كلمة المنفعة
الإنسان الروحي يتتلمذ على كلمة المنفعة ، يبحث عنها من كل مصادرها : من الكتاب المقدس أولا ، ومن أقوال الآباء ، ومن المعلمين الموثوق بهم ، ومن اى مصدر ، حتى لو كانت كلمة من فم خاطى ولكنها نافعة …
من ذلك قصة مارا فرام السرياني والمرأة الناظرة إلية :
هذه المرأة نظرت الى القديس مارا فرام ، واطالت التطلع اليه وتركيز نظرها عليه حتى خجل ، وسالها لماذا تثبت نظرها عليه هكذا ؟ فاجابته : [ هذا شئ طبيعى ان انظر الى رجل ، لان المرأة عندما خلقت اخذت من جسم رجل . أما أنت مكان ينبغى ان تنظر الى الأرض ، لانك اخذت من تراب الأرض] … فانتفع القديس من كلمة المرأة ، وتدرب ان ينظر الى الأرض … وهناك مثال آخر بنفس الطريقة وه
انتفاع القديس انطونيوس من كلمةالمراة التى خلعت ملابسها ، ونزلت أمامه لتستحم!
قال لها : [ ياامراة ، أما تستحين ان تخلعى ملابسك امامى ، وانا رجل راهب ؟!] فاجابته المرأة : [ لو كنت راهبا لسكنت فى البرية الجوانية ، لان هذا المكان لايصلح لسكنى الرهبان]. فانتفع القديس انطونيوس بكلمتها جدا وقال لنفسه : [ هذا صوت الله الى أرسله على فم هذه المرأة] . وقام ودخل الى البرية ..
كان الناس فى القديم يعبرون البر والبحر فى سفر طويل ، لكى يسألوا احدالاباء عن كلمة منفعة .
وبستان الرهبان حافل بقصص من هذا النوع . رحلات بلاديوس وجيروم وروفينوس كلها من هذا النوع . وقد خلفت لنا كتبهم تراثا ثمينا نفع العالم روحيا …
ولم يقتصر الامر على الصغار آو العوام ، بل حتى الكبار ايضا فى مراكزهم كانوا يلتمسون كلمة المنفعة .
مثل القديس البابا ثاؤفيلوس (البطرياك 23) الذى كم من مرة كان ياتى الى الأديرة ليأخذ كلمة منفعة من الرهبان القديسين . وقصصه معروفة فى زيارة الانبا ارسانيوس ، وفى زيارة الانبا بفنوتيوس . كذلك زيارة القديس البابا بنيامين ( البطريرك 38) للأديرة وأماكن المتوحدين . والمعروف ان القديس اثناسيوس الرسولى كان يتتلمذ على القديس انطونيوس الكبير .
نسمع عن القديس مقاريوس الكبير انه طلب كلمة منفعة من الصبى زكريا!!
فتعجب الصبى وقال له : [ أنت يا ابى كوكب البرية ومنارها ، تطلب منى كلمة أنا الصغيرة أن ؟!]فإجابة القديس مقاريوس فى اتضاع : [ أنا واثق يا ابنى بالروح القدس الذى فيك ، ان عندك شيئا ينقصنى ان اعرفه]. ونسمع عن القديس مقاريوس ايضا انه اخذ كلمة منفعة من صبى كان يرعى بقرا …
ان التلمذة لا يعوقها السن آو المركز ، وطوباه من يحيا تلميذا طول حياته ..
مشكلتا أننا نظن أننا نعرف ، أو أننا وصلنا الى الحد الذى لا نحتاج فيه ان نسال آو أن نتعلم … بينما نجد جماعة مثل رسل السيد المسيح يسألونه مرة قائلين : " علمنا يأرب ان نصلى " ( لو1:11). من من الناس لم يكن يعرف كيف يصلى ؟! الكل يعرفون .. أو يظنون انهم يعرفون… ولكن الرسل سالوا عن امر يبدو واضحا ! وكانت النتيجة ان الرب علمهم الصلاة الربية، وكانت منفعة …
من هنا كان من صفات التلمذة :ألا تضاع .
يبدا بشعور الإنسان انه محتاج ان يتعلم ،وان يسال، وان يسترشد. وشعوره ان غيره يفهم اكثر ،وان الله قادر ان يعطى غيره ما يرشده به. انظروا فى أتضاع التلمذة ما قاله القديس بولس الرسول عن نفسه انه تربى وتأدب " عند رجلى غمالائيل " (اع3:22)،إذ ما كان التلمذة يستطيع ان يجلس مع معلمه فى مستوى واحد، وانما يجلس عند قدميه… ومن شروط التلمذة ايضا ان ما تسمعه ، ينبغى ان تحفظه جيدا فى داخلك ، حتى لاتنساه. كما قال داود
النبي : "خبات كلامك فى قلبى ، لكى لا اخطئ اليك"(مز119).
آن نسيان الوصية يوقعك فى الخطية ، وينسيك ما تريد ان تتلمذ عليه من مبادى وقيم . لذلك قال الرب: "ولتكن هذه الكلمات التى أنا اوصيك بها اليوم على قلبك .وقصها على اولادك . وتكلم بها حين تجلس فى بيتك ، وحين تمشى فى الطريق ، وحين تنام وحين تقوم . ورأبطها علامة على يدك ، ولتكن عصائب بين عينيك . واكتبها على قوائم أبواب بيتك وعلى ابوابك "( تث 6:6-9) … كل ذلك لكى لاتنساها.
وهكذا ايضا تفعل حتى لاتنسى تداريبك الروحية.
فانت تتلمذ ، بان تنال معرفة ، ثم تنتقل الى مرحلة التطبيق بالتداريب . وتداريبك تضعها امام عينيك باستمرار، فتكون فى ذاكرتك ، لكى تحذرك كلمات حوربت بكسرها