الفصل السابع

8.3K 182 0
                                    

شاهدت آنجي استعراض عيد الشكر في التلفزيون وهو العيد الوحيد طوال العام.
كانت تتحسر فيه على أيام المدينة واقسمت انها لو رزقت بأطفال في يوم ما ستصحبهم لحضور العيد في مانهاتن.
عادت اليها الأنفلونزا بقوة وصرعتها طوال أيام الأسبوع ثم أعلنت استسلامها وهي تستيقظ في صباح أحد الأيام.كانت منهكة وفي حالة لاتسمح لها بقضاء اليوم عند اودري.
رفعت السماعة وادارت رقم صديقتها التي استقبلت صوتها المرهق بصيحات القلق والعتاب.
استطاعت آنجي ان تشرح لها انها تشعر بالمرض لدرجة انها لن تستطيع الحضور للعشاء عندها.
وعدتها اودري ان ترسل اليها الحساء ليقويها:
_ان ماتحتاجين اليه هو حساء منزلي .سيرم عظامك وآمل ان يكون مرق الديك الرومي في قوة مرق الدجاج.
_ان انفي مسدود لدرجة اني لن اميز حتى ان كان مرق فأر.
_آوه ياعزيزتي الصغيرة عودي الى السرير لقد ذهب صوتك.
_انا فعلا في السرير.
_اذن لاتتحركي وحاولي ان تنامي قليلا وسأحضر لك الحساء فور اعداده.
بعد ان وضعت آنجي السماعة اغلقت التلفزيزن وتمددت تحت اللحاف الثقيل.
فكرت انه ليس هناك شيء يجعل المرء يحس بالحرمان سوى ان يرقد مريضا في ليلة عيد الشكر.

استغرقت في نعاس بلا احلام وتمنت الا تزعجها اودري بلطعام اثناء نومها.
عادت جيزابيل في هدوء الى الحجرة لتتكوم فوق السرير ملتصقة بسيدتها.
استيقظت آنجي فجأة وهي فزعة عندما قفزت الكلبة من فوق الفراش ونزلت درجات السلم وهي تنبح بصوت يصم الأذان.
من كان يطرق باب الدخول الأمامي؟لابد انه مبعوث اودري حضر ليسلمها الحساء.

ازاحت جيزابيل وفتحت الباب وهي تمسك بقميص البيت لتغلقه بيدها وسمعت صوتا مألوفا يقول:
_ليس من السهل العثور على طبيب يقوم بزيارة منزليه هذه الأيام.
صاحت آنجي وهي تمسك بطوق كلبتها:
_ليوك ماذا تفعل هنا.فيما عدا الحملقة في.
كانت قد تركت يدها التي تقفل الثوب المنزلي دون ان تشعر بينما اتسعت عينا ليوك دهشة واعجابا.
_لاتقلقي ان اهتمامي اليوم بتكوينك التشريحي ينصب فقط على الحالة الطبيه.
ناولها صندوق رحلات مغطى بمفرش ابيض وقال لها:
_هاك!امسكي ياذات الشعر الأحمر .لقد احضرت لك اخر علاج سحري .مرق الديك الرومي.
قالت وصوتها اخنف:
_شكرا اعتقد اني استطيع التصرف بمفردي.
رد ليوك معترض وهو يبعد السلة:
_انتظري لقد اقسمت ثم ان اودري جعلتني اعدها ان اعد لك سلطانية الحساء وان اجعلك تنامين بعدها مباشرة.
_اؤكد لك اني استطيع عمل ذلك بمفردي.
قال وهو يبعدها عن طريقه ليدخل وصاح قائلا:
_ماذا؟ان ملابسك خفيفة وتسيرين حافية القدمين هل تريدين ان تصابي بألتهاب رئوي؟انت اكثر امرأة عنيدة صادفتها في حياتي.
اغلق الباب وراءه.
لم تحس آنجي ان الروب دي شامبر من تصميم ديور وبلون اللافندر خفيف ولكنها لفته حول جسدها بقوة .كانت تحب ان ترتديه عندما تمرض.
_ولماذا تصيح هكذا؟هل هذه طريقتك للتخفيف عن المرضى..أم..؟
قطعت آنجي حديثها حيث فوجئت بعطسة عنيفة.
صاح هادرا:
_أنا لاأصرخ!عودي الى الفراش فورا.هل يجب علي ان احملك على كتفي؟
_انا قادرة تماما على صعود الدرج بمفردي ياليوك انني لا..
فاجأها العطس اربع مرات متتوالية .كان ليوك على وشك تنفيذ تهديده وحتى تهرب من الأذلال سارعت بصعود الدرج.
_انت ترى انني اصعد..ياألهي ..اي سيرك كنت تعمل فيه؟
وصلت الى حجرتها قبل ان تتيح له الفرصة للرد.
لم تكن حالتها تسمح بالنقاش معه لفترة طويلة.نفخ صدره وذهب الى المطبخ لتسخين الحساء.
عندما سمعت صليل الأواني المعدنية نهضت وسارت على اطراف اصابعها وتسللت الى الحمام كي تلقي نظرة على هيئتها العامة.
لقد رأها ليوك وهي على هذه الحالة المزرية .تساءلت:كيف كان رد فعله عندما اكتشف حالتها هذه؟
بسرعت مشطت شعرها ثم غسلت وجهها بالصابون بقوة .
كانت بشرتها شاحبة للغاية وخطوط زرقاء تحت عينيها وعلى طرف انفها بقعة لونها طوبي .قالت في نفسها انها لاتستطيع ان تفعل شيئا .جففت وجهها وعادت للنوم مرة أخرى .
بعد فترة قليلة صعد ليوك السلم وهو يطلق صفيرا بفمه.كان يحمل صينية محملة بما يكفي لأطعام عائلة من خمس افراد .احتجت عندما وضع الصينية فوق السرير.
_لن استطيع ابدا ان آكل كل هذا!
_اتمنى ذلك .ويتبقى مايكفيني ايضا فقد دعاني الواجب الا ابقى لتناول العشاء مع اودري وبرايان.
_آه!كم هو لطيف منك!
_فعلاألست رجلا مهذبا ومخلصا ومضحياو...ويالها من تضحية ياسيدة تورته ان اضطر للعشاء مع يدة رائعة ترتدي قميص نوم فاخر واجلس عند قدميها .كم هي قاسية الحياة!
ٌقالت وهي تضحك:
_انت تعرف جيدا ماذا كنت اقصد.
_نعم ..نعم..اشربي حساءك قبل ان يبرد.
_سمعا وطاعة يادكتور.



