بدأت الفتاة الصغيرة بالتحرك ثم وقفت ببطء وهي تمسك بالمسدس مرة اخرى . اجابته بتمهل وهي تفرك عينيها :
" نعم ، نعم ، انني بخير . ابي؟ هل انت هنا ؟ " .
" هنا .....هنا ! " .
وبدأ الرجل الآخر يتحرك ايضا . انه بلا شك قوي البنية الى درجة مذهلة . وعاد دايمون ينادي ابنته ويحذرها :
" انابيل ، المسدس! ولكن لا تقتربي كثيرا ! " .
تقدمت انابيل نحوهما ثم بدا وكأنها تتأملهما ،لأنها انحنت فجأة ووضعت المسدس في يد والدها . رفع دايمون المسدس وهوى به بكل قوته على رأس الرجل فأفقده وعيه .وقف دايمون وقد ظهر الاعياء على وجهه . وفي تلك اللحظة بالذات دخل رجلان ، فصوّب المسدس نحوهما ثم قال وكأنه لا يصدق عينيه :
" المفتش هوارد ! رباه شكرا لك ! من اين اتيت يا رجل؟

احبك ولو طال إنتظاري.. فإن لم تكن قدري.. فقد كنت اختياري..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن