بعد ذلك بوقت قصير انتظرت آنجي امام الأبواب الضخمة الخشبية لقاعة اروسلي ولم يتأخر ليوك في اللحاق بها كما سبق واعلن.
لم تكن ايف تايلور معه،سألها:
_هل انت مستعدة؟
_نعم .اين ايف؟
اجاب:
_لديها مشروعات آخرى.
لف ذراعه دون اكتراث حول خصرها وصحبها عبر الجماهير الى درجات الفناء الأمامي حيث ابرز تذكرته للحارس.
قال وهو يضع معطفها حول كتفيها:
_ان الجو بارد في الخارج..خذي هذا.
كان ضخما حتى ان آنجي احست انها دخلت تحت خيمة من الصوف لايخرج منها سوى رأسها.
_لديها مشروعات آخرى؟هل غضبت منك؟
_غضبت؟ولماذا تغضب؟
هزت آنجي كتفيها:
_انك تبدو غير مشغول عليها.
ضحك ليوك:
_لاتأخذي في بالك!اعتقد انها كانت اكثر سعادة عندما تخلصت مني.لقد ألقت بشباكها على شخص آخر واعد ينوي أقامة مركز تجاري في المنطقه.اما معي فقد وجدت نفسها مقيدة دون فائدة.
لاحظت آنجي انه لايبدو عليه الضيق من ايف.تابع حديثه بلهجة ساخرة:
_ومع ذلك لاأفهم لماذا تهتم امرأة بمركز تجاري اكثر مني.
_ربما لأنك فقدت سحرك ياثور!
_هل هذا تحد؟!
_لاتحلم ياوايلدر.
كان امامهما بضعة كيلو مترات ولكن آنجي كانت تعرف بالغريزة ان الطريق مع ليوك سيكون طويلا.
اخيرا وصلت السيارة امام منزلها واطفأليوك المحرك.
قالت آنجي وهي تفتح الباب:
_شكرا ليوك.تصبح على خير.
_سأصحبك حتى باب البيت.
_لاداعي للتعب
دون ان يسمع كلامها نزل من السيارة ودار حولها ليساعدها على النزول من مقعدها.
تجاهلت يده التي مدها لها وسارعت نحو باب المدخل.
ادخلت المفتاح في القفل وفتحت الباب.كانت جيزابيل وراء الباب وبدأت تزوم عندما تعرفت على سيدتها.
_حسنا ليوك تصبح على خير..آوه لقد نسيت هاهو معطفك.
اخذت جيزابيل تتشمم الهواء وبدأت انها تعرفت على رائحته ثم اخذت تبح في سعادة وانطلقت خارج البيت واختفت في الظلام.
زمجرت آنجي:
_آوه اللعنة ..هل كان من الضروري ان اربي حيوانا..لم يبق سوى ان آخذ حزامها وطوقها وآجري ورائها للأمساك بها.
صاح ليوك وهو يرتدي معطفه:
_في هذا الزي لابد انك تمزحين؟عودي الى الدفء وسأذهب لأحضارها.
_ولكن..
دفعها برقة الى الداخل :
_هيا ادخلي سأعود بسرعة مع جيزابيل.
القت آنجي بحاجاتها فوق المقعد وذهبت الى المطبخ.
وضعت الماء في الغلايه لتسخينه وبدأت تقطع الحجرة ذهابا وأيابا.
كان الشاي قد غلى وبدأت آنجي تصب لنفسها القدح الثاني.عندما طرق ليوك على الباب آخيرا.
جرت لتفتح له.
اندفعت الكلبه اولا الى داخل المنزل.
اسرعت آنجي نحو ابريق الشاي وتبعها ليوك وهو يلهث ثم ألقى بجسده على المقعد دون ان يخلع معطفه.
_اللعنة!هذه الكلبة تعرف كيف تجري.هل انت متأكدة بأنها ليست دربة على السباق!
ضحكت وقالت:
_هذا ممكن.
كانت اوراق الشجر الجافه والأغصان الصغيرة الجافة معلقة بمعطف ليوك وفي شعره الذي بدا وكأنه خاض معركة .
كما حل ربطة عنقه.
سألته:
_اتحب ان تشرب شيئا؟شاي مثلا؟
_قليل من الماء سيصلح حالي تماما.
اخذ منها كوب الماء وقال:
_شكرا.
شرب الماء وهو يضحك بينما آنجي تراقبه.لاحظت فجأة خدشا على خده.
_لقد جرحت؟هل يؤلمك؟
_لا..انه لاشيء.
لمست خده برقة بأطراف اصابعها:
_لكنك تنزف.
امسكت بذقنه وحولت وجهه للنور.كان القطع اعمق ممايبدو لأول وهلة.
بللت منديلا بالماء واستخدمته فوق الجرح.
صرخ وهويبعد رأسه:
_انت تؤلمينني.
زجرته بلهجة مشوبه بروح الأمومة وهي تضحك:
_هيا لاتكن طفلا.لقد كنت اعتقد ان ابطال الرياضة اقوياء لايخشون شيئا.
_لاعبو كرة القدم ربما نعم..اما نحن لاعبو البيسبول فنحن اكثر رقة وحساسية.
_لابد من تطهير الجرح وأرجو الا تصاب بالأغماء.
فتحت دولاب الأسسعافات واخرجت منه مطهرا.قال:
_سأحاول ان اتماسك واتحمل الصدمة..ماهذا؟
_مضاد للجراثيم.هل تريد ان يتلوث جرحك؟
أمسكت ذقنه بيد واستعملت المطهر باليد الأخرى.
_انه يلذع.
_أوه..اسكت .زابق هادئا والا وضعت المطهر في كل مكان..
تنهد ثم ظل ساكنا دون حركة وقد ثبت نظراته عليها بطريقة نزعت كل مقاومتها.قال:
_ان لك يدي جنية الأساطير ياسيدة التورته فهما ناعمتان ولكنهما واثقتان هل ممارستك للعجين هي التي اعطتك هذه الخبرة والليونه؟
_صه..
قالت اخيرا بعد ان وضعت الغطاء على الزجاجة:
_هاقد انتهينا!
تنهد ليوك:
_حمدلله..ألا استحق مداعبة تخفف عني الألم.
احست آنجي بأن الجو قد بدأ يتكهرب وعرفت ان أرادتها بدأت تتخاذل شيئا فشيئا.وكان عليها ان تتصرف قبل ان يفوت الوقت.
اخيرا استطاعت ان تقول:
_من فضلك ياليوك..دعني في حالي!
_لا..اطلاقا.
انني لم اسمح لك بالبقاء كي تغازلني في مطبخي!
_لم لا فالمطبخ احسن مكان يشع دفئا.
_هل سمعتني ياليوك!!هيا كف عن معاكستي.
-نعم كماتحبين..لكنك جميلة جدا.
كانت آنجي تعيش حلما وتمنت لودام للأبد.
_انني لم أكف لحظة عن التفكير فيك وانا في نيويورك ،ولم تمر دقيقة الاوصورتك تحتل خيالي.
قالت بصوت رقيق:
_هيا..أنا متأكدة من انك نجحت في نسياني وانت منهمك في اعمالك.
_في المرة القادمة عندما اذهب الى نيويورك سأصطحبك معي.وأتخيل مقدما عناوين الصحف:من هذه الفاتنة ذات الشعر الأحمر التي كانت تصاحب ليوك وايلدر مساء أمس في ملهى نيلز؟هل صحيح انهما اتيا الى المدينه ليعلنا خطبتهما؟
_ظريف جدا!
_حقا؟
فكرت ان ليوك مغرور بعض الشيء ويعتبر انها ستقدم نفسها له على طبق من فضة.
يجب ان لاتنسى انه يبحث عن علاقة عابرة.ثم هناك صحف الفضائح!كم تكرهها.فهم يتطوعون بالتعليقات القذرة ولو كانت مع ليوك فلن تستطيع الأفلات من مخالب تلك الصحف.
كان ليوك مندهشا لهذا التغير في مزاجها سألها:
_أنجي!ماذ هناك!ما1ا قلت؟
اجابت بلهجة جافة:
_لاشيء مهم.اعتقد ان الوقت قد حان لترحل.
قال بألحاح وبلهجة هادئة:
_لن ارحل قبل ان اتلقى ردا واضحا مقبولا.اخبريني ماذا قلت وجعلك تغضبين؟
قالت بلهجة قاطعة:
_لقد طلبت منك ان ترحل وهو ماأكرر طلبه مرة ثانية..ألرجوك ارحل من فضلك!
ذهبت لتحضر له معطفه تجاهلها وظل واقفا امامها.
كان منظره المشوش بعد مابذله من مجهود في مطاردة الكلبه قد زاده سحرا وجاذبية!
قررت الا تنظر اليه ابدا حتى لاتستسلم للأغراء .قال فجاة:
_اعرف ماذا هناك ولست بحاجة ان تخبريني به..اللعنة كيف لم استطع ان افهم..كم انا غبي احيانا؟
_هانحن اخيرا قد اتفقنا على نقطة واحدة.
عندما رأت جرحه ومابدا عليه من ألم قالت:
_آوه..أنا آسفة واسحب كل ماقلته..انت لست غبيا على الأطلاق.اننما ببساطة اعتقد ان الأمور بيننا لايمكن ان تنجح.
_كل شيء كان يسير بسرعة بيننا الى ان فتحت فمي اللعين وقلت اشياء ذكرتك بماتحاولين نسيانه.هاذا ماحدث أليس كذلك؟
وافقته آنجي برأسها .أحست بأن ذقنها يرتجف قليلا وقلبها ينبض في صدرها وأوشكت على البكاء.
اجابت بعد لحظة صمت والدموع توشك ان تفطر من عينيها:
_ليس هناك سوى ذلك..وقد تكون هناك امور أخرى.اعتقد ان هناك بعض الذرات المتشابهة بين خلايانا.
_ذرات متشابهة بين خلايانا؟ان الأصطلاح علمي لكنه ضعيف وغير معبر..لكن استمري فأنا اسمعك.
_آوه..لايهم..ارجو المعذرة اذا كنت لاأجد التعبير ولكن..ماذا اقول..؟ان هذا النوع من الأشياء لايحدث غالباوان لدي احساسا بأنه يحدث ذلك منك بطريقة مخالفة.
_ومامعنى ذلك؟
_هذا يعني انك نوع من الرجال الذين يمكن ان يقع في الحب ثلاث مرات في اليوم،أما انا فالأمر بالنسبة لي مختلف.
لقد حاولت ذلك مرة ولم ينجح الأمر صدقني.
وليس لدي اي سبب لأجعله ينجح اليوم.
فهل يمكن ان تتقبل ذلك؟يمكننا ان نصبح اصدقاء فقط..
_لست مثل زوجك السابق.اعرف بأنك مقتنعة بأني مثله لكنك مخطئة.
اما صداقتك فلاتهمني بشيء..انا أريد أكثر ياآنجي..اتفهمين ماذا أقول؟
_نعم.
استأنف الحديث بلهجة أكثر هدوءا:
_اسمعي!اعرف ان لي سمعة حب النساء ولاأنكر ذلك.
ولكنك تعلمين تماما انه لايجب تصديق كل مايكتب في الصحف،فلو كنت دون جوان كما تصفني الصحف لكان مصير المستشفى او الدفن تحت الأرض.
صحيح انني احب صحبة النساء ولكني تغيرت ومايهمني الآن هو ان أكون مع امرأة معينه دون غيرها من النساء.
قالت وهي تطرق بأصابعها:
_هل تغيرت هكحذا فجأة؟هل يمكن للنمر وكالبرق ان يتحول الى عندليب..ان هذه قصة خرافية اليس كذلك؟
_هذا ماحدث بالضبط.
هل تظنين ان التغير حصل في العقل فقط!حسنا انت مخطئة ان التغيير حدث هنا..في القلب والروح..
يبدو ذلك غير منطقي بالنسبة لك لكن يوما ما ستستيقظين وتدركين انك بحاجة الى شيء آخر..
شيء دائم وقوي وثابت.وقلبك يطالبك به ولن تستطيعي ان تقاوميه وحينها لن تهتمي بالغزل الوقتي والمشاعر العابرة لأنها لم يعد لها مكان.
كم تمنت آنجي ان تصدق مايقوله ولكن ذكريات الماضي المريرة منعتها.
غريزتها الطبيعية كانت تدفعها لحماية نفسها من الخطر.
قالت بهدوء:
_هكذا تظن انك فهمت كل شيء.
_ليس كل شيء ولاأدعي ذلك.ولكني اظن اني اخيرا قد سلكت الطريق الصحيح وأفضل ان استمر في هذا الطريق مع شخص أحبه.
وألا مافائدة الحياة؟ولماذا نحاول ان نتطور ونتحسن اذا كنا نعيش في اناء مغلق بمفردنا؟
لقد ارتكبت نصيبي من الأخطاء ولقد عانيت ايضا واحسست بأن قلبي تحطم ولكني لن اسمح لمتاعبي وسوء حظي ان تمنعني من ان احب واعيش مرة اخرى.
_وانت تظن اني اقبل ان افعل هذا الآن؟
_بلى هذا ماأظنه بالضبط..انك تحبين ان تتقوقعي على نفسك وان تعذبي نفسك مع عزيزك البيطري افضل من ان تعيشي بحق.
_لم يكن هناك من داع لأن تقول ذلك.لأنه قول لاجدوى منه وقاس ايضا.
_صحيح غير مجدي،لكنه حقيقي،لقد انتهى الوقت الذي تتقوقعين فيه على نفسك.
لقد وصلت ياآنجي وسأطلق صفارة نهاية المبارة.
لقد تغيرت القواعد وعلينا ان نعيش وستنصتين الي وستكتشفين انني على صواب والا فلن تصعدي الى السماء كلما لمستك.
لست في حاجة لأن تعترفي لي وانما يجب ان تعترفي لنفسك.
_انت تعرف كل شيء اليس كذلك؟اخبرني اين تعلمت كل ذلك؟هل تقرأمجلدات فلسفيه بين المباريات؟
_طبعا لا فلدي ماهو افضل كي اعمله..آسف لأنني جرحتك لكنك تعلمين في اعماقك انني على حق.
_ومن تكون حتى تخبرني بما يدور في قلبي؟عندما احتج لنصيحتك سأطلبها منك لاكن لاتكن لحوحا ياليوك.
اعتقد من الأفضل ان تذهب فقد تأخر الوقت.
_حقا؟
وقف أمامها ولمس ذراعها فأحست آنجي بأن كل جسدها مفكك.من أين له هذا التأثير عليها؟
_هل تريديني حقا ان ارحل؟
_اعتقد بأنا تحدثنا بمافيه الكفايه.
_وانا اعتقد ذلك ايضا..
رن جرس الهاتف.نزعت آنجي عينيها من عينيه لترد لكنه قال:
_دعيه يرن وسيتصلون بك مرة آخرى.
رفعت السماعة:
_آلو.
_آنجي هل ايقظتك؟اردت ان اعرف فقط بأنك عدت سالمة.
_أوه..مساء الخير ياسبنسر..نعم..نعم..بالتأكيد.
زمجر ليوك بصوت قوي وهو يقطع المطبخ ذهابا وأيابا:
_انه الطبيب الطبيب طبعا ومن يكون غيره!
غطت آنجي اذنها حتى تستطيع ان تسمع سبنسر وهي تحمدالله على انه لم يسألها ان كانت بمفردها.
كان سبنسر يحكي لها وقائع الولادة بمنتهى الدقة والتفاصيل،سالها:
هل تحبين ان أمر عليك اثناء عودتي؟انت في طريقي.
ردت عليه بلهجة قلقة:
_لا..أفضل الا تفعل وسأتصل بك غدا ليس في وقت مبكر حتى تكون قد حصلت على قسط كاف من النوم.
همهم ليوك:
_ياللطبيب المسكين!لابد ان يرتاح حتى يكون بصحة جيدة غدا.
نظرت آنجي اليه نظرت لوم تجاهلها.
سمعت سبنسر :
_آنجي؟انت لست بمفردك؟
_لا انه ليس سوى ليوك وايلدر.
رد ليوك وقد بدا عليه الضيق:
_ليس سوى ليوك وايلدر الذي يمنعك من النوم..
رد سبنسر ولحسن الحظ لم يسمع ماقاله ليوك:
_سنمتطي الخيل غدا..اليس كذلك؟
_بلى طبعا.
كانا تقريبا كل يوك أحد يقومان بالنزهة فوق الجياد وعادة ماكانت تنتظر آنجي هذه اللحظة بلهفة لكن هذه المرة تلقت الامر بحماس فاتر.
_حسنا نامي جيدا ياآنجي ولاتدعي من معك يجعلك تسهرين لوقت متأخر.
_اطمئن انا أوشك ان اقع في النعاس.
قاطعها ليوك:
_وذلك لم يكن ليحدث لولا ان قاطعنا هذا التعيس.
تمنت آنجي ليلة سعيدة لسبنسر ثم اغلقت السماعة.
_هل تتفضل بأنهاء هذه الكوميديا ياليوك؟فأنت تتصرف كطفل فاسد!طفل في الثالثة من عمره قد يكون اكثر ادبا منك!
_هيا..هل انتهيت؟هل هدأت؟بعد دقيقة واحدة ستجعليني أهرب.
_بالضبط..ارحل سيد وايلدر لقد اكتفيت من رؤيتك حتى الآن.
اخذت معطفه من فوق المقعد والقت به في وجهه وقالت:
_ها هي اشياؤك وباب الخروج من هناك.
فتحت الباب على اتساعه وابتعدت لتسمح له بالمرور.
سألها بلهجة غضب وعدم تصديق:
_هل يضايق ان ارتدي معطفي هنا؟.
_هناك مقعد في الشرفة افعل ماتريد.
نظر اليها وهو مذهول ثم حمل معطفه وخرج وسط الليل المثلج وهو يزمجر:
_شكرا على كرم ضيافتك..
قالت وهي تتلعثم:
_تصبح على خير ليوك.
اغلقت الباب وراءه.
كانت منهكة فأسشندت ظهرها الى الجدار واغلقت عينيها فترة.
لقد كان ليوك على حق ان معركتها الوحيدة هي التي يجب ان تشنها على نفسها.
أنت تقرأ
روايات عبير / سهرة الأحلام
Romanceالملخص: صاحت انجي:لماذا تصرخ هكذا! هل هذه طريقتك للتخفيف عن المرضى ..أم.. قطعت آنجي حديثها حينما فاجأتها عطسة عنيفة. صاح هادرا: انا لاأصرخ!عودي الى الفراش فورا..ام هل يجب علي ان احملك على كتفي؟ _انا قادرة تماما على الصعود بمفردي ياليوك..انني.. فاجأ...