بمساعدة جيزابيل استطاعوا افراغ الصحون من محتوياتها بل ان ليوك اكل جزء من تورتة الليمون الخاصة ب آنجدي.
احست بالشبع والتعب في آن واحد فتمددت على السرير بينما اخذ ليوك يشعل النيران في مدفأة الحجرة.
كانت لمسات ليوك الناعمة والحانية قد اشعرتها بالأرتياح وسرعان مااستغرقت في نعاس عميق.
عندما استيقظت كانت الحجرة تسبح في الضوء الذهبي المنبعث من نيران المدفأة والتي بدأت تخبو.
واستغرقت فترة حتى تتذكر انها ليست بمفردها .
استعادت يقظتها عندما رأت ليوك ممددا بجوارها وفي يده كتاب .همهم عندما فتحت عينيها:
_وبعد!هل تشعرين بالتحسن؟
انكمشت على نفسها وهي ترى انها في هذا الوضع الحميم الخاص وان تمنت ان يستمر.
_لدي احساس اني نمت ساعات طويلة؟كم الساعة الآن؟
اجاب بعد ان نظر الى المنبه الموضوع على المائدة الليليه:
_حوالي السادسة.لقد كنت تحلمين وتتكلمين في نومك.
_آه..حسنا؟لابد انه كان كابوسا.لقد رأيت نفسي غارقة في بحيرة من العجين او شيء مماثل..فنادرا ماأتذكر احلامي.
قال لها فجأة وهو ينهض من مكانه:
_يجب ان تتناولي الأسبرين وسأحضلره لك هل تريدين كوبا من العصير؟
ردت وهي تتساءل اذا كان لديه نية اللعب هكذا لوقت طويل في دور حارس المريض:
_نعم هذه فكرة حسنة.
عاد في الحال ومعه اللأسبرين وكوب عصير وناولهما لها وجلس على طرف السرير.
_هل تودين اللعب بالورق؟لقد وجدت هذا في درج مائدة المطبخ.
قالت وهي تأخذ الأوراق لتفرقها:
_موافقة!اي لعبة تريد ان تلعب؟
_هز كتفيه:
_لست ادري..بلاك جاك..بوكر؟
_بوكر.
_هل تعرفين ان تلعبيها؟
_قليلا
_آه..حسنا.
_هيا من فضلك اقطع الورق.
سألها بلهجة متشككة وهو يرى براعتها في التفريق والقطع التي لايتقنها سوى المحترفين:
_هل قلت انك تعرفين اللعب قليلا؟
_بالضبط هل تريد ان تضيف بعض الأثارة للعبة؟
_هل تريدين اللعب على النقود؟
_لا..ان نقودنا لهذه اللعبة ستكون حبوب باستيليا الزور وكل واحد يساوي الف دولار؟اتفقنا؟
_لايمكن ان تفعلي شيء بظهر الملعقة ومع ذلك لابأس ولكن من غير المسموح بالديون؟
_اتفقنا
بعد فترة كسبت آنجي كل قطع الباستيليا الخاصة بليوك بالاضافة الى ديون بلغت الثلاثين ألف دولار.
قال ليوك مزمجرا وهو ينهي اللعب:
_اعرف متى انهي اللعب.لن اسالك من اين تعلمت اللعب بهذه الطريقة.
هزت آنجي كتفيها :
_لقد كنت دائما محظوظة في لعب الورق.
اقترب منها كثيرا بحيث اصبح وجهه قريبا من وجهها وقال:
_من حسن حظي انني لم اكسب فهم يقولون السعيد في الحظ تعيس في الحب ولهذا تنازلت عن كل اقراص الباستيليا الخاصة بي عن طيب خاطر ياسيدة تورتة.
لوحاول تقبيلها في هذه اللحظة لما استطاعت المقاومة ولكن لشدة دهشتها لم يفعل ذلك.
وانما نهض ليجدد نيران المدفأة ثم شغل التيلفزيون وحاول تغير القنوات حتى يعثر على فيل يعجبه.
وجد فيلما لجيمس ستيوارت قال وهو يتمدد:
_اعرف انه أعيد عرضه ست مرات على الأقل هذا الأسبوع ولكنه احد افلامي المفضلة ويجب ان اشاهده..هل يضايقك؟
_لاعلى الأطلاق وانا احب هذا الفيلم جدا.
اثناء مشاهدتهما الفيلم اسندت آنجي رأسها على كتف ليوك وقبل انتهاء الفيلم كانت قد استغرقت في النوم.
استيقظت آنجي صباح اليوم التالي وهي تسمع ليوك يصفر بفمه بسعادة وهو تحت الدش.
مضى بعض الوقت قبل ان تتذكر احداث الليلة الماضية.
نهضت وارتدت روبا واحست انها فضل كثيرا.وكان ليوك دون شك هو المسؤول عن شفائها السريع .
فكرت في البداية ان تهبط للدور الأرضي لتعد الأفطار لكنها فضلت ان تسمع صوت الرجل المختلط بصوت الماء المتساقط من الدش.
كم ستشتاق اليه عندما يرحل!
تذكرت في الليلة الماضية كيف تبادلا معا اجمل لحظات وكيف كانت ترتعش من لمسات ليوك لها
كم كانت قبلاته لها حانية وعذبة عندما حملها وكانت نائمة، كيف طلبت منه الا يرحل وهو يضعها على فراشها.تردد في البداية خوفا عليها لأنها كانت تبدو ضعيفة ولكن نظرت عينيها وضعفها قد حركا مشاعره ولم يعد قادرا على مقاومة هذا الأغراء
انحنى وقبلها وغابا معا في لجة من المشاعر المحمومة.


