هرعت البائعة راكضة , شهقت أليزابيت وسقطت على ركبتيها وأطلقت ماجدا وتمزي صرختي فزع , بينما صاح آرثر:
" أرجعوا الى الخلف ! أعطوني كرسيا".
أسرعت البائعة الخائفة تحضر كرسيا , بينما جثا آرثر على ركبتيه بجانب ليزا وفتح ياقة معطفها , ثم حضنها بين ذراعيه وحملها وأجلسها على الكرسي , أخذ يقوم ببعض الأسعافات لأعادتها الى وعيها , أخيرا تنفس الصعداء عندما تحركت بين يديه وأطلقت أنة ألم طويلة.
همس قائلا:
" هل أنت بخير؟ لا تخافي يا حبيبتي".أقتربت ماجدا تحمل زجاجة بيدها وتقول:
" أليك بعض الأملاح المنعشة".
تناول آرثر الزجاجة , فتحها وقربها من أنف ليزا... أطلقت أنة ثانية وأبعدت الزجاجة عنها وهمست بصوت ضعيف:
" ماذا حدث؟ هل أغمي عليّ؟".
قال آرثر وهو يقرب منها كأس ماء:
" أظن ذلك , أشربي بعض الماء ".
بعد لحظات أخذت ليزا نفسا طويلا وهي ترتعش بقوة وقالت متلعثمة:
" خذني الى البيت يا آرثر ... أشعر بأنني مريضة .... أنا خائفة".
" لا تخافي , سنأخذك الى البيت حالما تستطيعين الوقوف على قدميك ,لولا ضيق السلم لحملتك بين يدي الى الأسفل".
بعد قليل تحاملت على نفسها وأخذت تجر قدميها جرا , مستندة على كتف آرثر الذي نزل بها الى الطابق الأرضي بتأن ولطف , جمعت كارين الحقيبة والرزمة اللتين سقطتا من ليزا , وتبعت الجميع وهي تهتز وتوشك أن تهار , تمنت لو أنها تستطيع الهرب من المتجر تحمل معها كآبتها وتشاؤمها.
أبدت صاحبة المحل التجاري أهتماما شديدا بما حدث , وعرضت عليهم أستدعاء الطبيب , غير أن آرثر أعتذر قائلا أن من الأفضل نقلها الى البيت بسرعة.
كانت ليزا بحاجة شديدة الى الراحة , فأستلقت على المقعد الخلفي للسيارة , وأنطلق آرثر ترافقه أليزابيت , على أن تتبعهم كارين برفقة ماجدا وتمزي.
وصلت كارين الى البيت بعد ساعة من وصول آرثر وهي لا تزال تشعر بالخوف والكآبة , الخوف من لقائها به , دخلت القاعة بخطى متباطئة متوجهة الى غرفة االجلوس , كان آرثر يجلس بجوار الموقد , لا يبدو على ملامحه شيء مما يعتمل في صدره , وعندما رآها قال بصوت لا يبعث على الراحة:
" بدأنا نقلق عليك".
أشاحت كارين بنظرها عنه وسألت:
" كيف حال ليزا؟".
أجابتها أليزابيت التي كانت غارقة في مقعدها المريح بجوار النار :
" أظنها نائمة الآن , أتجهت الى سريرها حال وصولنا ولم ترض أن تتناول طعاما أو شرابا , كذلك لم توافق على أستدعاء طبيب , أقلقني جدا ما أصابها اليوم".
هزت كارين رأسها وتابعت أليزابيت حديثها:
" ما أصاب ليزا مثير للقلق حقا , أنطفأت فجأة كأنطفاء النور , وعندما أستفاقت من أغمائها بدت مخيفة ... وجه أبيض كوجوه الموتى , ليتها تسمح بأجراء فحص شامل لها".
تنهد آرثر وقال:
"أصبحت ليزا كبيرة الآن , دعيها تفعل ما يناسبها , أعرف أن من الصعب عليك ألا تتدخلي بشؤون بالرغم أن من الصعب عليك ألا تتدخلي بشؤون أولادك بالرغم من أنهم غدوا كبارا , لكن عليك أن تحاولي".
ثم ألتفت الى كارين وشملها بنظرة ساخرة وفاجأها بقوله:
" ألا تودين أن يكون لك طفل صغير يا حبيبتي؟".
أحست كارين بأنقباض شديد , ودت لو تضربه , ودت لو تستطيع أن تعيد اليه بعض تلك الكلمات اللاذعة المؤلمة التي يوجهها اليها دائما , جمعت قبضة يدها وأرتجف صوتها عندما أجابته قائلة:
" في الوقت الحاضر لا, وأظن أنك تشاركني مثل هذا الشعور".
تدخلت أليزابيت بالحديث وقالت:
" آرثر ! هل أنت مشتاق لأن تجعلني جدة؟".
" ألا تروق لك الفكرة؟".
" بالطبع! أنني أحب كثيرا أن أحضن حفيدي الأول بين ذراعي قبل....".
لم تكمل أليزابيت قولها بل غيرت الموضوع وسألت:
" آرثر , هل أدخلت جميع الأغراض التي جلبناها معنا؟".
" كلا , لا تزال في السيارة , سأذهب لأحضارها".
خرج من الغرفة وخيم الصمت , شعرت كارين أن الجو مناسب لأن تقدم الهدية الى أليزابيت , أخرجت الجرس الزجاجي من حقيبتها وقدمته اليها.
تجلت السعادة على وجه أليزابيت التي وقفت لتقبل كارين...وصاحت:
" آه يا عزيزتي ! ما هذه المفاجأة السارة! كم أنا محظوظة بهذه العائلة المنحبة".
كانت كارين تعرف أنه من الصعب ألا يحب الأنسان أليزابيت , أحست بدموع المودة تتسرب من عينيها عندما أمسكت بدورها هدية أليزابيت , الطائر الزجاجي الأزرق , وقالت:
"أنه طائر أسطوري !".
أجفلت فجأة عندما شعرت بحركة خلفها , لم تسمع خطوات آرثر الخفيفة على السجادة , بل أحست بأنفاسه على شعرها , وقف ينظر الى الطائر الأزرق الذي كانت تمسكه بكلتا يديها , وسمعته يقول:
" أحذري أن يطير منك".
نظرت اليه أليزابيت موبخة:
" ألا تستحي أيها الساخر الماكر!".
ثم ألتفتت الى كارين قائلة:
" تجاهليه عندما يضايقك يا كارين ".
لم تقل كارين شيئا , بل تقدمت الى الكوة الصغيرة بجانب الموقد حيث تضع أليزابيت قطعها الثمينة ,ووضعت الطائر الأزرق فيها , وعندما أستدارت شاهدت آرثر يقف بجوار أليزابيت وعلائم التجهم بادية على وجهه , وهو يقول:
" من الأفضل أن تنامي مبكرة هذه الليلة , لتكوني مستعدة لأجراء الفحوصات اللازمة كما تعلمين".
كست الكآبة وجه أليزابيت , تنهدت ثم قالت:
" أخصائي جديد؟ هل هذا ضروري؟".
" نعم".
كانت لهجة آرثر حازمة , تردد قليلا ونظر الى ساعته , بغتة قال :
" يجب أن أغادر البيت الآن".
" لكن لماذا.......؟".
هز رأسه , وأنحنى يقيب أليزابيت المستغربة من مغادرته المفاجئة وقال:
" أرجو معذرتك يا ماما , أنا في حالة تدعوني الى الخروج قليلا".
وقبل أن يغادر الغرفة ألتفت الى كارين وأردف:
" لا تنتظرينني , من الممكن أن أتأخر".
أنت تقرأ
غفرتُ لك !
Romanceمن منتديات روايتي الثقافيه غفرت لك - مارغريت هيلتون- روايات عبير القديمة الملخص الاخلاص فضيلة كالذهب, نبحث عنها ونادرا نجدها .ولكن الاخلاصايضا بوصلة عمياءوسط البحار قد تقود صاحبها الى شواطئ غير مرغوب فيها, كأية فضيلةأخرى يساء فهمها. كارين رادكليف...