الفصل الأول

2.2K 281 277
                                    

  «إنهم دائمًا يحاولون جعلك محطمًا، لماذا إذًا لا تُظهر ابتسامتك الرائعة وتخبرهم دائمًا أنّكَ لا تهتم؟»

باسم الله🌼

----

«لِماذا لا تفعلين ما هو مفيد في هذه الحياة التي تعيشينها؟ تظلّين تشترين ذلكَ الهراء الذي يُسَمَّى بالكتب، وتلعبين مثلَ طفلٍ في الخامسة، ألم تدركي بعد أنّكِ فتاة بالسادسة عشر من عمرك؟»

أجل، هذا هوَ أبي، وهذه هي حياتي، يتَّهمُني بالغدر عندما أشتري كتبًا عديمة الفائدة عندما أقومُ بقراءتها، يخبرني دائمًا بكوني فتاة كبيرة، وهذا أكثر شيء يجعلُني أبغض كوني فتاة بسن المراهقة؛ لأن كل طرق الحرية تبدأ بالانغلاق أمام وجهي.

«ابتعدي قبل أن أفقد صوابي أكثر.» يكمل أبي حديثه، فآخذ كتابي وأعقد رباط حذائي المهترئ، وأبتعد خارجة من المنزل، فأبدأ بالسير ببطء، والهواء البارد يداعبُ وجهي. أجلس عند موقف الحافلات، أنتظر الحافلة التي ستوصلني للمدرسة، أنظر لذلك الحي الفقير الذي أعيشُ به، والباعة الذينَ يفتحونَ متاجرهم باكرًا، وآخذ نفسًا عميقًا عندما أرى الحافلة تبدأ بالاقتراب لأستعِدّ جيدًا لتلكَ السُخرية الصباحية كالعادة.

----

«أنا أشفقُ عليكِ أيتها الفقيرة، لا أعرفُ كيفَ تستطيعينَ النظرَ للمرآة صباحًا.»
تكلمت كريسيدا، وهي تنظر لي تلكَ النظرة المشمئزة، فأغلق خزانتي، وتكمل وسط النظرات الساخرة من بعضهم.

«لحظة! هل لديكِ مرآة في المقام الأول؟»

أكملت بضحكة ساخرة، فحملت دفتري بألم، أحاول التماسك وإِخفاء دموعي كي لا أزيد الطين بِلّة، أذهب بهدوء كعادتي؛ فأنا لستُ بتلكَ القوية التي تدافع عن حقوقِها، فقط أصمت وأذهب وسط دموعي التي توشك على الهطول.

----

«أمي، سأخرج قليلًا». أتحدّث وأنا أضعُ دفتري الوردي فوقَ الطاولة وما زلتُ أرتدي حذائي المهترئ.  «حسنًا عزيزتي، لا تتأخري» أجابت بصوتها الحنون الذي يتداخله بعض التعب، أذهب وأنا أقود دراجتي الزرقاء المهترئة -كما يقولون-، الشمس على وشك الغروب، أحاول أن أرى حياتي السعيدة ولكن لا أستطيع، لا أرى شيئًا سوى تلكَ السخرية بسبب شعري المجعّد وفقري؛ أبي الذي يحاول دائمًا أن يريني عيوبي قبل الأشياء الجيدة التي أمتلكُها، أنا أعترف بأنهُ حنون في بعض الأحيان، ولكن هذه الأحيان السيئة الأخرى تجعلُني لا أرى شيئًا سوى حياتي التي تشبه الجحيم، ربما لم أعد تلكَ الفتاة الصغيرة التي تبتسم وتسير للأمام.

أناستازيا  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن