أستيقظت كارين في وقت متأخر من صبيحة اليوم التالي لتجد نفسها في سريرها والى جانبها قدح من الشاي.
كانت وحيدة في الغرفة فالسرير المجاور كان خاليا من صاحبه , تذكرت حادثة ليلة أمس فشعرت بالأشمئزاز وغالبت في نفسها الميل الى الغثيان , أحست ببعض الرضوض المؤلمة وبصداع في رأسها , وبأنحطاط شامل في معنوياتها.
نزلت عن سريرها وأرتدت ثيابها , وأخذت تسرح شعرها بدون أعتناء , نظرت الى المرآة فهالتها الزرقة تحت عينيها , لا يمكنها حتما أن تنزل الى القاعة وهي على تلك الحال! تبدو مخيفة! جلست أمام المرآة تغلبها الحيرة , ماذا تفعل لتزيل آثار الكدمات عن وجهها ؟ فجأة سمعت طرقا خفيفا على الباب.
لا يمكن أن يكون الطارق آرثر , فهو ليس من الدماثة بحيث يطرق على الباب ... نظرت الى الباب وأنتظرت هنيهة ,من الطارق يا ترى؟ أخيرا هزت كتفيها وهتفت بصوت متعب:
" أدخل".
كانت ليزا , تقف بوجه شاحب ويدين نحيلتين تمسكان بطرفي عباءة نومها , نظرت خلفها قبل أن تغلق الباب , كأنما تخشى أن يراها أحد , حملقت كارين مستغربة وسألتها:
" ماذا بك؟ هل تحسين بشيء؟".
هزت ليزا رأسها وقالت متجهمة:
" ليس أكثر من المعتاد ... رغبت أن أتحرك قليلا , رباه لو بأمكاني أن...".
أسرعت كارين نحوها تتجلى في عينيها تعابير الخوف:
"ليزا ! هل تفكرين أن.....".
" كلا , أنا لا أفكر بشيء ما تتوهمين".
وجلست ليزا على طرف السرير ودفنت وجها بين راحتي يديها وتابعت حديثها:
"أنا خائفة جدا , تعرفين بأنني من أولئك الناس الذين يتركون الأمور مهما كانت سيئة تسير على هواها , أملا في أن تتحسن في النهاية , لذلك فأن خوفي الآن ليس على نفسي... هل أنت بخير يا كارين؟".
نظرت كارين مستغربة:
" ماذا تعنين يا ليزا؟".
وقفت ليزا وأخذت تذرع الغرفة جيئة وذهابا ثم قالت:
" سمعتكما الليلة الماضية , وتساءلت ... هل كان آرثر ثملا؟".
حاولت كارين أن تخفي الرعشة التي ألمت بها , ورفعت رأسها بكبرياء تدوعو الى الشفقة وقالت:
" بالطبع لا! لا شك أنك تخيلت ما تظنين أنك سمعته".
أجابت ليزا بصراحة:
" كلا لم أخيل , بعد أن تركتني ليلة أمس لم أستطع النوم , نزلت من غرفتي والألم يعصر معدتي والبرد يتغلغل في أطرافي , فكرت أن أتناول شرابا حارا , وأذا بآرثر يدخل فشعرت بخوف شديد".
" خفت؟ لماذا؟".
" كان ثملا , وأنا أعرفه جيدا , أنه عنيف لا يتورع عن أرتكاب أي فعل وهو على تلك الحال ... تركته وصعدت الى غرفتي , وبعد ذلك... كارين عل الأمور على ما يرام؟".
حاولت كارين جاهدة أن تحافظ على هدوء صوتها وهي تجيب :
" لماذا لا تكون كذلك؟ حدثت مشادة بسيطة بيننا , هذا كل ما هناك".
" أتمنى أن يكون ما تقولينه صحيحا".
" ليزا ما الذي ترمين اليه؟".
أدرات ليزا ظهرها الى كارين ووقفت أزاء النافذة وسألت:
" كارين هل حدث شيء بينكما وأنتما في جنوب أميركا؟ لأنك على ما أعتقد تركته هناك ورجعت الى لندن".
" ماذا تقولين؟ هذا غير صحيح".
أستدارت ليزا وقالت:
" رأيتك في أحد الأيام , منذ سنة تقريبا , وحاولت اللحاق بك لكن الشارع كان مزدحما فغبت عن نظري".
أحست كارين بأرهاق شديد , أخذت شفتها ترتجف فحاولت أن تتغلب على ضعفها , لماذا تصر على الأنكار بعد كل ما حصل؟ نظرت الى ليزا وقالت:
" أن كنت لا تعرفين القصة بعد ,فأنا لم أذهب الى جنوب أميركا قط , لكن آرثر أصر أن يظل الأمر سرا , لأنه لا يريد أليزابيت أن تعرف بأننا أفترقنا ولالماذا أفترقنا , نحن هنا فقط لأن الأطباء قالوا.......".
صمتت كارين ولم تكمل جملتها الأخيرة , شهقت ليزا ورفعت يدها الى فمها ثم قالت:
" أذن فالمسألة تتعلق ..... تقصدين......".
" أقصد أن كل شيء أنتهى , زواجنا أنتهى , كل ما بيني وبين آرث أنتهى".
نظرت ليزا بعينين مرتعبتين الى كارين وقالت:
"لماذا ... لماذا لم خبريني؟".
" ما الفائدة؟ هل كان بمقدورك أن تفعلي شيئا؟".
أستدارت ليزا ثانية وأخذت تنظر من النافذة , ظلت صامتة ثم همست:
" هل أكتشف آرثر شيئا؟".
" تقصدين الصورة التي نشرت في الصحيفة؟".
" ألم تخبريه؟".
" كلا , سألني فأنكرت , لكنه لم يصدقني".
أرتجفت ليزا وهي تقول:
" يا ألهي , أية مصيبة هذه! ماذا بأمكاننا أن نفعل؟".
أجابت كارين بصوت ثابت:
" لا شيء".
ردت ليزا بصوت مختنق:
" كارين , أنا آسفة جدا , أتمنى لو أن بأمكاني......".
لم تعد كارين تقوى على الأحتمال , فقاطعتها قائلة:
" فات أوان التمني , ليس بمقدور أحد أن يفعل شيئا الآن , لم يعد آرثر يحبني أو يثق بي , وأنا لا أعتقد أن بأستطاعتي أن أحبه من جديد".
قالت ذلك وهبت الى معطفها ومحفظتها فحملتهما , وغادرت الغرفة بسرعة تاركة ليزا تقف يائسة أزاء النافذة.
هبطت درجات السلم وهي ترجو ألا تصادف أحدا في طريقها , لحسن الحظ لم يرها أحد وهي تغادر الباب الخارجي وتسير متجهة نحو القرية , ركبت أول باص صادفها دون أن تعرف الجهة التي تقصدها , كل همها ألأبتعاد عن دلرسبك الى أرض غريبة ووجوه غريبة لا حاجة الى التظاهر والتمثيل....
أنت تقرأ
غفرتُ لك !
Romanceمن منتديات روايتي الثقافيه غفرت لك - مارغريت هيلتون- روايات عبير القديمة الملخص الاخلاص فضيلة كالذهب, نبحث عنها ونادرا نجدها .ولكن الاخلاصايضا بوصلة عمياءوسط البحار قد تقود صاحبها الى شواطئ غير مرغوب فيها, كأية فضيلةأخرى يساء فهمها. كارين رادكليف...