وادركت انها كانت ستضيع فرصة فريدة لو انها لم تتح الفرصة لكليهما وفي نفس الوقت كانت تحس بخوف شديد من الفشل .

التقطت قميص ليوك وهي شاردة من فوق السجادة ووضعته فوق المقعد .
خرجت الى الدهليز وباب حمام مواربا فدفعته بأصبع قدمها .صاح ليوك من خلف ستارة الدش:
_آنجي؟
_نعم.
_سأخرج بعد دقيقة هل تريدين ان اترك المياه الساخنة تنزل من الدش؟
_نعم بعد ان تنتهي.
عندما انتهت آنجي من حمامها وارتدت الروب ومشطت شعرها وقد عادت الحياة الى وجنتيها وبدت في صورة منعشة.
دخلت حجرتها فنظر اليها بدهشة:
_انت الآن اجمل من اي وقت مضى ياسيدة تورته اخبريني هل كل هذا التحول نتيجة دخولك تحت الدش؟
نظرت آنجي ببطء الى وجهه المليح . ان رأسها يصل اعلى كتفيه قليلا .كانت عيناه تلمعان من العاطفة في صفاء ووحشية حتى انها احست بقلبها يمتليء بالسعادة والبهجة قالت اخيرا بعد تردد.
_انني لااندم الا على شيء واحد
خفض رأسه نحوها :
_وماهو؟
همست بأبتسامة لاذعة:
_انني لم اعترف بحبك من البداية.
اقترب منها ملاصقا لجسدها وقال:
_اذن احب ان اعوض عن الوقت الضائع
صمتا لأن لغة آخرى حلت محل الكلام.

روايات عبير / سهرة الأحلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن