الجزء الرابع

92 2 0
                                    


بعد مدة انزلوني انا ورفاقي الى
‎التحقيق بنفس الطريقة السابقة المذلة للسجين وجلسنا هذه المرة على الارض معصبين العينين.. قال لي احدهم من المخابرات :( نصا.. ابو صلاح هل تقرا القران؟ ) قلت له : احيانا.. قال :(مرت عليك ايه قرانية.. "انه بئس القرين يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين" وكيف تثبت انك ليس بمجرم ولديك حزب؟ اريدك ان تُقسم لنا بسيدنا العباس ) قلت لهم: لماذا لا اقسم بالله تعالى؟ قال:(لا .. تقسم بسيدنا العباس) واعرف ان ضنه باعتقادة باننا نخاف من العباس وليس من الله... فادركت انه ان لم افعل ستصدر منه ما لا تحمل عقباه.. فقلت انفذ له رغبته.. وطبيعة الحال هو قصده الاستهزاء .. وليست لاثبات البراءة.. ثم قال :(اننا نحترم المعلم بهذا وضعناك في الزنزانة.. ونحن لم نعمل شيئا مخالف للمشاعر) والدائرة الشعبة الخامسة قد اكملت التحقيق معنا وارسلت الاوراق التحقيقية كاملة الى دائرة المخابرات.. موقعة من قاضي التحقيق.. ونحن سنرسلكم للمحكمة الخاصة بجههاز المخابرات وهناك تلقون مصيركم، بالمناسبة كل اسبوعين يخرجوننا من الزنزانات الى قاعة مغلقة تملؤها الكامرات ونبقى بملابسنا الداخلية فيها للتعرض لاشعة الشمس.... وكذلك مع البطانيات على رؤوسنا والقاعة مغلفة من الزجاج المظلل من الاعلى .. ممنوع التحدث بين السجناء اثناء خروجنا والسجناء تراهم نحيفي الاجسام صفر الوجوه، وفي احد المرات جلبو شخصا وقالو عنه انه هذا المجرم كان وزيرا للعمل ولقبه الصائغ.. وتهمته انه صرح ان سجون بلادنا مكتضة باعداد مضاعفة من السجناء ولا تكفي البنايات المخصصة بالسجون.. وكما يروي هذا رجل المحابرات انهم وضعو الحذاء في فمه! جراء هذا التصريح... في يوم ١٢/٦ ١٩٩٩ نودي على ارقامنا ثم وضعونا واحد تلو الاخر اهل الدعوة الواحدة عددنا ستة.. ووضعت علينا نضارات العيون وايدينا مقيدة ووضعونا بسيارة ١٨ راكب مغطاة بالبردات قماش وقرأت قطعة على احدى نوافذ الزجاج عبارة (باب الشرقي علاوي) ثم عرفنا باننا سنذهب للمحكمة الخاصة فتحوا اعيننا داخل السيارة لنرى الضوء .. وشوارع بغداد لاول مرة منذ ستة اشهر!!

‎مررنا بساحة الاندلس وثم الكرادة ثم الجادرية وقد كان يومها زيارة الاربعين عرفنا من المذياع داخل السيارة يقرا مقتل الاربعين... ادخلت السيارة داخل كراج بيت كبير.. ثم ادخلنا الى قاعة اجلسنا على الارض ونحن مكبلين بالقيود كل اثنين على حدا.. كان معنا يصطحبون برفقتنا رجال مخابرات مع اجهزة اتصال لاسلكية.. بعدها نودي علينا باجمعنا الى داخل قاعة كبيرة فيها قفص خشبي ضيق جدا تكدسنا فيه ..رأينا منصة يعتليها رئيس المحكمة والى جانبه اثنان مع المدعي العام واخبرونا بان المحكمة وكلت لنا محامي يدافع عنا ، وبجانبه كاتب الضبط ثم بدأو يستجوبوننا بالاسئلة وقرا علينا افاداتنا المثبتة بالشعبة الخامسة.. حيث سمعنا من خلال قراءته للافادات بان هنالك كلام لم نقوله نحن بل هم ثبتوه ولكن ليس لنا حول او قوة...

ذكريات ما وراء القضبانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن