24

92.9K 1.9K 359
                                    


قبضت أصابعها الرفيعة على ستارة نافذتها و قد أوشك الرعب على أن يخطف منها آخر أنفاسها المعذبة و هي تسمع صراخ عاصم المجنون

( افتحو البوابة ............. )

لم تدري بأن عيناها اتسعتا ذهولا و شفتيها انفرجتا بهمسةٍ واحدة تكررت بدون وعي

لا .... لا ..... لا .....

لكن بالطبع كان أمر عاصم رشوان لا يقبل المعارضة , ففتحت البوابة أمام عينيها المذعورتين

لتشاهد الثور الهائج يدخل دون تردد من البوابة الى حديقة البيت !!!

و في لحظاتٍ كان عاصم أمامه ولم تلمح حتى قبضته التي انطلقت كسهمٍ خاطف الى وجه جاسر دون أن يسمح له بالكلام .....

شهقت حنين عاليا وهي تغطي فمها بيديها ... وهى ترى جاسر يرفع الماسورة الحديدية ينوي ضرب عاصم بها الا أن عاصم أمسك بمعصمه المرفوع عاليا و ثبته قبل أن ينزل بالماسورة اليه .... و عاجله برفع ركبته الى معدة جاسر بأقصى قوته ....

حينها رأته حنين ينحنى الى الأمام مندفعا ليسقط على ركبتيه أرضا .... يبدو منذ أن دخل من البوابة و كأنه يترنح و لا يقوى على الهجوم أو العراك ... حاله كحال مالك حين رأته

لقد تعارك في الصباح بدمويةٍ الى أن أنهكه التعب .... ثم عاد ليلا يتصور أن بإمكانه أن يأخذها من جديد .... من وسط بيتها و من بين أهلها !!! ....

شاهدت دخول رجلين من رجال عاصم مهرولين .... الا أنه رفع يده مانعا اياهما من التدخل فتراجعا بتوجس ....

بينما أخذ عاصم يدور ببطء متعمد حول جاسر الملقى أرضا وهو يحاول جاهدا أن ينهض مع كل الكدمات في جسده ..... وما أن نهض على ركبتيه و يديه حتى ركله عاصم في معدته مرة أخرى ليلقيه أرضا وهو يصدر صوتا كخوار الثور .....

بهتت ملاح حنين تماما وهي تشاهد عاصم يوالي ضرباته الى جاسر الذي يحاول جاهدا تحملها ....

الأصوات المتداخلة وصلت اليها مع صوت الرياح البسيطة .... تأتي متباعدة لكن واضحة ... بكاء زوجة عمها عاليا و صراخها باسم عاصم .... صراخ صبا المجنون به أن يتوقف قبل أن يقتله ..... صوت عاصم وهو يعدد له جرائمه في حق ذلك البيت الذي يدنسه الآن بمجرد تواجده ملقيا على أرضه ...

لم يكن عاصم يصرخ .... لكن حنين كانت تسمعه بوضوح , كل فعلِ فعله في حقها و في كرامتها و في شرفها .. كان عاصم يردده ... و كأنما كانت تستقي القوة من تسجيل عاصم لشريط كل ما مرت به من خزيٍ خلال عشر سنوات ...

ومع كل جملةٍ ينطقها عاصم كان يعود لضربه من جديد .....

رفعت حنين يديها من على فمها ... ومدتهما لتتلمس بهما زجاج النافذة , و خلال لحظات كانت شفتها تلتوي ببطءٍ و بقسوةٍ فيما يشبه ابتسامة .....مجرد التواءة صغيرة , عكست احساس من التشفي بداخلها لم تشعر به من قبل تجاه أي مخلوق ... وكلام عاصم الواضح لا يمنحها الفرصة لتهذب مشاعرها الخائنة .....

بأمر الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن