ذكريات ما وراء القضبان ..

392 13 18
                                    

‎بسم الله الرحمن الرحيم...
‎قال الله تعالى :( ربي السجن احب الي )
‎وقال تعالى: (لنسجننه الى حين )

رحلة  الاردن تقود الى السجن المؤبد...
في ٠٢-٠١-١٩٩٧.. ‎بداية سفري للاردن بصحبة ابنتي (سلوى) لابعثها الى زوجها في كندا.. وفي وسط عمان/الاردن كانت اقامتنا في "جبل الحسين" دوار فراس.. سكنا في شقةٍ متواضعة.. حيث يسكن العراقييون المسافرين والمهاجرين عن بلدهم، والمبعدون من اضطهاد النظام. وهم كُثر ، حيث اطلعت على سكن بعض الشباب في غرفة واحدة والتي في الحقيقة تسع لثلاثة اشخاص ولكن يسكن فيها سبعة عشر شخصا، لطلب الرزق طبعا ...
‎تعرضت خلال السفرة الى امراض منها الام المفاصل وحصى الكلى. والبرودة القارسة مع الام الغربة ... بعد ايام زارني المبعدون العراقيون المعارضون للنظام في الشقة ومنهم السيد العقيد الركن "عامر مخيف" ، والعميد الركن " نجيب الصالحي" ، الصحفي "صباح سلمان" والشيخ "حاچم المحجون" من شيوخ عشائر بني حچيم. وذلك لمعرفة احوالي وكونهم يعرفون عشيرتنا وللاطمنان على صحتي.. ثم صار تبادل الزيارات الى مقر سكناهم في عَمان/الاردن.. والاحاديث المتداولة حول اوضاع البلد لانهم فارقو البلد منذ زمن. ومعضمهم محكومون غيابيا بالاعدام ، واخبرني العميد الركن "نجيب الصالحي" : انه تم اعتقال اخيه في المخابرات العراقية قبل فترة وجيزة للضغط عليه في سبيل الرجوع للبلد. وقد أُفرج عنه بعد الاتفاق معه مع المخابرات العراقية بأن يذهب الى اعمامه الصوالح ويخبرهم بأن عميد "نجيب الصالحي" ارسلته الدولة لأختراق المعارضة. وبنفس الوقت تسقيطه ، واسمعني "نجيب الصالحي" "كاسيت" تسجيل.. بصوته عن كل الاجرام والاعدامات التي قام بها "صدام" تجاه الضباط والناس الاحرار وقد ثبت هذه المعلومات ودونها في كتابه (الزلزال) .. وطلب ان يصل هذا "الكاسيت" الى بعض اصدقائه في العراق واهله كي يعرفوا الحقيقة عن سبب مغادرته العراق. فقلت له دعنا نفكر بالطريقة السليمة لوصول "الكاسيت" معي.

‎فقال: سأرسله لك بعد وصولك بيد شخص. واعمل منه نسخ .
‎فأجبته: "ربما يكون الشخص الحامل لل"كاسيت" يعمل مع الامن وقلت انا اأخذه معي لكوني استطيع ان اخفيه بطريقة معينة."
هو ان نضع صورة المطرب "كاضم الساهر" على غلاف ال"كاسيت" وندخلها في علبة "حليب نيدو" ... وبما اننا عائلة قدمت تضحيات ضد النظام فمنهم من اعدم ومنهم من سجن ومنهم من التجأ الى خارج العراق، فقد تذكرت قول الشهيد الاول "محمد باقر الصدر" حيث قال : (على كل شخص ان يعمل بالطريقة التي يراها مناسبة للاضرار بالنظام) من هذا المنطلق قررت ان اجلب الكاسيت معي.. ووضعته في وسط الاغراض العائدة لي .. رغم انه اخبرني بأن هذا الكاسيت اذا وقع بأيدي الجلاوزة سيؤدي الى الاعدام..

ذكريات ما وراء القضبانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن