لم تعد كارين تذكر كيف أنتقلت من غرفة أليزابيت الى غرفتها , كل ما تذكره هو ذلك الغضب الذي صدع رأسها وتركها منهوكة مرتعدة , كل ما باتت تراه هو صورة ذنيك الشخصين المتعانقين التي حفرتها نار الغيظ في مخيلتها , كيف تجرؤ ليزا أن تحتضن آرثر بتلك الطريقة الخليعة التي تسخر من كل ما كانت تبديه سابقا من مظاهر الحياء لأخيها وأعجابها به , أليس لديها ذرة من وازع أو ضمير؟
أطبقت يديها بشدة فأنغرست أظافرها براحتي يدها من شدة الغضب , لا فائدة ترجى من أقناع نفسها أن ما شاهدته في الخارج كان نتيجة لألم ليزا وقلقها على أمها , أو تعبيرا عن شعورها بالطمأنينة في هذا الظرف لوجود آرثر الى جانبها , وثقتها بقوته التي يمكن أن تستند اليها عند الأزمات.
كان الأمر أسوأ من ذلك بكثير , فالبعد بين هذه العواطف لأنسانية والعفوية وبين تلك التي أرتسمت على وجه ليزا عند أحتضانها آرثر ... يتجاوز بعد القطبين , وماذا عن آرثر ؟
جلست على طرف السرير وأستغرقت في التفكير , لو أن آرثر كان يجهل طبيعة شعور ليزا نحوه , فأنه ولا شك أصبح يفهمه الآن بعد لقائه بها هذا الصباح.
بغتة أرتفع صوت يناديها ثم أنفتح الباب ,وظهر آرثر على عتبته تتجلى على وجهه معالم الغضب وصاح:
" أذن أنت هنا! لماذا لم تعلميني؟".
هبت كارين واقفة وأنفجرت تقول:
" لماذا لم أعلمك؟ كيف تجرؤ أن تقتحم عليّ الغرفة وتصرخ في وجهي كأنني أحدى تابعاتك ؟ بعد....".
قطع عليها الحديث قائلا وهو يلقي بمحفظته وسترته فوق السرير :
" أما أنك لم تعتبري الأمر خطيرا أو أنك لم تهتمي به أصلا , لو لم تتصل بي ليزا هاتفيا الليلة الماضية.......".
" أذن كانت ليزا! كان عليّ أن أعرف ذلك!".
لأول مرة منذ أقتحامه غرفتها وقف يمعن النظر وكأنه فهم قصدها وسأل:
" كان عليك أن تعرفي ذلك! تعرفين ماذا؟".
" لا حاجة بك الى أن تسأل , أرجع بذاكرتك خمس دقائق الى الوراء لتعرف الجواب".
أفلتت الكلمات المريرة غير المحترسة من فمها دون أن تقوى على كبتها , حملق فيها آرثر وصاح:
" عما تتحدثين بحق الشيطان؟".
" أتحدث عن ليزا ! عن تسللها الى الهاتف بعد أن ناقشنا الموضوع جميعا وقررنا أن الأمر ليس بالخطورة التي تستوجب أستدعاءك".
على الرغم من محاولاتها للمحافظة على أتزانها فأن صوتها كان يرتفع تدريجيا وأردفت تقول:
" وأنا أتحدث عن ليزا التي ألقت بنفسها بين ذراعيك قبل قليل على مشهد من الجميع ! كأنها..... كأنها.....".
لم يقو على الصبر فأتخذ خطوة الى الأمام وأظلمت عيناه ولوى فمه بأحتقار:
"يالله ! أذن هكذا! تعنين أنك رأيت ... أنك أعتقدن...!".
وشهق مهتاجا وأفلتت منه ضحكة خشنة وتابع :
" من المستحيل تصديق ذلك".
" أحقا؟".
صر بأسنانه وقال:
" لماذا لا تقولينها أذن؟ لماذا لا تتهمنينني صراحة بحب ليزا ؟".
أحست بالخوف من العنف الذي تجلى في صوته , لكنها واجهته بكبرياء وقالت:
" لم أذكر ذلك".
" لكن كلماتك تتضمن ذلك".
جمع قبضة يده كأنه يهم بضربها وأردف:
" يا ألهي! كثير أن يصدر عنك أنت بالذات من دون كل الناس مثل هذا القول!".
تراجعت كارين ,كانت كلماته أشد وقعا عليها من السياط وأستدارت خوفا من أن يرى دموعها , لكنه أدركها وأمسك بذراعها ثم أرغمها على الأستدارة نحوه , نظر اليها مليا يتفحص تقاطيع وجهها المتألمة , شفتيها اللتين تلاشى لونهما ,عينيها اللتين تتجنبان مقابلة عينيه , عنقها الذي ترتعش نبضاتها في عروقه , ثم خلى سبيلها بغتة فترنحت موشكة على السقوط ,وقال:
" يا للشيطان! الغيرة أعمت بصيرتك!".
" ممن ؟ من ليزا؟ أبدا!".
ثم نظرت اليه بقوة وصاحت:
" لما كانت ليزا قد أستدعتك بهذه السرعة , أليس من الأفضل أن تذهب لرؤية أليزابيت وتطمئن عليها بنفسك؟".
" هل أستيقظت؟".
" ستجدها تتناول أفطارها , لم نهملها لحظة منذ أدرت لنا ظهرك , أننا نحب أليزابيت كما تعرف".
أنت تقرأ
غفرتُ لك !
Romanceمن منتديات روايتي الثقافيه غفرت لك - مارغريت هيلتون- روايات عبير القديمة الملخص الاخلاص فضيلة كالذهب, نبحث عنها ونادرا نجدها .ولكن الاخلاصايضا بوصلة عمياءوسط البحار قد تقود صاحبها الى شواطئ غير مرغوب فيها, كأية فضيلةأخرى يساء فهمها. كارين رادكليف...